بالفرض والتقدير فيما يأتي من كلامه لأنّ ذلك منه على تقدير كون العلم جزء موضوع من باب الصّفة الخاصّة لا مطلقا وأمّا المثال لما كان القطع فيه جزءا من الموضوع على وجه الخصوص في الأحكام الكليّة والموضوعات الخارجة الّتي تترتب عليها فأشار المصنف رحمهالله إلى جملة منها ولا حاجة إلى تفصيل الكلام فيها إلاّ بما تمسّ إليه الحاجة وسنشير إليه في الحواشي الآتية نعم هنا شيء وهو أنّك كما عرفت عدم وجود مثال من الشّرعيّات لما كان القطع فيه جزء موضوع للحكم الكلّي على وجه العموم كذلك لم أجد مثالا لذلك في الموضوعات أيضا إلاّ ما يتخيّل من كون الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر كذلك حيث إنّ وجوب الأمر والنّهي مرتّب على القطع بترك المعروف مطلقا وفعل المنكر كذلك من أيّ سبب حصل ولأيّ مكلف حصل وفي أيّ زمان حصل ولكنّه أيضا لا يخلق عن نظر بل منع لاشتراط وجوبهما بشرائط مثل احتمال ارتداع الفاعل بالأمر والنّهي وعدم خوف الضّرر ونحوهما(قوله) كما في حكم العقل إلخ الدّليل هنا هو حكم العقل والحكم هو حسن الإتيان والانتهاء(قوله) من سبب خاصّ أو شخص خاصّ إلخ كتب في الحاشية مثل ما ذهب إليه بعض الأخباريّين من عدم جواز العمل في الشّرعيّات بالعلم الغير الحاصل من الكتاب والسّنة كما سيجيء وما ذهب إليه بعض من منع عمل القاضي بعلمه في حقوق الله تعالى وأمثلة ذلك بالنّسبة إلى حكم غير القاطع كثيرة انتهى والخصوصيّة في المثال الأوّل بحسب الأسباب وفي الثّاني بحسب أفراد المقطوع به والأوّل من قبيل الأحكام والثّاني من قبيل الموضوعات (قوله) كحكم الشّارع على المقلّد إلخ هذا من قبيل الأحكام والخصوصيّة فيه بحسب الأسباب والمثال الثّاني أيضا من قبيل الأحكام إلاّ أن الخصوصيّة فيه بحسب الأشخاص والثّالث من قبيل الموضوعات والخصوصيّة فيه بحسب الأسباب والقطع في هذه الأمثلة مأخوذ جزءا من الموضوع بالنّسبة إلى حكم غير القاطع ومن باب الطّريقية بالنّسبة إلى القاطع والأولى في مقام التّمثيل بما قدمناه من مسألة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر إذ الكلام من أوّل المقصد إلى هنا في حكم القاطع دون غيره وأمّا ما ذكره من المثالين الّذين نقلناهما عن حاشية المصنف في الحاشية السّابقة فمبنيّ على مذهب البعض لا على التّحقيق (قوله) ثمّ من خواص القطع الّذي هو طريق إلى الواقع إلخ هذه هي الخاصّة الثّانية الّتي أشرنا إليها سابقا وتوضيح الكلام في المقام يحتاج إلى بسط الكلام في كيفية جعل الأحكام من حيث كونها محمولة على الموضوعات الواقعيّة من حيث هي أو من حيث كونها معلومة ومنكشفة للمكلّف فنقول إنّ الشّارع تارة يجعل الحكم في الواقع ويرتبه على الموضوع الواقعي من حيث هو من دون مدخلية للعلم والجهل في تحقّقه وثبوته أصلا فيكون الحكم الواقعي حينئذ محمولا على ذات الموضوع من دون اعتبار صفة انكشاف للمكلّف وعدمه فالعلم المتعلّق بمثل هذا الحكم وموضوعه لا يعتبر إلاّ من باب الطّريقيّة المحضة فلا يكون قابلا لجعل جاعل ولا يفرق بين خصوصيّاته وليس