والضّرر وأمّا وجود مصلحة أخرى سواها وإن كان ممكنا إلاّ أنّه لم يدل دليل على وقوعها على ما عرفت وإلى هذا أشار المصنف رحمهالله في صدر هذه المسألة بقوله إلا أن الّذي بأيدينا أمارة التقية إلى آخر ما ذكره (قوله) لا يزيد على عشر آيات إلخ بإسقاط البسملة عن السّورتين وإلا فهما اثنتا عشرة آية ولعلّ سبب الإسقاط كون المخاطب من العامة ولعلّ في تعريض الإمام عليهالسلام إيماء إلى ذلك وإلاّ فالتعريض منه لبعض مواليه لا يناسبه (قوله) لما في أيدينا من الأدلّة تقيّة إلخ بالمعنى الأوّل من معنييها اللذين تقدّما في الأمر الأوّل (قوله) الرّابع أن ظاهر الأخبار إلخ لا يخفى أن في المسألة وجوها أحدها اعتبار موافقة الجميع أو معظمهم الّذي يصدق معه الاستغراق العرفي الثّاني كفاية موافقة قول بعضهم الّذي حكامهم وقضاتهم إليه أميل الثالث كفاية موافقة البعض مطلقا الرّابع كفاية موافقة القول المشهور بينهم بحيث تكون مخالفته مظنّة للضرر والخوف وظاهر الأخبار الآمرة بالأخذ بمخالف العامة وطرح ما يوافقهم هو الأوّل وظاهر بعضها الآمر بسؤال حكامهم والعمل بخلافه كما هو ظاهر المقبولة هو الثّاني وظاهر المرفوعة بالتقريب الّذي ذكره المصنف رحمهالله هنا في المقبولة هو الثّالث والتحقيق ابتناء المسألة على الوجه الثّاني والرّابع من الوجوه الأربعة الّتي ذكرها المصنف رحمهالله في الترجيح بالمخالفة إذ على الثّاني يعتبر موافقة الجميع أو ما يصدق معه الاستغراق العرفي لأنّ مقتضى التعليل بكون الرّشد في خلافهم كون الرّشد في مخالفة جميعهم أو معظمهم وعلى الرّابع يكفي موافقة البعض ومخالفته الّتي يظنّ معها صدور الموافق تقيّة منه وحينئذ لا بدّ من ملاحظة فتاوي العامة في زمان صدور الرّواية وأن قضاتهم وحكامهم إلى أيّ فتوى كانوا أميل وأيّ فتوى كانت مشهورة فيما بينهم ويحصل الاطلاع على ذلك من كتبهم وتواريخهم وحينئذ تكثر الحاجة إلى مراجعتها والتتبع فيها ثمّ إنّ هذا كلّه إنّما يتأتى على القول بالمرجحات المنصوصة بالخصوص وأمّا على ما هو التحقيق من اعتبار مطلق الظنّ في باب التّرجيح والاعتماد على كلّ مزية في أحد الخبرين مفقودة في الآخر فيجوز الترجيح بمطلق الموافقة والمخالفة بأن تساوى الخبران من جميع الوجوه إلا احتمال التقية في أحدهما دون الآخر على أيّ وجه فرض حصول التقية في الموافق منهما(قوله) وأهل المدينة على فتاوي مالك إلخ في شرحي الوافية للسيّد الصّدر والفاضل الكاظمي زيادة ورجل آخر بعد مالك وكذا لفظ عثمان بدل عمّان وزيادة وسعيد الرّبيع من فقهائهم بعد ذكر سوادة وزيادة مرو بعد خراسان وزيادة وسفيان بن عيينة بعد ربيعة الرأي وقالا بعد ذكر محمّد بن شهاب الزّهري وكلّ واحد من هؤلاء إمام قوم برأسه ليس تابعا لغيره وكانت المذاهب الأربعة كغيرها إلى أن مال هارون الرشيد إلى الحنفية وغيره إلى غيرها ولكن لم يترك المذاهب الأخر إلى أن استقرّ رأيهم بحصر المذاهب فحصروها في الأربعة في سنة خمس وستين وستّمائة كما قيل فصارت أشهر من غيرها بتوسّط السّلاطين والأمراء واشتهر البعض الآخر بتوسّط ما ذكر ولكونه أقرب إلى الصّواب من غيره كمذهب الشافعي انتهى (قوله) وكذا لا يزاحمه هذا الرّجحان إلخ توضيح المقام أنّه لا إشكال في أنّ الأصل بمقتضى أدلّة اعتبار الأخبار هو التعبّد