وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (٩٦) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩) وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (١٠٠) وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا
________________________________________________________
يجاهد وهم القاعدون (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) لما نزلت الآية : قام ابن أم مكتوم الأعمى ، فقال يا رسول الله هل من رخصة فإني ضرير البصر ، فنزل : غير أولي الضرر وقرئ غير بالحركات الثلاث ، بالرفع صفة للقاعدين ، وبالنصب (١) على الاستثناء أو الحال ، وبالخفض صفة للمؤمنين (دَرَجَةً) قيل : هي تفضيل على القاعدين من أهل العذر والدرجات على القاعدين بغير عذر ، وقيل : إنّ الدرجات مبالغة وتأكيد الدرجة (الْحُسْنى) الجنة (أَجْراً) منصوب على الحال من درجات أو المصدرية من معنى فضل ، وانتصب درجات على البدل من الأجر أو بفعل مضمر ، وانتصب مغفرة ورحمة بإضمار فعلها : أي غفر لهم ورحمهم مغفرة ورحمة (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) الآية : نزلت في قوم أسلموا بمكة ولم يهاجروا ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع الكفار فقتلوا منهم قيس بن الفاكه والحارث بن زمعة ، وقيس بن الوليد بن المغيرة ، وعلي بن أمية بن خلف ، ويحتمل أن يكون توفاهم ماضيا أو مضارعا ، وانتصب ظالمي على الحال (قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ) أي في أي شيء كنتم في أمر دينكم (قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) اعتذار عن التوبيخ الذي وبخهم به الملائكة : أي لم تقدروا على الهجرة ، وكان اعتذارا بالباطل (قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً) رد عليهم ؛ وتكذيب لهم في اعتذارهم (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ) الذين كان استضعافهم حقا ، قال ابن عباس : كنت أنا وأبي وأمي ممن عنى الله بهذه الآية (مُراغَماً) أي متحوّلا وموضعا يرغم عدوه بالذهاب إليه (وَسَعَةً) أي اتساع في الأرض وقيل : في الرزق (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أي ثبت وصح (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ) الآية حكمها على العموم ، ونزلت في ضمرة بن القيس وكان من المستضعفين بمكة ، وكان مريضا فلما سمع ما أنزل الله في الهجرة قال : أخرجوني فهيئ له فراش فوضع عليه وخرج فمات في الطريق ، وقيل : نزلت في خالد بن حزام ، فإنه هاجر إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات قبل أن يصل إلى أرض الحبشة.
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) اختلف العلماء في تأويلها على خمسة أقوال : أولها : أنها في قصر
__________________
(١). قرأ نافع وابن عامر والكسائي بالنصب وقرأ غيرهم بالرفع.