الشرف المقتضي لزيادة الفضيلة على ما عداهما مع اشتراك الكلّ في الصّحة وحصول الثّواب ومحصّل الصّحة أولى من محصّل الزّيادة ويمكن ردّ هذا إلى الأول يعني صورة التّعارض الّتي يجمع فيها بين الدّليلين مهما أمكن فيعمل بكلّ منهما من وجه بأن يحمل عموم فضيلة المسجد على الفريضة وعموم فضيلة البيت على النّافلة لأنّ النّافلة أقرب إلى مظنّة الرّياء من الفريضة وهذا هو الأصحّ وفيه مع ذلك إعمال الدّليلين وهو أولى من طرح أحدهما وأقول كأن نظره في الحكم بكون النّسبة بين الرّوايتين العموم من وجه إلى عموم الرّواية الأولى من حيث إثبات الأفضليّة لمطلق الصّلاة سواء كانت فريضة أم نافلة في مسجد المدينة بالنسبة إلى سائر الأمكنة ما عدا مسجد الحرام وعموم الثانية من حيث إثبات أفضلية النّافلة في البيت بالنّسبة إلى سائر الأمكنة حتّى مسجد النّبي صلىاللهعليهوآله فمادة الاجتماع هي النّافلة حيث إنّ الرّواية الأولى تقتضي أفضليّتها في مسجد النّبي صلىاللهعليهوآله والرّواية الثّانية تقتضي أفضليّتها في البيت ومادة الافتراق من جانب الأولى أفضليّة الفريضة في مسجد النّبي صلىاللهعليهوآله من سائر المساجد والأمكنة ما عدا مسجد الحرام ومن جانب الثّانية أفضليّة النافلة في البيت بالنّسبة إلى سائر الأمكنة والمساجد ما عدا المسجدين الأعظمين فإنّها لا تعارضها الرّواية الأولى في هذه المادة هذا ولكن يرد عليه أولا أن حكمة الحكم لا تصلح للترجيح بين المتعارضين لعدم اشتراط الاطراد فيها كما يشترط ذلك في العلّة وثانيا أنّ الجمع بينهما بحمل الرّواية الأولى على أفضليّة الفريضة في مسجد النّبي صلىاللهعليهوآله والثانية على أفضليّة النّافلة في البيت كما ذكره ضعيف جدا إذ الجمع بين المتعارضين لا بدّ أن يكون في محلّ التعارض دون غيره وقد عرفت عدم معارضة الرّواية الثّانية للأولى في إثبات أفضليّة الفريضة في مسجد النّبي صلىاللهعليهوآله فتخصيص الرّواية الثّانية بأفضليّة النّافلة في البيت عين التّرجيح بها على صاحبها في محلّ التّعارض وليس ذلك من الجمع في شيء ثم إنّ المحقّق القمي بعد أن استشكل في كون حكمة الحكم سببا لترجيح أحد العامين على الآخر في مقام الجمع بأن كانت الحكمة في أفضلية النّافلة في البيت سببا لتخصيص العام الآخر قال إلاّ أن عمل الأصحاب والشّهرة بينهم صار قرينة مرجحة لهذا الحمل وإن وردت روايات معتبرة في استحباب النّافلة في المسجد أيضا وعمل بها الشهيد الثّاني في بعض تأليفاته انتهى وأنت خبير بأن الجمع بين العامين بتخصيص أحدهما المعيّن بالآخر بأمر خارجي لا بدّ أن يكون لأجل أظهرية أحد العامين من الآخر بسبب ما اقترنه من الأمر الخارجي ولا ريب أنّ عمل الأصحاب لا يوجب أظهريّة أحدهما كما سيجيء إن شاء الله تعالى حتّى يجمع بينهما بالتّخصيص بل يوجب قوّة في السّند فيرجح المعمول به منهما في محلّ التّعارض وهذا ليس من الجمع في شيء كما هو واضح (قوله) فالكلام في مستند أولويّة الجمع إلخ قوله فالكلام مبتدأ وفي مستند خبره وحاصله أنّ كيفية الجمع في تعارض البينات غير جارية في متعارضات أدلّة الأحكام لأنّ الجمع في الثانية بتأويل ظاهر المتعارضين وهذا غير جار في تعارض البينتين لنصوصيّة شهادة البينة لأجل تصريحها بالمراد فلا يتأتى التّأويل في كلامهما فالجمع فيها منحصر في تصديقها في بعض مدلول كلامها وهذا أيضا غير جار