بصدور كلّ من الخبرين المتعارضين وإنما احتجنا إلى الترجيح بواسطة تنافي مدلولهما وعدم إمكان الجمع بينهما فحيثما أمكن الجمع بينهما على وجه مقبول عند أهل اللّسان لا يبقى مجال للتّرجيح لا من حيث الصدور ولا من حيث جهة الصّدور وحيثما لا يمكن الجمع المقبول والتجأنا إلى طرح أحدهما لأجل وجود مرجح في الآخر فإن كان هذا المرجح سالما من معارضة مرجح آخر في الطرف الآخر فهو وإلاّ فالترجيح من حيث الصّدور مقدّم على الترجيح من حيث جهة الصّدور لتفرعها على نفس الصّدور فلا معنى لملاحظة جهة الصّدور قبل ملاحظة نفس الصّدور فإذا أمكن التعبد بصدور أحدهما وطرح الآخر لأجل وجود مرجّح في المأخوذ وفقده في المطروح لا يبقى محلّ لملاحظة جهة الصّدور وبعبارة أوضح أنّ الحمل على التقية ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما قطعا كما في المتواترين أو شرعا كما في الخبرين مع فرض عدم إمكان التعبد بأحدهما معينا وطرح الآخر كذلك بأن دار الأمر بينهما في الأخذ والطّرح لأجل تنافي مدلولهما وعدم إمكان الجمع بينهما أمّا الأوّل فلما عرفت من كون جهة الصّدور متفرعة على نفس الصّدور وأمّا الثّاني فإنّه مع إمكان التعبّد بأحدهما معينا وطرح الآخر كذلك لو حمل أحدهما على التقية لزم ملاحظة جهة الصّدور قبل نفس الصّدور وقد عرفت فسادها فمع إمكان التعبّد بأحدهما تعين الأخذ به وطرح الآخر(قوله) بناء على تعليل الترجيح إلخ يعني بناء على الوجه الرّابع من الوجوه الأربعة المتقدمة وأمّا بناء على الوجه الثاني منها فسيشير هنا إلى أنّ الترجيح بمخالفة العامة حينئذ من قبيل الترجيح من حيث المضمون وسيجيء بيان حاله مع غيره (قوله) كان عدم احتمال التقية في أحدهما مرجحا إلخ يعني كان مرجحا لأصل التعبّد بأحدهما لا للأخذ بأحدهما بعد التعبّد بصدورهما لأنّ مرجع الحمل على التقيّة إلى رفع اليد عن الموافق للعامة رأسا (قوله) المقام الثّالث في المرجّحات الخارجية إلخ لا يذهب عليك أنّ المصنف رحمهالله قد قسم المرجّحات في عنوان المقام الرّابع إلى خارجي وداخلي وقسم الدّاخلي إلى أقسام ثلاثة أعني الترجيح من حيث الصّدور ووجه الصّدور والمضمون ثم ذكر الترجيح بحسب الدّلالة في البين لمناسبة تقدّمه على الترجيح بحسب السند ثم بين الترجيح من حيث الصّدور ثم من حيث وجه الصّدور وبقي الكلام في الترجيح من حيث المضمون من المرجحات الداخلة وكذا في التّرجيح بالمرجحات الخارجة وتعرض هنا لبيان الأخيرة وجعله مقاما ثالثا نظرا إلى كون الكلام فيها مقاما ثالثا بالنسبة إلى ما ذكره قبلها من الترجيح بالصّدور وبوجه الصّدور وإن لم يذكر هذا اللفظ في عنوان الكلام فيهما وسكت عن الترجيح بالمرجحات المضمونيّة الدّاخلة استغناء عنه بما ذكره هنا لكون الترجيح بالمرجحات الخارجة مطلقا من حيث المضمون ثم المراد بالمرجحات الخارجة أمور خارجة من نفس الخبرين موجبة لأقربية مضمون أحدهما إلى الواقع دون الآخر من دون مدخلية لها في قوة دليلية أحدهما بالنسبة إلى الآخر كالشّهرة والإجماع المنقول ونحوهما إذا وافقت أحدهما دون الآخر بخلاف الترجيح من حيث السّند فإنّها تحصل بأمور تقوي جهة دليلية أحدهما كما تقدّم سابقا(قوله) بناء على كشفها إلخ إذ لولاه لكانت الشهرة بحسب الرّواية من المرجحات الداخلة دون الخارجة