وليس غريباً على هذين العلمين الأديببين والخبيرين البارعين في اللغة والشعر والأدب ـ يعقوب بن أحمد ، وابنه الحسن بن يعقوب النيسابوريّين أن يهتمّوا بكتاب نهج البلاغة ؛ لأنّهما عاشا في هذا الجوّ والمجال الأدبيّ وتخصَّصا فيه ، وكتاب نهج البلاغة هو لإمام الأُدباء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه آلاف التحيّة والسلام).
وقد ترعرع ابن فندق البيهقي تلميذ أُدباء مدرسة نيسابور في هذا الجوّ الأدبي الشيعي ، فاشتغل بالتعليم والتعلّم في هذا الجوّ المعطّر بأريج التشيع والأدب الشيعي ، واقتدى بأُستاذه النيسابوري الابن ، فانتخب أفضل التراث الأدبي الشيعي وأحسنه ألا وهو كتاب نهج البلاغة ، ورواه عن مشايخه وصحّحه وقابله وبعدها شَرَحَهُ ، وعلى إثر ذلك كثرت نسخ النهج وشروحه في المشرق الإسلامي قبل سائر المدن ؛ فشرحه الإمام الوبري الخوارزمي ، وابن فندق البيهقي ، وابن الناصر السرخسي ، وقطب الدين الكيدري البيهقي ، والفخر الرازي .. وغيرهم من علماء نيسابور وما حواليها في القرن السادس والسابع الهجريين.
ولأجل ذلك رحل نازويه القمّي من قم المقدّسة إلى نيسابور لأخذ نسخة من كتاب النهج برواية هؤلاء الجهابذة والأُدباء الكبار.
ومن هذا المنطلق نحن نجد ونقرأ تأثيرات هذه الدراسات والتعليمات الشيعيّة لهذا الجيل الأدبي في نيسابور العظمى على بعض نسخ كتاب نهج البلاغة ؛ فهناك عدّة نسخ خطّيّة استنسخت على نسخ هذه الرقعة