مع تكفله بترتب هذا المهم الذى حارت فيه افكارهم والشيخ العلامة اعلى الله مقامه حاول بكلام طويل رفع هذه الثمرة عما ذكره وبالأخرة رجع حاصل كلامه الى ذلك فانظر الى المحكى من كلامه واعط التأمل حقه فى استكشاف حقيقة مرامه فلعلك تحصل منه غير ما حصلنا (ثم انه ربما حكى عن بعض اهل العصر من اهل النظر اشكال فى الواجب المعلق وهو ان الطلب والايجاب انما يكون بازاء الارادة المحركة للعضلات نحو المراد) التى هى آخر مقدمات الفعل الاختيارى والواجب بازاء المراد وفى مرتبته ايضا (فكما لا يكاد يكون الارادة منفكة عن المراد فليكن الايجاب غير منفك عما تعلق به فكيف يتعلق بامر استقبالى فلا يكاد يصح الطلب والبعث فعلا نحو امر متاخر قلت ان الارادة تتعلق بامر متاخر استقبالى كما تتعلق بامر حالى وهو اوضح من ان يخفى على عاقل فضلا عن فاضل ضرورة ان تحمل المشاق فى تحصيل المقدمات فيما اذا كان المقصود بعيد المسافة وكثير المئونة ليس إلّا لاجل تعلق ارادته به وكونه مريدا له قاصدا اياه لا يكاد يحمله على التحمل الا ذلك) قلت فيه ان الإرادة على ما حققه المحققون من اهل المعقول امر جزئى حقيقى كالمعانى الحرفية بحسب الوجود الخارجى وحيث توهم الغافل انها فى المسافة البعيدة كلية لاشتمالها على حدود يقطعها المتحرك مع ان الإرادة المتعلقة واحدة دفعوا ذلك بان الحركة الى مكان تتبع إرادة بحسبها وجزئيات تلك الحركة تتبع تخيلات وارادات جزئيه يكون السابق من هذه التخيلات والارادات الجزئية علة للسابق من تلك الجزئيات من الحركة المعدة لحصول اخرى فتتصل الارادات فى النفس والحركات فى المسافة الى آخرها ومن المعلوم ان المكان والزمان واحد والحركة المكانية كالحركة الزمانية وعلى هذا التقدير فالمراد فى كل ارادة لا ينفك عنها كما لا يخفى اما اذا كان حاليا فالامر واضح واما اذا كان استقباليا فلكون المراد ومقدماته المتصلة بالارادة شيئا واحدا فلم ينفك المراد عن الارادة كما هو واضح فالجواب حينئذ منحصر بانه قياس مع الفارق فان الطلب والايجاب وان كان عين الارادة إلّا انها هى الشرعية لا التكوينية وليس هما بنحو واحد كما عرفت فيما تقدم بل هى تتبع المراد على ما هو عليه من المصلحة حاليا