هرعت لها القلوب من كلّ فجٍّ عميق ومن كلّ واد ، وكلّ آية رتّلها من الكتاب كانت رحمة وشفقة ونهج سداد.
أعاد للمرأة كرامتها من بعد ذلٍّ ووأد ، وصار الأسود في ملّته كالأبيض دون كراهية وصد ، وانتزع الغلّ من الصدور بلا رعب وحد. أشبع المسكين الفقير وآوى اليتيم والأسير وعفى عن الآبق المستجير وانتظرت مبعثه كلّ صومعة ودير.
لا تسبّوا آلهة من كفر ، ولا تزيلوا حجراً عن حجر ، لا تهلكوا النسل والحرث من نبت وشجر ، ولا تجهزوا على جريح من بعد كرٍّ وفرّ ذلك هو جيشه الأغرّ وشعاره الأبر الذي ملأ به الوجود حكمةً وعبر في سالف غبر وحال حضر.
فإن كُذّب كان الصّدق سيفه وسنانه وإن صُدّ كان الخلق سجّيته وإحسانه ، وإن حورب كان العفو منطقه وأمانه ، فليهجر بضغنه كلّ متكتّم هامسوليجرأ عليه كلّ متكلّم نابس وليمتلىء عليه غيضاً كلّ متكبّر عابس هجس فنبس واربدّ وعبس ونسب إلى ساحة الرسول الأعظم كلّ رجس وإفكودنس دحراً للحسنات والتزاماً بالسيّئات.
فليس من العجب أنّنا اليوم نرى حملة هوجاء تستهدف الرسول(صلى الله عليه وآله)لتنال من قدسيّته وعظيم شخصيّته. وممّا زاد في الطين بلّة أنّ هناك بين المسلمين وجوهاً لا تُرى إلاّ عند كلّ سوءة ، غوغاء إذا اجتمعوا غلبوا وضرّوا وإذا تفرّقوا لم يعرفوا ونفعوا ، يحرقون الأخضر واليابس ، ويخلطون الحابل بالنابل ، نفوس مريضة تتستّر بأسماء برّاقة وزخرف القول ، جهّال متنسّكون ، ضلّوا وأضلّوا ومضوا في طخية عمياء حيث لم ترسم للرسول ورسالته السمحاء إلاّ صورة شوهاء عجفاءمتعسّفة هزيلة عشواء ، قوم كانوا لمدار الفتن كالقطب من الرحى أمروابالمنكر ونهوا عن المعروف فلبئس المنتحى ، لبسوا الحقّ بالباطل وقتلوا النفس التي حرّم الله.
هيئة التحرير