وأمّا في الثّاني فلأنّ الرّضا وعدمه أمر قلبيّ لا يقع فصلا مقوّما لما هو يوجد في المرتبة المتأخّرة في وعاء الاعتبار بل الرّضا من مبادي الإرادة الّتي هي مبدأ الطّلب فهو متأخّر عن الرّضا برتبتين فكيف يعقل تحصّله به؟ هذا كلّه في مقام الثّبوت. وأمّا في مقام الإثبات والكشف فملخّص الكلام أنّ الطّلب الّذي قلنا إنّه بمعنى البعث نحو العمل ، قد يكون متأكّدا ببعض أداة التّأكيد كنوني التّأكيد ، وقد يكون مقرونا بترخيص التّرك وقد يكون مطلقا لا كلام فيما إذا كان مقرونا بترخيص التّرك ، وأمّا إذا كان لم يكن كذلك بل يكون صرف الطّلب الانبعاثيّ في مقابل الطّلب الاستهزائيّ أو التّوبيخيّ أو الاستفهاميّ ، سواء كان هذا الطّلب الانبعاثيّ متأكّدا ببعض أداة التّأكيد أو مطلقا ، يكون تمام الموضوع لحكم العقلاء باستحقاق العقوبة عند مخالفة العبد هو هذا الطّلب بحيث يكون عتاب المولى وزجره عند ترك الامتثال ممّا لا يقع عند العقلاء موقع التّقبيح بل يقع في موقعه وعلى هذا لا نحتاج في استظهار الوجوب إلى شيء زائد على هذا الطّلب حتّى في صورة الشّكّ بل يكفي صرف الطّلب ونفسه وان لم يكن مقرونا بأداة التّأكيد ، اذا لمفروض أنّه من حيث هو يكون تمام المناط لاستحقاق العبد لعقوبة المخالفة عند العقلاء. هذا إذا كان نفس الطّلب بما هو موضوعا لحكم العقلاء باستحقاق العقوبة على المخالفة وأمّا إذا كان موضوع حكم العقلاء هو الإرادة والطّلب يكون كاشفا عن الإرادة فالطّلب حينئذ يكون كاشفا عمّا هو الموضوع لحكم العقلاء وهو الإرادة الشّديدة.
وخلاصة المقال أنّ الطّلب إمّا أن يكون بنفسه تمام الموضوع لحكم العقلاء باستحقاق العقوبة على المخالفة أو يكون كاشفا عمّا هو تمام الموضوع لهذا الحكم وهو الإرادة الشديدة. بل لو قلنا إنّ الطلب بنفسه يكون تمام الموضوع لا بما هو كاشف عن تمام الموضوع فلا محيص أيضا عن الالتزام بأنّ الموضوع لحكم العقلاء هو الطّلب الّذي يكون منشؤه الإرادة لا مطلق الطّلب ولو كان مبدأه إرادة الاستهزاء أو التّوبيخ. وعلى كلّ حال سواء كان الطّلب بنفسه تمام الموضوع أو يكون كاشفا عن الإرادة ، كان العقلاء يحكمون كافّة باستحقاق العقاب على