الانبعاثيّة بخصوص العالمين.
تنبيه : قد
ذكرنا أنّ مسألة التّصويب والتّخطئة ليست إلّا البحث الكلاميّ الدّائر بين
المتكلّمين من كلّ طائفة فكان المتكلّمون من أهل السّنّة بين من ذهب إلى أنّ من يطلق
عليه اسم الصّحابيّ كائنا من كان لا يكاد يخطئ ولو كان آراؤهم على طرفي الضّدّ
والنّقيض وبين من ذهب إلى أنّ المصيب من الصّحابيّ هو من كان رأيه أصاب الواقع
والباقون ممّن كان رأيه مخالفا للواقع قد أخطئوا عن الواقع ولكنّهم معذورون في
آرائهم.
ومن ذهب أيضا
إلى أشدّ من ذلك وهو أنّ الصّحابة لا يمكن انقداح الفسق فيهم فكيف الخطأ في رأيهم؟
ويقال لهذا المذهب في اصطلاح العامّة مذهب أصحاب البدع.
قال شيخ
الطّائفة في كتاب العدّة : إنّ المتكلّمين من الفرقة الإماميّة من المتأخّرين
والمتقدمين كلّهم أجمعوا واتّفقوا على أنّ أصحاب الصّواب فرقة واحدة وهم الّذين
كانت آراؤهم موافقا للواقع والباقون كانوا على خطاء في آرائهم.
فهذا الكلام
وأشباهه يدلّ على أنّ الإجماع إجماع كلامىّ محض وليس من إجماع الفقهاء ولا من أهل
الحديث أصلا كما قلناه. والحمد لله ربّ العالمين.
فذلكة
البحث : قد عرفت بما
أثبتناه لك أنّ المأمور به بالأمر الظّاهريّ هو الفرد من الطّبيعة المأمور بها
إلّا أنّ فرديّته تكون في رتبة متأخّرة عمّا هو الفرد الواقعيّ وتأخّر الرّتبة لا
يضرّ بفرديّته للطّبيعة المأمور بها فإذا أتى بهذا الفرد في الرّتبة المتأخّرة أي
في ظرف الشّكّ أتى بالطّبيعة المتعلّقة للأمر فيسقط الأمر لا محالة لما عرفت أنّ
الطّبيعة توجد بوجود فرد ما. فللطّبيعة المأمور بها فردان طوليّان بحيث يكون لها
عرض عريض في الصّدق على كليهما على نحو التّشكيك فالمأتيّ به في ظرف الشّكّ هو
الفرد من الطّبيعة كما أنّ المأتيّ به في ظرف العلم والواقع هو الفرد الآخر منها
من دون فرق بينهما في الجهة الفرديّة إلّا صرف الطّوليّة وتأخّر الحكم الظّاهريّ
عن الواقعيّ فالإتيان بالمأمور به بالأمر الظّاهريّ هو الإتيان بالطّبيعة