له حينئذ إلا حيثية الكشف عن الواقع الذي هو معنى الطريقيّة وفي معناه الظنّ المطلق إذا قلنا باعتباره بدليل الانسداد من باب الحكومة دون الكشف كما سيأتي وأخرى يجعل الحكم مرتّبا على الموضوع الواقعي ولكن بوصف كونه منكشفا للمكلّف كما إذا جعل الحرمة والنّجاسة محمولتين في الواقع للخمر الواقعي بوصف انكشافه فيكون موضوع الحكم هو المقيّد بوصف الانكشاف فيكون أخذ العلم في موضوع الحكم حينئذ من حيث كشفه عن متعلّقه فحينئذ إن لم يجعل الشّارع طريقا آخر إلى الواقع ينحصر ثبوت الحكم في الواقع في حصول العلم للمكلّف بوجود الخمر بحيث لولاه لا يتّصف الخمر الواقعي بالحرمة والنّجاسة في الواقع لفرض انتفاء موضوعهما بانتفاء قيده وإن جعل إليه طريقا كالبيّنة ونحوها ممّا ليس بكاشف حقيقي عن الواقع بأن جعل قيام البيّنة على شيء بمنزلة انكشاف الواقع حقيقة وما قامت عليه البيّنة بمنزلة الواقع المنكشف على ما هو معنى جعل الطّريق إلى الواقع فهو حينئذ يقوم مقام العلم بنفس الأدلّة العامّة الدّالّة على اعتباره من دون حاجة إلى دليل خاصّ في ذلك لمّا عرفت من دلالة عموم الأدلّة الدّالة على اعتبار البيّنة مثلا على تنزيل ما قامت عليه بمنزلة الواقع المنكشف بإلغاء احتمال الخلاف وجعله كالعدم فإذا فرض كون ذلك نفس الواقع المنكشف بحكم الشّارع فكلّ حكم كان مرتّبا على الواقع من حيث هو كما في القسم الأوّل أو من حيث انكشافه للمكلّف كما في هذا القسم يترتب عليه لا محالة لفرض كون ما قامت البيّنة عليه نفس الواقع المنكشف بحكم الشّارع فيكون لما قامت عليه البيّنة اندراج موضوعي في موضوع الحكم الواقعي الّذي هو الخمر الواقعي من حيث هو أو من حيث انكشافه غاية الأمر أن يكون ما قامت عليه البيّنة بدلا عن الموضوع الواقعي ويظهر أثر الفرق بين هذا القسم والقسم الأوّل في مسألة الإجزاء بالنّسبة إلى الشّرائط والموانع فإنّ المانع من صحّة الصّلاة على هذا القسم هي النّجاسة المعلومة وعلى الأوّل هي النّجاسة الواقعيّة فإذا صلّى معتقدا طهارة بدنه أو ثوبه أو بانيا على أصالة الطّهارة فيهما ثمّ ظهر بعد الفراغ من الصّلاة نجاستهما فعلى القسم الأوّل يحكم ببطلانها لوجود المانع الواقعي وهي النجاسة الواقعيّة بخلافه على هذا القسم فإنّ المانع حينئذ علمي وهو العلم بالنّجاسة وهو هنا مفقود فيحكم بصحّة صلاته ومن هنا يحكم بصحّتها أيضا لو صلّى في مكان مغصوب معتقدا إباحته ثم علم بغصبيته فإنّ المانع هو العلم بالغصبيّة لا الغصبيّة الواقعيّة نعم تنتفي هذه الثّمرة فيما لو كان الحكم مرتّبا على الواقع المنكشف بحيث يكون لكل من واقعيّة الواقع وصفة الانكشاف مدخل في ثبوت الحكم بحيث لو انتفي أحد القيدين لانتفي الحكم الواقعي وبعبارة أخرى أن يكون الموضوع هو الواقع وانكشافه للمكلّف لا مطلق الانكشاف سواء طابق الواقع أم لا حتّى يشمل الجهل المركّب أيضا فمقتضى القاعدة حينئذ هو الحكم ببطلان الصّلاة في الشّرائط العلميّة الّتي يكون كذلك مع انكشاف خلافها ولعلّ اعتبار صفة القطع في حفظ عدد ركعات الثّنائيّة