أرض زيد الموجب للدخول في أرض عمرو بغير إذنهما وعلى جميع التقادير فإمّا ألا يكون ملتفتا ومتفطّنا إلى أنّ ذلك ينجرّ إلى الحرام فلا إشكال في ارتفاع حرمته لعذره بجهله بالموضوع ، اللهمّ إلّا أن يكون عقابه بنفس هذا الفعل الاختياريّ المترتّب عليه الحرام الاضطراريّ لو كان بنفسه حراما ويكون المكلّف ملتفتا إلى ...
وخلاصة الكلام : انّه لو لم يكن ملتفتا إلى تأدية ذلك الفعل الاختياريّ إلى الحرام ويكون هذا الفعل المؤدّي مباحا فلا شبهة في عدم وقوع الفعل المضطرّ إليه على صفة الحرمة ولا على وجه المبغوضيّة فليس له عقاب عليه وأمّا إذا كان نفس هذا الفعل حراما فلا يعاقب إلّا على ذلك.
وإمّا أن يكون ملتفتا إلى أنّه ينجرّ ذلك إلى الحرام سواء كان الفعل المؤدّي حراما أو مباحا ، فمن المستبعد جدّا أن يكون الحرمة والعقاب مرفوعين لأنّه كان بسوء اختياره فلا يكون معذورا عقلا ولا يشمله حديث الرفع لأنّه عصى باختياره الفعل الذي ينجرّ لا محالة إلى الفعل الحرام. وقد يقال : إنّه وإن كان قد عصى بسوء اختياره لهذا الفعل الموصل إلى الحرام ويعاقب عليه إلّا أنّه بعد ابتلائه بالاضطرار يشمله إطلاق الحديث الشريف ويكون معذورا بقاء. وعلى كلّ حال لا إشكال في حرمة الدخول في ملك الغير بغير إذنه وكذلك لا إشكال في حرمة البقاء وجميع التّصرفات الزائدة على مقدار التخلّص فهل يكون الخروج من الغصب الّذي هو أيضا يكون من التّصرف في مال الغير واجبا أو لا؟ فيه أقوال ستعرف كلّ واحد منها مع ما فيه من الإشكال.
والإنصاف أنّ الالتزام بكلّ واحد من أطراف المسألة غير خال عن المحذور : أمّا الالتزام بعدم الوجوب وبقاء حرمة الخروج على حالها فيستلزم تجويز البقاء وهو عبارة أخرى عن تجويز الغصب.
وأمّا الالتزام بوجوب التخلّص وترك البقاء فهو عبارة أخرى عن الالتزام بوجوب الغصب.