لأنّه لا يبقى شكّ في البين أصلا كما أنّه لا يبقى مجال لحمل أحدها أو عدم
صحّة سلب أحدها من المشكوك في تشخيص الحقيقة والمجاز.
والتّحقيق هو
ما صرّح به المحقّق الخراسانيّ مع مزيد توضيح منّا لكلامه ، وهو أنّه يتصوّر لكلّ
شيء من الأشياء أنحاء الوجودات كما هو المعروف في اصطلاح أهله ، وجود عينيّ خارجيّ
ووجود ذهنيّ عقليّ ووجود لفظيّ ووجود كتبيّ تحريريّ ولكن الأخيرين ، الوجود
اللّفظيّ والكتبيّ ، ليسا وجودا حقيقيا للماهيّات الّا أنّ اللّفظ لمّا كان مرآة
للمعنى ومندكّا فيه بحيث لا يرى اللّافظ والكاتب إلّا صرف المعنى بدون التفات إلى
نفس اللّفظ والكتاب كان اللّفظ والكتاب وجودا مسامحيّا للمعنى وكان اللّفظ لشدّة
اندكاكه كأنّه نفس المعنى ولذا يعبّر عنه بالوجود اللّفظيّ قبال أنحاء الوجودات
الحقيقيّة فإذا جعل المعنى المقصود استعلامه بأنّه حقيقيّ أو مجازيّ موضوعا للقضيّة
السّالبة في علامة المجاز أو للقضيّة الموجبة في علامة الحقيقة وجعل اللّفظ بما هو
وجود لفظيّ للمعنى محمولا لا بما هو صوت من الأصوات أو كيف من الكيفيّات المسموعة
فإنّ اللّفظ بما هو كيف مسموع مباين الذّات مع المعنى ولا يمكن حمله عليه بل إذا
جعل اللّفظ بما هو وجود لفظيّ للمعنى محمولا في القضيّة السّالبة أو الموجبة فإن
كان السّلب عنه صحيحا وكان ذلك السّلب على نحو السّلب الأوّلى يعلم أنّ المحمول
ليس نفس مفهوم الموضوع. كلّ ذلك لأنّ المفروض أنّ اللّفظ من مراتب نفس المعنى وكان
بحيث يعدّ نفسه بعينه إمّا بنحو الشّائع أو بنحو العينيّة الأوّليّة فإذا صحّ
السّلب عنه يستكشف بنفس هذا السّلب أنّه ليس كذلك أي ليس اللّفظ وجودا لفظيّا لهذا
المعنى إذ لو كان اللّفظ وجودا لهذا المعنى لما صحّ السّلب بل كان السّلب من قبيل
سلب الشّيء عن نفسه وهو محال فضلا عن كونه صحيحا ، وإن لم يكن السّلب صحيحا على
كلا نحويه من السّلب الشّائع والأوّليّ بل كان الطّبع ينافر عن سلب هذا اللّفظ عن
هذا المعنى ويتلقّى عند الطّبع كسلب الشيء عن نفسه ، يعلم أنّه المعنى الحقيقيّ له
أو أنّه الفرد الحقيقيّ له ويكون اللّفظ متّحدا مع المعنى إذ الطّبع لا يقبل سلب
الشّيء عن نفسه بل يعدّ عنده قبيحا و