أدري أين قبر محمّد ، فيرتفع منه عمود من نور إلى عنان السّماء ، فيبكي جبرائيل بكاءً شديداً ، فيقول له ميكائيل : وما يبكيك؟ فيقول له : أوتمنعني من البكاء وهذا محمّد يقوم من قبره ويسألني عن أمّته وأنا أدري أين أمّته. قال : ثمّ ينصدع القبر ، فإذا محمّد قاعد وينفض التراب عن رأسه ولحيته ، ثمّ يلتفت يميناً وشمالاً فلا يرى من العمران شيئاًفيقول : يا جبرائيل بشّرني ، فيقول : أبشّرك بالبراق السبّاق والطائر في الآفاق فيقول : بشّرني ، فيقول : أبشّرك بالتاج. فيقول : بشّرني ، فيقول : أبشّرك بالقصب والحلّتين فيقول : بشّرني بأمّتي لعلّك خلّفتهم بين طباق النيران ما رأيتهم ، وإنّهم بعدهم في لحود ... إلى آخر الحديث.
اختصر الخبر الطويل(١) بذلك ، حتّى تعلم شفقته إليك بمحبّته واتّباع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) جاء في بعض المصادر تكملة هذا الخبر : «فيقول : إذ لعلّك تركتهم على شفير جهنم ، أو لعلّك تركتهم في أيدي الزبانية. فيقول : ما رأيتهم ، ولكنّهم بعد في لحودهم ، وما انشقّت الأرض عن آدمي قبلك. فيقوم النبيّ(ص) ويخرج من قبره ، ويمسح جبرائيل التراب من رأسه ولحيته ، ويضع التاج على رأسه ، ويأخذ القضيب بيده ، فيدنو إلى البراق ليركبها فتفرّ عنه ، فيقول جبرائيل : أما تستحين أيّتها البراق؟ فهذا محمّد المصطفى(ص). فتقول البراق : وعزّة ربّي وجلاله ، لا يركبني حتّى يضمن لي أن أكون في شفاعته ، فإنّ ربّي غضب اليوم غضباً لم يغضبه فيما مضى ، ولا يغضبه فيما بقي ، فيضمن لها محمّد(ص) شفاعته ، فتخضع برأسها ثمّ يركبها ، فإذا هو بيت المقدّس على درّة بيضاء ، والكعبة بجنبها ، والمساجد حولها ، قال : فيسجد النبيّ (ص) ويثني على الله بما لم يثن عليه أحد قبله ، فيقول له الجبّار : يا محمّد ، فيقول : لبّيك وسعديك ، والخير بين يديك ، والمهدىّ من هديت ، عبدك بين يديك ، لا ملجأ ولا منجى إلاّ إليك ، تباركت ربّنا وتعاليت ـ وهذا هو المقام المحمود في قوله تعالى : (عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً) الإسراء : ٧٩ ـ فيقول تعالى :
ارفع رأسك ، سل تُعط ، واشفع تشفّع ، وإذ نداء : يا رضوان ، زخرف الجنان ،