أن يكون فعليّة الأمر بالأهمّ مشروطا بعدم عصيانه وأمّا عند عصيانه فلا يكون للأهمّ أمر بل المهمّ هو المأمور به وهذا هو معنى الاشتراط وقد فرضتم إطلاق أمر الأهمّ هذا خلف. مضافا إلى أنّ اشتراط الأمر بالعصيان أو بالإطاعة أو بكليهما كلّها ممّا لا يعقل فإنّ الأمر بشرط الامتثال يستلزم تحصيل الحاصل والأمر بشرط العصيان يستلزم اجتماع النّقيضين والأمر بشرط الإطاعة والعصيان يستلزم كلا المحذورين فلا يمكن تقيّد الأمر بالعصيان أو الإطاعة وما لا يمكن تقييده لا يمكن إطلاقه لما عرفت أنّ الإطلاق والتّقييد متعاكسان. هذا ، مضافا إلى أنّ الإطاعة أو العصيان ممّا يترتّبان على الأمر في المرتبة المتأخّرة عن الأمر فكيف يمكن أخذهما في متعلّق الأمر الّذي هو سابق على نفس الأمر؟ وإن هذا إلّا التّجافي؟
قلت : كلّ هذه نشأت من القول بالاشتراط مع أنّ الأمر لا يكون مشروطا بالإطاعة والعصيان أصلا كي يلزم تلك المحذورات ، بل الأمر إنّما تعلّق بذات المكلّف العاصي أو المطيع لا بعنوان أيّها العاصي أو أيّها المطيع بل بعنوان أيّها الانسان! افعل كذا وهو الّذي يعبّر عنه بالإطلاق الذّاتيّ فعلى هذا يكون للأمر بالأهمّ إطلاق بهذا النّحو من دون اشتراطه أصلا والمشروط هو الأمر بالمهمّ ولا محذور فيه أصلا.
إن قلت : إنّ الأمر بالمهمّ وإن لم يكن طاردا للأهمّ لفرض اشتراطه بالعصيان والتّكليف المشروط لا يقتضي إيجاد شرطه إلّا أنّ الأهمّ يكون طاردا لما يضادّه لفرض إطلاقه ولو بالإطلاق الذّاتيّ الّذي فرضتم.
قلت : ليس الأمر هكذا ، بل مرتبة عصيان الأهمّ مرتبة خيبة الأمر بالأهمّ وعدم تأثيره وفشله. وإنّ فرض الأمر فلا يكون مؤثّرا في تحريك العبد. فلا يكون مانع عقليّ عن الأمر بالمهمّ في تلك المرتبة حتّى يكون الزّمان مشغولا به ولا يكون فارغا فيذهب خسارا إذ قد عرفت آنفا أنّ الأمر بالمهمّ متأخّر عن الأمر بالأهمّ برتبتين والأمر بالأهمّ متقدّم عليه برتبتين. وما هو المتأخّر عن الشّيء ذاتا لا يمكن ارتقاؤه الى مرتبة الشّيء المتقدّم عليه فيكون معه في مرتبة واحدة ، كما أنّ ما هو المتقدّم على الشّيء برتبتين لا يعقل أن يتجافى عن