العلم بالأحكام بسؤال الإمام عليهالسلام ونحوه تسهيلا للطّريق للعامة وفيه ما لا يخفى إذ تسهيل الأمر على العامّة لا يرفع قبح تفويت الواقع المرتب على العمل بالأمارة الظّنّية ممّن تمكّن من تحصيل العلم بالواقع فلا بدّ من جبر هذا الكسر بمصلح آخر ممّا ستعرفه وهنا وجه ثالث يظهر في الجملة من المحقّق القمي رحمهالله في بعض كلماته وهو كون المصلحة في وضع الأمارات الظنّية وجود ترياق يتدارك به ما يرد من النّقص بالعمل بها وإن كان ذلك بتحمّل سائر التّكاليف الشّاقّة والمجاهدات الصّعبة بل نفس تحمل المشقّة وبذل الجهد في تحصيل الظنّ بالأحكام الشّرعيّة واليأس عن إدراك الواقع والأسف عليه ربما يتضمن ما يتدارك به ما يفوت من مصلحة الواقع وهذه الوجوه كما ترى متّفقة في الجملة على كون المصلحة في نفس الأمر دون الفعل المأمور به وإن اختلفت في تعيين المصلحة وهي مؤيّدة لما ذكره المصنف رحمهالله من نفي كون المصلحة في الفعل نعم تعيين كونها في سلوك الطّريق أو في نفس الأمر وأنها حسن صفة الظّنّ أو الجرح النّوعي أو وجود التّرياق لأنّه رجم بالغيب وحدس بلا ريب يحتاج إلى دليل ويحتمل رجوع ما ذكره المصنف رحمهالله إلى أحد الوجوه المذكورة على سبيل منع الخلو ثمّ إنّه يظهر ممّا ذكرناه هنا وفي الحاشية السّابقة الوجه في عدم استلزام القول باعتبار الظّنون الخاصّة الإجزاء بل ظاهر المصنف رحمهالله استلزام القول بالإجزاء القول بالتّصويب والعجب من المحقق القمي رحمهالله لأنّه مع قوله باعتبار الظّنون من باب دليل الانسداد ذهب إلى القول بالإجزاء وأعجب منه قوله به في الأوامر العذريّة كما لا يخفى (قوله) فيشكل الفرق إلخ وجه الإشكال ابتناء القول بالإجزاء على الالتزام بوجود مصلحة مساوية لمصلحة الواقع أو راجحة عليها إمّا في نفس الفعل الّذي تضمّن الطّريق حكمه أو في سلوكه وكلّ منهما مستلزم لنفي الحكم الواقعي كما يظهر ممّا ذكره المصنف رحمهالله في المقام وما علّقناه على كلامه لكن لزوم التّصويب هنا أنّما هو بالمعنى الّذي ذكره في الوجه الثّاني من وجوه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة وربّما يشكل ذلك بما يظهر منه في الجواب عمّا أورده على نفسه قبل بيان وجوه جعل الطّرق الظنّية من نفي كون ذلك تصويبا مع أنّ توجّه النّظر فيما استشكل واضح لأنّا إذا قلنا بوجود المصلحة في تطبيق العمل على مؤدّى الأمارة كما هو مقتضى الوجه الثّالث لا بحدوثها في الفعل بقيام الأمارة كما هو مقتضى الوجه الثّاني يكون الحكم الواقعي حينئذ باقيا على حاله كما أوضحناه سابقا وسيصرح به واختلاف القول بالإجزاء وعدمه أنّما هو باختلاف المصلحة الموجودة في العمل بالأمارة لأنّا إن قلنا بكون هذه المصلحة متداركة لما يفوت من مصلحة الواقع بالعمل بالأمارة مطلقا سواء انكشفت مخالفته للواقع بعد أم لا فلازمه القول بالإجزاء وإن قلنا بكونها متداركة لمقدار ما يفوت منها بالعمل بالأمارة المخالفة فلازمه القول بعدم الإجزاء لكن الفرض على كلّ تقدير بقاء الحكم الواقعي