الجواب وإمّا لأنّ الظّاهر من الشكّ في الشيء لغة وعرفا كما صرّح به المصنف رحمهالله في الموضع الأوّل والسّادس هو الشكّ في وجود الشيء لا في صحّته ومرجع الشكّ في وجود الشّرط إلى الشكّ في صحّة المشروط ومن هنا يظهر إمكان المناقشة في سائر أخبار الباب أيضا فينحصر الدّليل في موثقة ابن أبي يعفور مع إمكان المناقشة فيها بأنّ غايتها الإطلاق من حيث اعتبار الدّخول في الغير وعدمه وهو مقيد بما دل على اعتبار الدّخول في الغير في عدم الالتفات إلى الشكّ كما أوضحناه عند شرح ما يتعلق بكلامه في الموضع الثالث فراجع فلا بدّ حينئذ إمّا من التزام اعتبار الدّخول في الغير في الشّروط أيضا وإمّا من التزام قاعدتين في المقام إحداهما جارية في الشكّ في الوجود والأخرى في الشكّ في الصحّة مع اعتبار الدّخول في الغير في الأولى دون الثّانية والحاصل أنّ الجمع بين مطلقات الأخبار ومقيداتها كما يمكن بتقييد مطلقاتها كذلك يمكن بحمل مقيّداتها على صورة الشكّ في الوجود ومطلقاتها على صورة الشكّ في الصّحة ولكن يدفع الأوّل مخالفته لما عرفته من إطباقهم على عدم اعتبار الدّخول في الغير في الشّروط والثّاني أنّه مخالف لظاهر الأخبار لأنّ ظاهرها إعطاء قاعدة واحدة مطردة في مواردها مضافا إلى ظهور ما عدا موثقة ابن أبي يعفور سواء كانت مطلقة أم مقيّدة في الشكّ في الوجود كما تقدّم والأولى أن يقال إنّ قوله عليهالسلام إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه في الموثقة المذكورة أعمّ من الشكّ في الوجود والصّحة وغاية ما ثبت من تقييدها من حيث ظهور المقيد من الأخبار في الشكّ في الوجود كما تقدّم هو تقييدها بالدّخول في الغير بالنسبة إلى الشكّ في الوجود دون الصّحة إذ لا بدّ في التقييد من الاقتصار على ما اقتضاه دليله ومن هنا يظهر عدم المنافاة بين اعتبار الدّخول في الغير عند الشكّ في الوجود وعدم اعتباره والاكتفاء بمجرّد الفراغ عند الشكّ في الصّحة ويدلّ على الشقّ الثّاني من المدّعى وهو أنّ عدم الالتفات إلى الشكّ في الشرط بالنسبة إلى مشروطه لا يستلزم عدم الالتفات إلى مشروط آخر يريد الإتيان به بعده ما أشار إليه المصنف رحمهالله أيضا من عدم تحقق التجاوز عن محلّ الشّرط المشكوك فيه بالنسبة إلى المشروط الآخر فلا بدّ من إحرازه بالنسبة إليه وذلك لأنّ هذه القاعدة ليست من الأدلّة الاجتهاديّة حتّى يثبت بها لوازمها مطلقا شرعية كانت أو عقلية أو عادية لأنّ عدم الالتفات إلى الشكّ بعد تجاوز محلّ المشكوك فيه إنّما ثبت تعبدا من باب الأخبار وثبوت التعبّد بعدم الالتفات إلى الشكّ في تحقّق بعض شرائط المأتي به لأجل تجاوز محلّه لا يستلزم التعبّد بذلك بالنّسبة إلى مشروط آخر يريد الإتيان به بعده وهو واضح نعم لو ثبت اعتبار القاعدة من باب الظنّ النّوعي بأن استند فيه إلى ظهور حال المكلّف المريد للفعل الصّحيح أو الغلبة أو بناء العقلاء لاتجه ما ذكر لكونها حينئذ من الأمارات الاجتهاديّة إلاّ أنّه خلاف التحقيق إذ العمدة في المقام هي الأخبار العامة فلا بد حينئذ من التفصيل بين الشّروط فإن كان الشّرط المشكوك فيه ممّا أمكن تحصيله في أثناء العمل بنى على وقوعه بالنسبة إلى الأجزاء السّابقة وأحرزه بتحصيله في الأثناء بالنسبة إلى اللاّحقة إن لم يكن حاصلا حين الشكّ وإن لم يمكن تحصيله في الأثناء لاستلزامه للفعل الكثير في أثناء الصّلاة أو الانصراف عن القبلة أو للإجماع على اعتبار استمرار الشّرط من ابتداء العمل إلى انتهائه كالطّهارة من