تسليم هذا الكلام تصير الأسباب واجبة بالوجوب النّفسيّ فيكون أجنبيّا عن المقام مضافا إلى وضوح فساده.
فإنّك قد عرفت أنّ المقدور بالواسطة مقدور لكنّا قلنا في محلّه إنّ الأسباب لما كانت مع بساطتها التّوليديّة بإصدار واحد فليس وجوبها إلّا وجوب واحد متعلّق بها وبمسبّباتها معا فالمسبّب واجب بعين وجوب السّبب لا بغيره كي يقال إنّه نفسيّ وغيريّ. هذا في الأسباب والمسبّبات. وقد يفصّل أيضا بين الشّرائط الشّرعيّة والعقليّة بالالتزام بوجوب الأوّل دون الثّاني وغاية ما يتوهّم في منشإ هذا التّفصيل هو أنّ الشّرطيّة فيما لا يرجع إلى العقل لا تنزع من التّكليف النّفسيّ أي من تقيّد المكلّف به بذلك الشّرط كما لو قال الشّارع صلّ مع الطّهارة فلا بدّ من تعلّق الطّلب المتعلّق بالمركّب به أيضا.
ولا يخفى ما فيه فإنّه مضافا إلى خروجه عن محلّ النّزاع في باب مقدّمة الواجب حيث إنّ النّزاع هو في المقدّمات الخارجيّة لا القيود والشّرائط لما عرفت أنّ وجود التّقيّد بعين وجود القيد ولا معنى لتعلّق الأمر النّفسيّ الضّمنى بالتّقيّد المنتزع عن المقيّد إلّا تعلّقه بنفس ذلك القيد أيضا فتكون الشرائط الشرعيّة واجبة بالوجوب النّفسيّ الضّمني فيخرج عن محلّ الكلام إذ النّزاع في المقدّمات الخارجيّة ، أنّ الشّرائط الشّرعيّة ترجع إلى الشّرائط العقليّة فما يرى أنّه يمكن وجوده بغير المقدّمة الشّرعيّة كالصّلاة الّتي يتوهّم إمكان وجودها بلا طهارة عقلا لا يكون كذلك واقعا أي لا يكون تحقّقها بدون وجود الشّرط بعد تقيّدها به فإنّها أمور حقيقيّة واقعيّة لا يمكن تحقّقها إلّا بالطّهور فالشّرائط الشرعيّة مقدّمات عقليّة وأمور واقعيّة كشف عنها الشّارع. هذا تمام ما عندنا من الكلام في هذه المسألة. وقد يستدلّ للوجوب كما عن أبى الحسين البصريّ بأنّه لو لم يجب المقدّمة لجاز تركها وحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التّكليف بما لا يطاق وإلّا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا وهذا اجتماع النّقيضين. ولكن في كلامه مغالطة واضحة فإنّه إن كان المراد من حينئذ حين إذ جاز تركها فالكبرى ممنوعة لأنّه بصرف جواز المقدّمة شرعا لا يلزم التّكليف بما لا يطاق أو