مؤكّدين بأنَّ أخبار التحريف الموجودة في كتب الشيعة غالبها من كتاب التنزيل والتحريف للسياري الزنديق الزائغ عن المذهب والعقيدة الحقّة ، أو من كتب ضعاف ، أو غيرها من كتب الأخبار لكنّها تُفسّر وتُأَوَل بصورة لا تخدش بحجيّة القرآن الكريم عندهم(١).
ولا يخفى على الباحث بأنّ منزلة تلك الكتب عند الجمهور لم تكن كمنزلة الكافي وتفسير القمّي وأمثالها عند الشيعة ؛ لأنّ الشيعة لا تعتقد بصحّة جميع ما في الكافي أو تفسير القمّي وأمثالها ، بعكس الآخرين الذين يعتقدون بصحّة جميع ما في الصحاح الستّة ، بل قالوا عن بعضها بأنّها قد انتقيت من بين ستمائة ألف(٢) أو ثلاثمائة ألف(٣) حديث صحيح عندهم.
والأعجب من كلّ ذلك أنّهم لا يعتقدون بصحّة أحاديث عرض الحديث على كتاب الله ، بل يرون أحاديث العرض من وضع الزنادقة(٤).
وفي المقابل يعتقدون بأنّ السنّة المدّعاة قاضية على الكتاب العزيز ، ومعنى كلامهم هو لزوم الأخذ بروايات التحريف؛ لورودها في الصحاح والسنن مع علمهم بمنافاتها لقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقوله تعالى : (لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سنناقش تلك الروايات في القسم الثاني من هذه الدراسة.
(٢) تغليق التعليق ٥/٤٢١ ، قال البخاري: صنّفت الصحيح في ستّة عشرة سنة وخرّجته في ستمائة ألف وجعلته حجّة فيما بيني وبين الله.
(٣) تاريخ بغداد ١٣/١١٠ ، عن مسلم بن الحجّاج ، قال: صنّفت هذا المسند الصحيح في ثلاثمائة ألف حديث مسموعة.
(٤) الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ، للشوكاني: ٢٩١ ، قال الخطابي: وضعته الزنادقة ، وانظر موضوعات الصغاني: ٧٦/ح ١٣٥ ، كشف الخفاء ١/٨٩/ح ٢٢٠ ، و٢ /٥٦٩.