وأخرى لا يكون كذلك بل على خلاف ذلك وهو بأن يلاحظ كلّ واحد من الجنس والفصل على نحو التّماميّة والاستقلال في التّحصّل بحيث يكون تمام حيثيّة التّحصّل لنفسه من دون ارتباط تحصّله إلى غيره واندكاك تحصّله في تحصّل غيره وكان بحيث إذا لوحظ غيره كان تحصّله زائدا عليه ومبائنا لتحصّله ويكون أمرا منضمّا إليه فيكون التّركيب في هذا الاعتبار تركيبا انضماميّا لا محالة ومعلوم أنّه حينئذ لا يكاد يحمل أحدهما على الآخر ولا يحمل كلاهما على النّوع لأنّ الملاك في الحمل كلّه هو الهوهويّة والاتّحاد وما يكون تحصّله غير تحصّل الآخر كيف يصحّ الحمل عليه وكيف يمكن أن يقال هو هذا؟ كما أنّ صحّة الحمل في الفرض السّابق إنّما هو لوجود ملاك الحمل. والمراد من الهيولى والصّورة هو الجنس والفصل الملحوظان بهذا اللّحاظ أي استقلال كلّ منهما في التحصّل فيقال لهذه الهيولى والصّورة ، الهيولى والصّورة العقليان لا الهيولى والصّورة الخارجيّان فإنّ التّركيب بين الهيولى والصّورة الخارجيّين وقع موقع الاختلاف بينهم بأنّه هل هو اتحاديّ أو انضماميّ؟ فما هو المأخوذ بشرط لا وكان التّركيب فيه انضماميّا هو المادّة والصّورة العقليّة.
هذا هو المراد من الفرق بين الجنس والفصل والهيولى والصّورة المأخوذ أحدهما على نحو اللابشرطيّة والآخر على نحو بشرط اللائيّة. وكذلك المراد من الفرق بين المبدا والمشتقّ الّذي اشتهر بين أهل المعقول من كون أحدهما لا بشرط والآخر بشرط لا ولذا قال بعض المتأخّرين من المحقّقين من أهل المعقول : إذا اعتبر كلّ من الجنس والفصل جزء غير الآخر لا يكاد يكونان من أجزاء المحدود بل إنّما هما من أجزاء الحدّ لأنّ كلّا من الجنس والفصل بالقياس إلى المحدود عين الآخر ويكون تحصّل أحدهما بعين تحصّل الآخر ولا مغايرة بينهما في التحصّل. وأمّا في مقام التّحديد والتّعريف فربّما يعتبر أحدهما غير الآخر في التحصّل كما يقال إنّ للماهيّة جزءين جنسا وفصلا فيكونان من أجزاء الحدّ لا من أجزاء المحدود.
الثّالث : اعلم أنّ الّذي قلناه في الفرق بين المبدا والمشتقّ من بشرط لا ولا بشرط