لكنّ الحقّ أنّه ليس فيه وجه شباهة بمسائل الكلام. لأنّه إن كان وجه المشابهة هو كون العقوبة على من خالف قطعه ليس قبيحا على الله تعالى ففيه أنّ شأن علم الكلام ليس هو تعيين ما يقبح صدوره عن الله تعالى أو ما يصحّ صدوره عنه من المصاديق بل علم الكلام يبحث فيه عن عدم إمكان صدور القبح عنه تعالى على الوجه الكلّى خلافا للأشاعرة حيث زعموا إمكان صدور القبح. وأمّا ما هو قبيح أو يصحّ فعله فهو أجنبيّ عن المسائل الكلاميّة. وإن كان وجه المشابهة هو استحقاق عقوبة العبد في المعاد إن خالف قطعه. ففيه أنّ شأن الكلام هو إثبات المعاد وإثبات استحقاق المثوبة والعقوبة في المعاد في الجملة. وأمّا ترتّب العقوبة على شيء مخصوص وعدم ترتّبها عليه فليس ذلك في عهدة علم الكلام أصلا بل الكلام إنّما يبحث عن إثبات الصّانع الحكيم وتوحيده وصفاته وإثبات النّبوة والولاية بمعنى الإمامة وكلّ ما يرجع إلى العقائد الإسلاميّة وليست حجّية القطع من جملة هذه الأمور.
فالبحث عن حجّية القطع بكلا قسميه من التّفصيليّ والإجماليّ أجنبيّ من الكلام وإنّما هو من المسائل الأصوليّة.
وأمّا مسألة حجّية الظّهور فهي وإن كانت حجّيّتها ممّا لا ريب فيها إلّا أنّ المطرح عند القدماء هو خصوص الموارد الّتي يعرض للكلام اعتلال ما من التّقييد أو التّخصيص ممّا يوجب اضطراب الظّهور فكانوا يبحثون عن حجّية هذه الظّواهر ومباحث حجّية الظّواهر مخصوص عندهم بتلك الظّواهر الّا أنّ المتأخّرين قد جعلوا البحث عن حجّية الظّواهر بحثا على حدة وقرّروا لمباحث العامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد أبوابا أخرى ويبحثون في كلّ واحد من تلك المسائل على الوجه الأبسط.
وأمّا مسألة التّعادل والتّرجيح فترجع إلى البحث عن حجّية أيّ الخبرين في صورة وجود المرجّحات أو الحجّية التّخييريّة في صورة التّساوي.
وأمّا مباحث الألفاظ فعمدة مسائلها راجعة إلى عنوان الحجّة في الفقه ويبحث فيها عن