(وإلّا فمن اين يعلم ثبوته كذلك) اى ارتكازيا قلت انه تمحل شديد وتعسف بعيد وكون الشاعر قد نزل الكوكب الموصوف بتلك الصفة وشجر الخابور ومعير الغصن قده الاهيف والحمامة النائحة منزلة الحاضر الفاهم السامع بعلاقات مستحسنة فى كل بحسبه ليس هذا موضع ذكرها وجعله اهلا لندائه مما لا يخفى على اهل الفن ولم يستعذب منه هذا الشعر الا بهذه التجوزات وامثالها ولو كان النداء قد استعمل فيما وضع له لم يكن الشعر بهذه العذوبة فلاحظ كلمات علماء المعانى والبيان والبديع لتعرف موضع هذا الكلام وتحظى ببلوغ المرام ومن العجب قوله بلا عناية ولا رعاية واى عناية ورعاية اوضح من هذه والذى الجأه الى هذا التمحل ما يراه من وضوح عموم التكاليف لموجهه بالخطابات الشفاهية للحاضرين وغيرهم مع وضوح عدم شمول أداة الخطاب الا للحاضر وقد عرفت المنشأ فى ذلك وان الخطاب مستعمل فى معناه الحقيقى الموضوع له ولا معنى له سواه مما يسمى بالايقاعى بما لا مزيد عليه وقد عرفت ايضا فيما مر الكلام فى الترجى والتمنى والاستفهام فافهم واستقم وبذلك ظهر لك ان قوله قده (وان اتيت الا عن وضع الادوات للخطاب الحقيقى فلا مناص عن التزام اختصاص الخطابات الالهية) الحاصلة (بأداة الخطاب او بنفس توجيه الكلام بدون الاداة كغيرها بالمشافهين فيما لم يكن هناك قرينة على التعميم) ضعيف جدا والمناص واضح ولا موجب لالتزام الاختصاص (و) لا داعى للوقوع فيما (توهم) من (صحة التزام التعميم فى خطاباته تعالى لغير الموجودين فضلا عن الغائبين لاحاطته) جل شانه (بالموجود فى الحال والموجود فى الاستقبال) لانه توهم (فاسد) وخيال (كاسد ضرورة ان احاطته لا توجب صلاحية) المحاط من (المعدوم بل الغائب للخطاب وعدم صحة المخاطبة معهما) انما هو (لقصورهما) وذلك (لا يوجب نقصا فى ناحيته تعالى كما لا يخفى كما ان خطابه اللفظى تدريجيا متصرم الوجود كان قاصرا عن ان يكون موجها نحو غير من كان بمسمع منه) فعدم عموم الخطاب للغائب لقصور فى نفس الخطاب وللمعدوم لقصور فيه لوجود الاهلية فى الغائب وفقدها فى المعدوم كما هو واضح (ضرورة