عليهمالسلام قد تكون صادرة بعنوان السلطنة والحاكميّة ويكون الامر
في مقام أعمال الحكومة وإظهار السلطنة كما في الأوامر والنواهي الواردة عنهم في
الجهاد ، وكأمره صلىاللهعليهوآله بالخروج مع جيش أسامة ، وكأمر أمير المؤمنين عليهالسلام بخروج الجيش إلى الشام ، وأمثال ذلك فهذه الأوامر بما
أنّها صادرة عنهم عليهمالسلام في هذا المقام ـ أي في مقام إعمال الحاكميّة ـ واجب
الإطاعة والتخلّف عنها بنفسها وبما أنّه مخالفة لأوامرهم حرام يوجب الفسق والعصيان
ويترتّب عليه استحقاق العقوبة وكان قول بريرة : أتأمرني يا رسول الله؟ استفسارا
عنه صلىاللهعليهوآله ان امره صدر على وجه الحاكميّة وإعمال السّلطنة : فقال صلىاللهعليهوآله : «لا بل أنا شافع».
وقد يكون
أوامرهم ونواهيهم لا عن وجه الحاكميّة بل لبيان الأحكام الإلهيّة وكان كالإفتاء
مخالفتها لا تكون حراما موجبا للفسق بما هي مخالفة تلك الأوامر والنواهي بل بما
أنّها مخالفة أحكام الله تعالى ، فإنّ أو امرهم في هذا المقام إرشاديّة ناظرة إلى
بيان الأحكام الإلهيّة فيكون كإفتاء المفتي الفقيه فلا يكون لها إطاعة ومخالفة على
حدة بل هي كاشفة عن أحكام الله تعالى.
نعم ، لو كانت
غير مقارنة بالترخيص أو قرينة النّدب تكون كاشفة عن أحكام الله الوجوبيّة ، وإن
شئت قلت : لما كانت كاشفة عن الطلب الإلهيّ فلا مناص عن وجوب إطاعتها إلّا مع
الإذن بالتّرك. فتحصّل أنّ الأوامر والنّواهي المنقولة عن أئمّتنا عليهمالسلام بل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله جلّها إرشاديّة بهذا المعنى وليست بمولويّة فقد تكون
إرشادا إلى الصحّة والفساد وقد تكون إرشادا إلى الشرطيّة أو المانعيّة أو الجزئيّة
وقد تكون إرشادا إلى المصلحة والمفسدة على اختلاف تفاصيلها ومناسبات مقاماتها
ومواردها. والله يهدي إلى سبيل الرّشاد.