النّاطق فصل مشهوريّ جعلوه مكان الفصل الحقيقيّ إلّا أنّه لا يلزم من ذلك أخذ مفهوم الشّيء في المشتقّ إذ النّاطق مع أنّه من أظهر خواصّ النّوع فرضا يكون بسيطا ليس في مفهومه مفهوم الشّيء. هذا كلّه بناء على اختيار الشّقّ الأوّل.
وأمّا على اختيار الشّقّ الثّاني فالحقّ هو الّذي أفاده المحقّق صاحب الفصول من أنّ الموضوع هو الذّات من حيث هي والمحمول هو الذّات المقيّدة بالقيد فإنّ الضّاحك في قولنا الإنسان ضاحك ، ليس معناه هو الإنسان فقط كي يرجع الأمر إلى قضيّة الإنسان إنسان ؛ بل معنى الضّاحك هو إنسان له الضّحك فلا ينقلب مادّة الإمكان ضرورة.
وأمّا ما أفاده المحقّق الخراساني (قده) جوابا عن ذلك من أنّ القيد خارج والتّقيّد داخل فينقلب الإمكان إلى الضّرورة فهو ممّا لا نسلّم أصلا نظرا إلى أنّ المفاهيم الوصفيّة المأخوذة في الكلام إنّما تتصوّر على نحوين تارة يؤخذ الوصف ويشار به إلى ذات الموصوف ، وأخرى يؤخذ ويلاحظ نفس الوصفيّة. فلو فرضنا دخالة مصداق الشّيء في المفهوم فمن المعلوم أنّ الذّات يلاحظ لا بما هو ذات والوصف عنوان يشير إليه بل بما هو موصوف وذلك صفة له ويكون ما هو الملحوظ في مقام الحمل هو الوصف العنوانيّ فحينئذ القيد والمقيّد إنّما اعتبر شيئا واحدا فهو غير الذّات المقيّد بما هو ذات ومن حيث هي فلا يلزم انقلاب مادّة الإمكان إلى الضّرورة ولا انحلال القضيّة إلى قضيّتين.
وأمّا ما أفاده في آخر كلامه تحت عنوان الإرشاد من أنّ بساطة المشتقّ إنّما هو بالنّظر الأولي لكنّه ينحلّ بالتّعمّل العقليّ إلى ذات ومبدإ نظير انحلال الانسان إلى جنس وفصل بالانحلال والتّعمّل العقليّ ، ففيه أنّ هذا الكلام أيضا ممّا لا ينبغي عنه إذ مفهوم الإنسان ومفاهيم ساير المركّبات بما هو في حدّ المفهوميّة لا يكاد ينحلّ إلى جنس وفصل ومفهوم ومفهوم بل المنحلّ الى الجنس والفصل هو حقيقة الإنسانيّة وحقيقة كلّ مركّب يقبل الانحلال إلى أجزائه لأنّ كلّ مركّب ينحلّ إلى بسائطه ولو كان مفهومه في بادئ الأمر مفهوما وحدانيّا بسيطا إلّا أنّ المركّبات بحقائقها لا بمفاهيمها قابلة الانحلال بالتعمّل العقليّ.