بينهما مختفيا وأمّا على الطريقة المتأخرين المبنية على الحدس فلا بد حينئذ من تشخيص مرادهم لأنّهم إن أرادوا حصول الحدس من تتبع الفتاوي برضا المعصوم عليهالسلام فلا يعقل انعقاد الإجماع على طرفي المسألة لعدم إمكان رضاه بطرفي النقيض في الحكم وإن أرادوا حصول الحدس بقول المعصوم عليهالسلام على طبق فتاوي العلماء فيمكن تحققهما وتعارضهما كتعارض الخبرين القطعيين وإن أرادوا حصول الحدس بوجود دليل ظنّي قد وصل إلى العلماء على طبق فتاويهم فإمكان التعارض أوضح وإن أرادوا حصول الحدس بوجود أصل من عموم كتاب أو سنة فإمكان تعارضه أيضا أوضح فيكون الإجماع حينئذ بمنزلة عام يجوز تخصيصه بدليل آخر أو إجماع آخر إن كان خاصا وأمّا الثاني فاعلم أنّه حيث تعارض إجماعان فإن أمكن الجمع بينهما بحسب الدّلالة فهو وإلا فالحقّ عدم جريان شيء من المرجّحات فيهما لا من حيث الصّدور ولا من حيث وجه الصّدور ولا من حيث المضمون لأن الترجيح كالحجيّة على خلاف الأصل فيقتصر على مورد ثبوته وهو الأخبار المروية عن الأئمة عليهمالسلام على طريق الحسّ دون الحدس لأنها المتيقنة من أخبار التّرجيح وكذا من أخبار التخيير فلا يشمل المقام شيء من أخبارهما وإن كان الإخبار عن الإجماع إخبارا عن المعصوم عليهالسلام إذ لا عموم فيها لأن التعليل الوارد في أخبار الترجيح بمثل قولهم فإن المجمع عليه لا ريب فيه أو ما يقرب منه لا يشمل المقام لأنّ المتيقن منه عمومه على حسب مورده وهي الإخبار عن حسّ ولذا لا يعتدى من تعارض الخبرين إلى تعارض الاحتمالين بأن تعارض احتمالان أحدهما مشهور أو مخالف للعامة مع جريان عموم التعليل المذكور وكذا قوله عليهالسلام فإن الرّشد في خلافهم فيه أيضا ومنه يظهر ضعف ما ذكره المصنف رحمهالله من التعدية إلى تعارض الإجماعين بل إلى تعارض كلّ ظنيّين كان اعتبارهما من باب الظنون الخاصة نعم لو قلنا بكون اعتبار المرجحات ثم التخيير من باب الأصل إمّا لأجل بناء العقلاء على ذلك في أخبارهم العرفية وإمّا لأجل أن المستفاد من الأخبار بتنقيح المناط كون المدار في الترجيح على تعارض دليلين مطلقا من دون مدخلية المورد مؤيّدا بعموم التعليل أمكن إعمال المرجحات في المتعارضين من الإجماعات المنقولة أيضا نعم لا بد أن يستثنى من ذلك الترجيح بوجه الصّدور لانتفاء الخوف والتقية في دعوى الإجماع في الكتب الاستدلالية وكذا الترجيح بالأعدلية والأورعية لعلمنا بصدق المدعين للإجماع من أرباب التصانيف من العلماء فلا بد أن يلاحظ سائر المرجحات الداخلة مثل كون أحد المدعيين أضبط من الآخر أو أقل خطأ في حدسه أو كون مدعي أحدهما أكثر عددا من الآخر أو نحو ذلك أو الخارجة مثل كون أحد الإجماعين موافقا للشهرة دون الآخر أو لعمل الناس أو كان أحد المدعيين مدعيا لإجماع أهل العلم والآخر لإجماع الإماميّة خاصة إذ لا شكّ أنّ الأوّل أقوى اللهمّ إلا أن يدعى أنّ كثرة وقوع البدع والضّلال بين العامة يوهن الأوّل فيكون الثّاني أقوى فتأمل ومثل دعوى إجماع كلّ من الأصوليّين والأخباريين ودعوى إجماع الأصوليّين خاصة وربّما يقال بكون دخول الأخباريين في المجمعين موهنا له لكثرة خطائهم في المسائل