العوارض الذّاتيّة لذلك العنوان بالمعنى الّذي قلناه.
أمّا مباحث العامّ والخاصّ فبعض مسائلها تعدّ من المسائل الأصوليّة كمسألة إنّ العامّ المخصّص هل هو حجّة بعد التّخصيص في الباقي أو لا؟
وبعض مسائلها الاخرى يرجع إلى المبادي اللّغويّة كمسألة إنّ للعامّ لفظا يخصّه او لا بل يكون الألفاظ مشتركة بين العامّ والخاصّ او الألفاظ موضوعة بإزاء المعنى الخاصّ واستعمالها في العامّ على سبيل التّجوّز؟
وأمّا مسألة الإطلاق والتّقييد أيضا كمسألة العامّ والخاصّ في أنّ بعض المباحث فيها راجعة إلى المسائل وبعضها إلى المبادي.
وأمّا مسألة المفاهيم فالبحث فيها أيضا يرجع إلى مباحث الحجّة فيبحث في أنّ الظّهور الضّعيف المستفاد من أخذ القيد كالشّرط والوصف في الحكم في المنطوق ، كما هو مسلكنا في باب المفاهيم تبعا للقدماء من الأصحاب ، هو حجّة في الفقه أو لا. وأنّه يظهر أيضا أنّ البحث عن حجّية المفاهيم ليس بحثا صغرويّا كما هو المعروف المسلم بين الأعلام بل هو بحث كبرويّ كسائر المسائل الأصوليّة.
فتلخّص أنّ كلّما يتشكّل منه قضيّة يكون محمولها عنوان الحجّة في الفقه وموضوعها الجهات المائزة بين المسائل يكون من المسائل الأصوليّة حتما وما لم يكن كذلك من المباحث المذكورة في أبواب الأصول فلا يخلو إمّا ان يكون من المبادي اللّغويّة كمباحث الوضع والحقيقة والمجاز والمشتقّ ونظائرها وإمّا أن يكون من المبادي الأحكاميّة كمباحث مقدّمة الواجب واجتماع الأمر والنّهي ونظائرهما.
هذا هو الحقّ الّذي محتوم عندنا. وقد ذكرنا أنّ موضوع علم الأصول بهذا الوجه الّذي حقّقناه هو عنوان الحجّة في الفقه وهو الّذي وجدناه في أوّل كتاب دوّن في علم الأصول وهو الرّسالة الشّافعيّة المدوّنة في أواخر القرن الثّاني وقد عرفت أنّ ذلك مقتضى التّحقيق والحقّ.