فنحن نقدّر ونشكر الأستاذين لقولهما كلام الحقّ وأنّ اتهام الشيعة حقّاً هو محض افتراء ؛ لأنّ المصادر السنّية نسبت إلى أبي بكر وعمر وعثمان أقوالاً يُشَمُّ منها رائحة التحريف(١) ولم تأت من قبل الشيعة.
وأنّ أخبار التحريف في كتب الجمهور ، لم ينحصر نقلها عن الشيخين فقط ، بل هي منقولة أيضاً عن أبي موسى الأشعري وعائشة وغيرهم ، بل أخبار التحريف قد تراها في كتب الشيعة أيضاً ، فإن ما حكوه من أقوال أو روايات موجودة عند الشيعة ، فإنّها لا تعني شيئاً ، بقدر ما ترى الزيادة والنقيصة في القرآن على لسان الخلفاء ، فقد يكون الإمام عليّ عليهالسلام ـ في قوله (رأيت كتاب الله يزاد فيه) أو (خشيت أن ينفلت القرآن) ـ كان قلقاً وخائفاً من ورود أمثال تلك الروايات وعلى لسان الخلفاء بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فلو صحّت تلك الأخبار ـ وما قاله عمر : «بأنّ القرآن كان ألف ألف حرف وسبعة وعشريْنَ ألف حرف»(٢).
وقوله أو قول غيره : «فقدنا فيما فقدنا من القرآن»(٣).
أو «أُسقط فيما أُسقط»(٤) ، أو «أسقط قرآن كثير ذهب مع محمّد»(٥).
أو قوله : «لا يقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، وما يدريك كلّه قد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سنأتي ببعضها في جمع القرآن على عهد عمر بن الخطّاب.
(٢) المعجم الأوسط ٦/٣٦١/ح ٦٦١٦ ، الدرّ المنثور ٨/٦٩٩ ، ومجمع الزوائد ٧/١٦٣ عن الأوسط للطبراني.
(٣) كنز العمّال ٦/٨٦/ح ١٥٣٧٢ ، عن التمهيد لابن عبدالبرّ ٤/٢٧٦.
(٤) كنزل العمّال ٢/٢٤٠/ح ٤٧٤١ ، عن أبي عبيد في فضائله ، وانظر معتصر المختصر٢ /٨٠.
(٥) مصنّف عبدالرزّاق ٧/٣٣٠/ح ١٣٣٦٤ ، وعنه في الدرّ المنثور ٦/٥٥٨.