بحاله كما هو مقتضى الوجه الثّالث وهو مخالف للقول بالتّصويب بل مناقض له نعم تنتفي الثّمرة بينه وبين القول بالإجزاء ويمكن حمل المصنف رحمهالله أيضا على ذلك فتدبّر (قوله) من فروع مسألة التصويب إلخ الظّاهر أنّ المراد كون القول بعدم الإجزاء لازما مساويا للقول بالتخطئة والقول بالإجزاء لازما مساويا للقول بالتّصويب كما يشهد به ظاهرا لتفريع فيكون ذلك بمثابة الإشكال على القول بالإجزاء من القائلين بالتّخطئة وعلى القول بعدمه من القائلين بالتّصويب إن وجد قول بذلك والوجه في الملازمة الأولى هو اقتضاء بقاء الحكم الواقعي للإعادة مع انكشاف الخلاف كما أوضحناه عند شرح قوله قلت وأمّا رجوع الوجه الثالث إلى آخره وفي الثانية يظهر ممّا قدّمناه في الحاشية السّابقة(قوله) محلّ نظر إلخ لاختصاص محل نزاعهم في مسألة التخطئة والتصويب بالأحكام الكلّيّة بمعنى اتّفاقهم على التّخطئة في الموضوعات نعم ربّما حكي عن بعض أواخر المتأخّرين القول بالتّصويب فيها (قوله) يكون عليه المعوّل إلخ لفظ المعوّل هنا مصدر ميميّ وإن كان اسم مفعول كان الأولى أن يقول هو المعوّل عليه وليعلم أنّه لا أثر لتأسيس هذا الأصل في أمثال هذا الزّمان بناء على انسداد باب العلم فيه لتعيّن العمل فيه بالظنّ لا محالة نعم يظهر أثره في مواضع منها صورة انفتاح باب العلم في أغلب الأحكام الشّرعيّة إذ يجوز حينئذ في الموارد القليلة التي انسد فيها باب العلم بناء العمل بالظنّ على تأسيس هذا الأصل ومنها ما لو شكّ في انفتاح باب العلم شرعا وعدمه كأمثال هذا الزّمان بناء على احتمال حجية طائفة من الأخبار وافية بالفقه لعدم استقلال العقل حينئذ بوجود العمل بالظنّ بل يبنى على تأسيس هذا الأصل منها ما لو ثبت انسداد باب العلم في مورد من الموارد التي وقع الكلام فيها في جواز العمل بالظّنّ لأنّ موارده ستّة أحدها الفروع الثّاني أصول الفقه الثالث الأصول الاعتقاديّة الرّابع الموضوعات المستنبطة الخامس الموضوعات الصرفة السّادس المسائل المشتبهة المرددة بين كونها من الأصول والفروع كمباحث الاجتهاد والتّقليد ونحوها فإذا ثبت الانسداد في الفقه يبنى التّعدي إلى غيره على تأسيس هذا الأصل ثمّ إنّ للعمل بالظن أقساما وأصالة الحرمة أنّما تتأتّى في بعضها كما سنشير إليه (قوله) قوله تعالى (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) إلخ الآية واردة في ذمّ اليهود وتوبيخهم وتقريب الدّلالة أنّ الظّاهر من قوله أذن لكم هو الإذن الفعلي الموقوف على وصول البيان والمراد بالافتراء حينئذ بقرينة المقابلة نسبة الحكم إلى الله تعالى من دون إذن وبيان منه تعالى فيه سواء كان مأذونا فيه في الواقع أم لا وسواء كان المكلّف ظانّا بذلك أم لا عالما بعدمه أم شاكّا فيه أم معتقدا به مع عدم ثبوته في الواقع مع التّقصير فالآية دالّة على حرمة الجميع لورودها في مقام الذّم والتّوبيخ وبهذا التّقرير يندفع ما ربّما يورد على الاستدلال بها من كون ظاهرها حرمة ما لم يرد فيه إذن في الواقع لأن المراد بالافتراء