الحدث بالنسبة إلى الصّلاة لإجماعهم على اعتبار وقوعها بطهارة واحدة في صحّتها أو نحو ذلك استأنف العمل فلا بدّ من مراعاة هذا التفصيل في الشّروط وأمّا أدلة باقي الأقوال فإنّهم وإن لم يذكروا على جملة منها دليلا إلاّ أنّه يمكن أن يحتج للأوّل وهو الّذي اختاره العلاّمة في كتبه الثلاثة على ما تقدّم عند نقل القول الثّاني بوجهين وليعلم أوّلا أنّه لم تظهر مخالفته لما اخترناه على سبيل الجزم لأن تفصيله بين الشكّ في الشّرط في أثناء العمل والشكّ فيه بعد الفراغ منه بالقول بالالتفات إلى الشكّ في الأوّل دون الثّاني إنّما استفدناه من تفصيله في كتبه الثلاثة بين الشكّ في الطهارة عن الحدث في أثناء الطّواف وبين الشكّ فيها بعد الفراغ منه فإن كان هذا التّفصيل بالنّسبة إلى خصوص الطّهارة من حيث عدم إمكان تداركها في الأثناء انطبق على ما اخترناه وإن كان ذكر الطّهارة من باب المثال والمقصود هو التفصيل بين وقوع الشكّ في الأثناء وبعد الفراغ بالنسبة إلى مطلق الشروط غاير ما اخترناه أحدهما أن يحمل الشيء في الصّحيحة إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء على إرادة العناوين الكليّة كالصّلاة والصّوم والإحرام والطواف والسّعي ونحوها والخروج منها إنّما يتحقّق بالفراغ منها فإذا شكّ في الأثناء في بعض شرائطها التفت إليه بخلاف ما لو حصل بعد الفراغ منه فلا يلتفت إليه وثانيهما أنّ القاعدة لو عمت الشكّ في الشرائط في أثناء العمل لزم التعارض بين منطوق الرّوايات ومفهومها لأنّه إذا شكّ بعد الفراغ من الفاتحة في حصولها حال الاستقبال أو الطّهارة أو نحوهما فكما يحصل الشكّ في صحّة الفاتحة كذلك يحصل الشكّ في صحّة الصّلاة وكما أنّ الصّحيحة تدلّ منطوقا على عدم الاعتناء بالشكّ الأوّل كذلك تدلّ مفهوما على الاعتناء بالشكّ الثّاني والجواب عن الأوّل بأنّ الشّيء عامّ فلا دليل على تخصيصه بما ذكر فهو يشمل الخروج من القراءة بل الفاتحة بل الآية منها بل الكلمة منها وعن الثّاني بأنّ الشكّ في المجموع مسبّب عن الشّكّ في الجزء فإذا زال الشكّ عن الجزء بحكم القاعدة زال عن الكلّ أيضا كما قرّر في مسألة المزيل والمزال بل ليس هنا إلاّ شكّ واحد لأنّ الشكّ في الكلّ عين الشكّ في الجزء وليس مغايرا له بل هما متحدان بالذّات متغايران بالإضافة والاعتبار نظير حركة جالس السّفينة بحركتها الّتي تنسب إليها بالأصالة وإليه بالاعتبار فيكون الشكّ في الجزء هو مورد القاعدة خاصّة ولا يكون من مسألة المزيل والمزال في شيء وللقول الثّاني بدعوى ظهور أخبار الباب ما عدا موثقة ابن أبي يعفور في الشّكّ في وجود الشيء لا في صحّته كما أوضحه المصنف رحمهالله في الموضع الأوّل والسّادس وأمّا الموثقة فلا يقول صاحب المدارك باعتبارها ولعلّ الفاضل الهندي أيضا يوافقه في ذلك مع أنّ دلالتها لا يخلو من إجمال لأنّ ظاهرها وهو عدم الالتفات إلى الشكّ فيما لو شكّ في بعض أجزاء الوضوء بعد الدّخول في جزء آخر منه غير مراد بالإجماع فلا بدّ أن يرجع ضمير غيره في قوله إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء إلى الوضوء دون الشيء وحينئذ يقع الإشكال فيما علّله بقوله إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه لأنّ مقتضاه أنّ الشكّ الّذي يجب الالتفات إليه هو ما وقع في أثناء العمل وهو غير معقول اللهمّ إلاّ أن يفرض المشكوك في أثنائه مركّبا ذي أجزاء وقع الشكّ في أثنائه باعتبار الشكّ في بعض ما يعتبر فيه شطرا أو شرطا فيكون محصّل