في تعارض أدلّة الأحكام لأنّ مضمون خبر العادل أعني صدور هذا القول الخاص عن الإمام عليهالسلام غير قابل للتبعيض نظير تعارض البيّنات في الزّوجيّة والنّسب مثلا نعم ربّما يتأتى التبعيض من حيث التصديق والتكذيب بحسب ترتيب الآثار لأنّ مقتضى تصديق العادل هو ترتيب الحكم المخبر به في جميع أفراد موضوعه فيما إذا كان ذا أفراد مثل ما لو ورد أكرم العلماء وأهن العلماء فيؤخذ بقول أحدهما في وجوب إكرام بعض العلماء والآخر في وجوب إهانة بعض آخر إلاّ أنّ هذا النّحو من الجمع غير صحيح في تعارض أدلّة الأحكام لاستلزامه المخالفة القطعيّة مقدّمة للعلم بالإطاعة وهو قبيح عقلا في باب الإطاعة والمعصية لأنّ الحقّ فيه لواحد وهو الله تعالى وهو لا يرضى بذلك بخلاف تعارض البينات لأنّ الحق فيه لمتعدد وفي الجمع المذكور جمع بين الحقين وهذا محصّل ما ذكره المصنف رحمهالله وتحقيق المقام في تعارض البينات أنا إن قلنا باعتبار البينة من باب الطريقية والمرآتية إلى الواقع فعند تعارضها لا بدّ من التّوقف والرّجوع إلى مقتضى الأصول في مورد التعارض مطلقا لخروجهما من وصف الطريقية لأجل التمانع والتزاحم نظير تعارض الأخبار على القول باعتبارها من باب الطّريقية على ما سيوضحه المصنف رحمهالله وإن قلنا باعتبارها من باب التعبّد والسببية المحضة بأن كان اعتبار شهادة العدل لأجل مراعاة حال العادل بأن لا يكذب في شهادته مع قطع النّظر عن كشفها عن الواقع ونظرها إليه فحينئذ يجب الجمع بالتّبعيض في مدلول شهادتهما لأنّ العمل على طبق شهادة البينتين ممتنع بالفرض ولا مرجّح لإحداهما بحكم الفرض مع أنّ اعتبار المرجحات في تعارض البينات ثابت في موارد خاصة على خلاف الأصل وقد عرفت أيضا عدم إمكان الجمع بينهما بصرف التأويل إلى ظاهر كلماتهما ولا دليل على التخيير في حقوق النّاس عقلا ولا نقلا فتعيّن الجمع بينهما بالتبعيض بين مدلول كلامهما وحيث كان اعتبار البينة من باب الطّريقية يتعين في مورد تعارضها الرّجوع إلى القرعة لأنها لكلّ أمر مشكل ولعلّه لذا اختار المصنف رحمهالله ذلك في آخر كلامه هذا كلّه بالنّظر إلى الأصل والقاعدة وأمّا بالنّظر إلى خصوصيات الموارد ففيه تفصيل فمنها ما لا يمكن التشريك فيه ولا يمكن الجمع بينهما أصلا كتعارض البينات في الأنساب وفي وقوع عقد النّكاح وما يضاهيهما ممّا لا يحتمل فيه التشريك فلا بدّ حينئذ من التوقف والرّجوع إلى الأصول حتّى على القول باعتبارها من باب الموضوعيّة أيضا ولم يعملوا فيها بالقرعة ومنها ما يمكن فيه التّشريك والتعارض وحينئذ إن وقع في خصوص الأملاك كما هو محلّ الكلام في المقام يحكم بالتشريك في المتنازع فيه وكأنّه إجماعي وإن وقع في مثل التقويمات بأن قامت بينة بأنّ قيمة هذا الشيء عشرة وقامت أخرى بأنّها خمسة فيتأتى فيه الاحتمالان من الحكم بالتشريك بأن يصدق كلّ منهما في نصف القيمة ومن الحكم بالقرعة(قوله) غير ممكن مطلقا إلخ سواء كان ذلك في الموضوعات الّتي هي موارد البينة أو الأحكام الكليّة الّتي هي موارد الأدلّة الشرعيّة(قوله) كل نصف منه إلخ يعني من الشيء صحيحا ومعيبا(قوله) منضمّا إلى نصفه الآخر إلخ يعني في حال اتصاله بالنّصف الآخر وكذا تصدق البينة الأخرى في النّصف الآخر من الصّحيح والمعيب فإذا قال إحداهما بأن قيمته صحيحا عشرة ومعيبا ثمانية وقالت الأخرى بأنّ قيمته صحيحا اثنا عشر