عنده فإذا قامت الأمارة المخالفة فغاية ما تقتضيه المصلحة الموجودة في سلوكها هي الرّخصة في العمل بها وفرض مؤدّاها واقعا لا جعل مؤدّاها في حقّ من قامت عنده كما هو مقتضى الوجه الثّاني فالواقع مع قيام الأمارة المخالفة باق على ما هو عليه وإن رخص الشّارع في مخالفته لأجل ما في سلوك هذه الأمارة من المصلحة ومع انكشاف الخلاف علما أو ظنّا ينكشف الواقع كذلك لا أنّ الواقع يتبدّل بتبدّل الأمارة وانكشاف الخلاف كما هو مقتضى الوجه الثّاني على ما عرفت وثمرة الرّخصة في العمل بمؤدّاها وفرضها واقعا ما أشار إليه بقوله فإن كان في أوّل الوقت إلى قوله ثمّ إن استمر إلى آخره وثانيها بيان ثمرة بقاء الحكم الواقعي على حاله على الوجه الثّالث مع قيام الأمارة المخالفة والرّخصة في العمل بمؤدّاها وحاصله ظهور الثّمرة في وجوب الإعادة والقضاء مع انكشاف الخلاف في الوقت أو خارجة لأنّه مع فرض كون العمل بمؤدّى الأمارة من باب الرّخصة في مخالفة الواقع ما دامت الأمارة قائمة من دون حدوث الوجوب النّفس الأمري إذا انكشف خلافها بطلت هذه الرّخصة ووجب البناء على مقتضى الحكم الواقعي وترتيب آثاره من أوّل الأمر فإن كان انكشاف الخلاف في أثناء الوقت تجب الإعادة وفي خارجه يجب القضاء إن قلنا بكونه تابعا للأداء وعلى الوجهين اللّذين أشار إليهما المصنف رحمهالله إن قلنا بكونه بأمر جديد كما هو التّحقيق ولذا لم يتعرض المصنف رحمهالله للأوّل فإن قلت إنّ مجرّد بقاء الحكم الواقعي لا يقتضي بوجوب الإعادة والقضاء مع فرض امتثال الأمر الظّاهري بالعمل بمؤدّى الأمارة إذ لا دليل على وجوب امتثال آخر بعده سيّما إذا كان انكشاف الخلاف بطريق ظنّي لا قطعي إذ هذا الظّنّ ليس بأولى من الأوّل قلت إنّ الدّليل على وجوب الامتثال ثانيا هو ما دل على وجود الحكم الواقعي بعد انكشاف الخلاف إذ لا رافع لهذا الأمر إلاّ امتثاله ثانيا وأمّا عدم أولوية الظنّ الثّاني من الأوّل ففيه أنّ مقتضى الأمارة الثّانية بطلان مؤدّى الأولى من رأس فهي حاكمة عليها لا معارضة لها حتّى يجري فيها دعوى عدم الأولويّة ومجرّد أمر الشّارع بالعمل بمؤدّى الأمارة الأولى لا يقتضي أزيد من فرض مؤدّاها واقعا ما لم ينكشف الخلاف فإن قلت إنّه لا دليل على هذا التّقييد إذ مقتضى اعتبار الأمارات فرض مؤدياتها واقعا ولو مع انكشاف الخلاف ومقتضاه عدم وجوب الإعادة والقضاء قلت مع منع شمول تلك الأدلّة لصورة الانكشاف لورودها في مقام التّشريع أنّ هذه الأدلّة كما تثبت اعتبار الأمارة الأولى كذلك الثّانية ولا ريب أنّ مقتضى اعتبار الثّانية بطلان الأولى من رأس كما عرفت وبعبارة أخرى أنّ مقتضى شمول تلك الأدلّة للأمارة الثّانية هو خروج الأولى من تحت تلك الأدلة لكشفها عن بطلانها من رأس كصورة العلم بمخالفتها للواقع فإن قلت إنّه مع كون مصلحة سلوك الطّريق متداركة لمصلحة الواقع لا مقتضى لوجوب الإعادة والقضاء قلت