العلميّة ومثل عدم وجود خلاف في زمان دعوى أحدهما ووجوده في زمان دعوى الآخر أو عدم حدوث الخلاف بعد دعوى أحدهما وحدوثه بعد الآخر ومثل كون أحد المدعيّين من حذقة الفنّ دون الآخر ومثل دعوى أحدهما انحصار القول في المسألة في قولين ودعوى الآخر انحصاره في الثلاثة مثلا فيما يدعي فيه الإجماع المركب والثاني أقوى لكون المثبت مقدّما على الثّاني في أمثال المقام وبالجملة لا بد من ملاحظة أمثال ما ذكر في ترجيح أحد الإجماعين المتعارضين فتكثر الحاجة إلى ضبط أمثال ما ذكرناه لعظم نفعها في الفروع المقام الثالث في تعارض الإجماع المنقول مع خبر الواحد وقد حكي عن الشّهيد الثاني تقديم الإجماع لكونه عالي السّند بخلاف الخبر والحق تقديم الخبر عليه وعلله في محكي الإشارات بكون خبر الواحد أقوى اعتبارا من الإجماع المنقول لكون اعتبار الأوّل متيقنا بخلاف الثّاني لأنّ اعتباره مظنون مستند إلى ظواهر الأدلة مثل آية النّبإ ونحوها وأدلّة خبر الواحد لا تنحصر فيها ولأنّ كلّ من قال باعتبار الثاني قال باعتبار الأوّل أيضا من دون عكس فيكون اعتباره متيقنا بالنسبة إليه وفيه نظر لأنّ الكلام في الترجيحات إنّما هو بعد الفراغ من اعتبار المتعارضين واعتبار كلّ دليل وحجيته لا بد أن ينتهي إلى العلم دون الظنّ وآية النّبإ على تقدير شمولها للإجماع المنقول وإن كانت ظنية بحسب الدّلالة إلاّ أنّها قطعية بحسب الاعتبار مع أنّ الثابت من الأدلّة في ترجيح أحد المتعارضين على الآخر كونه أقرب إلى الواقع من حيث الصّدور أو وجه الصّدور أو من حيث المضمون وأمّا القرب إلى الواقع من حيث الاعتبار فلم يثبت الترجيح به من الأدلّة كما يظهر ممّا قدّمناه في إثبات وجوه التّرجيح ولذا حصرها العلماء في هذه الثلاثة مع إضافة قوّة الدّلالة ولم يتعرض أحد منهم لاعتبار الترجيح من حيث قوّة الاعتبار وكيف لا ولو صح ذلك انفتح باب آخر للتّرجيح لاختلاف مراتب اعتبار الأدلة قوّة وضعفا وهو خلاف طريقتهم في الفقه والأولى أن يقال إنّ الإجماع وإن كان عالي السّند إلاّ أنّ اعتباره مبني على الحدس عن موافقة رضا المعصوم عليهالسلام لفتاوي المجمعين والحدس ممّا يكثر الخطأ فيه بخلاف الخبر فإنّه مبنيّ على الحسّ من سماع الخبر من المعصوم عليهالسلام أو من الوسائط إلى أن ينتهي إليه والإجماعات المدعاة في كتب المتأخرين مبنية على الحدس بل وفي كتب القدماء أيضا لأنّها أيضا مبنيّة على الحدس عن دخول قول المعصوم عليهالسلام في جملة أقوالهم نعم لو فرض تحقق الإجماع في زمان حضور المعصوم عليهالسلام أمكن كون دعواه مبنية على الحسّ ولكني لم أطلع على مثله في الإجماعات المدّعاة في الكتب العلماء قديما وحديثا ثم إنّ الكلام هنا وفي المقام الثّاني مبني على القول باعتبار الإجماع المنقول من باب الظنون الخاصّة وإلا فعلى القول باعتباره من باب الظنون المطلقة لا سبيل إلى فرض التعارض بينه وبين غيره من سنخه أو غيره كما عرفته في المقام الأوّل ثمّ إنّه ليس في الأدلة الظنية ما يمكن القول باعتباره من باب الظنون الخاصّة سوى خبر الواحد والإجماع المنقول والشّهرة أمّا الأولان فواضحان وأمّا الثّالث فقد قيل باعتباره من باب