المأمور به هو الشّرب والسّقي والأمر بإحضار الماء أمر مقدّميّ للغير ، كما
عرفت في بعض المقدّمات المذكورة في التّعبديّ والتّوصّليّ ، ومتى لم يحصل الغير
ولم يأت بما هو المطلوب النّفسيّ لم يمتثل البتّة ومن المعلوم أنّه لا يسقط الأمر
بصرف الإتيان بالمقدّمات. فانقدح أنّه ليس هذا المثال ونظائره من قبيل تبديل
الامتثال بالامتثال الآخر. هذا كلّه في الإجزاء في مرتبة نفس الأمر.
وأمّا إجزاء
المرتبة الثّانية عن الأولى مثل إجزاء الاضطراريّ عن الاختياريّ والظّاهريّ عن
الواقعيّ ، فذلك بعد فرض الأمرين المتعلّقين بموضوعين يكون موضوع أحدهما في
المرتبة المتأخّرة عن الآخر. فيقع البحث في مقامين المقام الأوّل إجزاء الاضطراريّ
عن الاختياريّ. والمقام الثّاني إجزاء الظّاهريّ عن الواقعيّ. أمّا الكلام في
المقام الأوّل فقد أورد المحقّق الخراسانيّ (قده) في كتابه في مقام الإمكان
والتّصوير تشقيقات وهي : أنّ التّكليف الاضطراريّ إن كان وافيا بتمام الغرض أو لم
يكن بل يبقى منه شيء أمكن استيفائه أو لا يمكن وما هو الممكن استيفاؤه يكون بمقدار
يجب تداركه أو بمقدار يستحبّ تداركه ، فلا بدّ من الالتزام بالإجزاء في الأوّل وكذلك
فيما إذا لم يمكن تدارك الباقي وفيما إذا كان الباقي مستحبّ التّدارك وعدم الإجزاء
فيما إذا كان الباقي واجب التّدارك.
هذا ملخّص ما
أفاده (قده) ، إلّا أنّك خبير بأنّ هذه الشّقوق إنّما تصحّ بناء على فرض تغاير
الأمرين من الاضطراريّ والاختياريّ. والتّحقيق الّذي يؤدّي إليه النّظر الدّقيق
يأبى عن ذلك ، بل يقتضي أنّ الأمر في كلا الحالين واحد والمأمور به إنّما هو
الطّبيعة الّتي لها عرض عريض بمعنى أنّ لها أفرادا طوليّة أحدهما يكون في طول
الآخر لا في عرضه ، بمعنى أن يكون أحد أفراد الصّلاة مشروطا بالطّهارة المائيّة حين
الاختيار والآخر مشروطا بالتّرابيّة عند فقدان الأوّل ، وهذان الفردان وإن كان
أحدهما في طول الآخر ، بمعنى أنّ فقدان الأوّل مأخوذ في موضوعه ، إلّا أنّ كليهما
فردان حقيقيّان للطّبيعة الصّلاتيّة الّتي كانت