مرجع هذا إلى ما ذكره المصنف رحمهالله في السّؤال إذ مقتضى كون مصلحة سلوك الطّريق متداركة لمصلحة الواقع هو نفي وجود الحكم الواقعي وقد أشار المصنف رحمهالله إلى جوابه وسنشير أيضا إلى ما يدفع ذلك وثالثها بيان كون المصلحة في سلوك الطّريق بقدر ما يتدارك به ما يفوت من مصلحة الواقع وذلك لأنّ ما يجب الالتزام به بحكم العقل من المصلحة في سلوك الطّريق في دفع القبح اللازم من الرّخصة في العمل بمؤدّى الأمارة الظنّية المتطرّق عليها التخلف عن الواقع كثيرا هو مقدار من المصلحة يتدارك به ما يفوت بالعمل بمؤدّاها من مصلحة الواقع لا ما يتدارك به مصلحة الواقع مطلقا لعدم المقتضي للالتزام بذلك لارتفاع القبح بما ذكرناه فإذا قامت الأمارة على وجوب الجمعة وكان الواجب في الواقع هو الظهر وأتي بالجمعة في وقتها فإن استمر هذا الحكم الظّاهري أي الرّخصة في ترك الظهر إلى آخر وقتها وجب كون مصلحة سلوك الطّريق متداركة لما فات من مصلحة الظّهر لئلا يلزم تقويت الواجب الواقع مع التّمكّن من تحصيل العلم به وإن لم يستمرّ بل انكشف وجوب الظّهر قبل خروج وقتها وجب كونه مشتملا على مصلحة يتدارك بها ما يفوت من مصلحة الإتيان بالظهر مع نوافلها في أوّل وقتها لا أصل مصلحة الظّهر لفرض إمكان إدراكها بالإتيان بالظّهر في وقتها وإن انكشف وجوبها بعد خروج وقتها وجب اشتماله على مصلحة يتدارك بها مصلحة أداء الظّهر وما يتعلّق به لا كليّة مصلحة الظّهر لما عرفت من إمكان إدراكها في الجملة بقضائها ومما ذكرناه يتضح ما قدّمناه من عدم استلزام الالتزام بالمصلحة في سلوك الطّريق لعدم وجوب الإعادة والقضاء فلا تغفل (قوله) كما ربّما يوهمه ظاهر إلخ وجه الظّهور ظاهر وأمّا الاحتمال الآخر في كلامهما فهو احتمال إرادتهما كون أمر الشّارع بالعمل بالأمارات الظّنّية لأجل كون الظّنّ صفة حسنة في المكلّف وهو كاف في حسن أمر الشّارع على ما عليه العدليّة من كون أوامره ونواهيه تابعة للحسن والقبح لا أنّ المقصود كون الأمارة الظنّية محدثة في الفعل مصلحة يكون عليها مدار الحكم وربّما يظهر من كلامه وجه آخر في أمر الشّارع بالعمل بالأمارات وهو ما أشار إليه بقوله إلاّ أن يقال إنّ غاية ما يلتزم به في المقام هي المصلحة إلى آخره وحاصله أن باب العلم بالأحكام الشّرعيّة لما كان منسدا أو كان تحصيله موجبا للحرج الشّديد والعسر الأكيد في حقّ أكثر النّاس حتّى في زمن النّبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام لكون أكثرهم في البلاد النّائية بحيث يشقّ عليهم الحضور في خدمتهم وأخذ الأحكام منهم بل ربّما كان يتعذر عليهم ذلك سيّما يوم مدّ الظّلم باعه وساعد عليه أتباعه حتّى صار مخازن وحي الله في زوايا الخمول غير متمكنين من إقامة الحدود وفتر الأحكام صار هذا الانسداد الغالبي أو الجرح النّوعي حكمة لوضع الأمارات الظّنّية فوضعها الشّارع مطلقا حتّى في حقّ من تمكن من تحصيل