عنوان الميتة سببا للحرمة والنجاسة عدم مدخليّة انتفاء التّذكية في ثبوتهما وهو خلاف فرض كون التّذكية سببا للطّهارة والحلية اللتين هما مع الحرمة والنجاسة من قبيل ضدّين لا ثالث لهما وبالجملة إنّه لا يعقل تسبّب كلّ من ضدّين لا ثالث لهما عن سبب مستقل بحيث لا يكون لانتفاء أحدهما مدخل في ثبوت مقتضى الآخر فتأمّل وممّا يؤيّد ما ذكرناه من كون الحلية والطّهارة مترتبتين على عنوان التذكية وضدّهما على عدمها لا على عنوان الميتة بمعنى الموت بحتف الأنف أنّ التّذكية بمعنى التطهير والمراد بالميتة أيضا لا بدّ أن يكون بقرينة المقابلة ما لم يطهر من الخباثة الباطنية لا ما مات بحتف الأنف ومع تسليم كون العنوان في الحرمة والنجاسة هي الميتة لكنها بمقتضى اشتقاقها هو مطلق الميت حتّى المزكّى إلاّ أنّه قد خرج من حكم الميتة بالدليل فعموم ما دلّ على حرمتها ونجاستها يقتضي الحكم بهما في كلّ ميت إلاّ ما أخرجه الدّليل وهو المذكى وحيث فرض عدم العلم بكون الجلد المطروح أو اللّحم المطروح داخلا تحت أحد العنوانين بالخصوص حكم بالنجاسة والحرمة فيهما عملا بالعموم بعد إحراز موضوعه ولو بالأصل وهي أصالة عدم التّذكية فكما أنه إذا ورد وجوب إكرام العدول وشكّ في كون شخص عادلا لا يصح التمسّك بعمومه بضميمة استصحاب العدالة إن كان مسبوقا بها كذلك فيما نحن فيه فلا يرد عليه حينئذ عدم جواز التمسّك بالعمومات في الشبهات المصداقية لأنّ ذلك مع فرض بقاء الشّبهة لا مع دفعها ولو بالأصل هذا ولكنا لو قلنا بترتب الحرمة والنجاسة على عنوان الميتة بمعنى الموت بحتف الأنف انقلب الأصل وكان مقتضاه الحلية والطهارة لأنّها بهذا المعنى أمر وجودي منفي بالأصل ولا تعارضه أصالة عدم التذكية لأنّ نفيها بالأصل لا يثبت كون الموت بحتف الأنف إلاّ على القول بالأصول المثبتة ولكنّك قد عرفت أن العنوان في الأدلّة ولو بمعونة فهم المشهور هو عنوان التّذكية وعدمها وقد عرفت الحكم بالحرمة والنجاسة في المقام وقد ظهر من جميع ما ذكرناه أن في أصالة عدم التذكية وجوها ثلاثة أحدها كون العنوان عنوان التذكية وعدمها وثانيها قضية عموم حرمة الميتة ونجاستها وثالثها كون العنوان هي الميتة بمعنى الموت بحتف الأنف وقد عرفت مقتضى الحال في الجميع هذا كلّه في أصالة عدم التّذكية وأمّا أصالة بقاء الطهارة الثابتة في حال الحياة فربّما يشكل التمسّك بها بتغير موضوعها لأنّها إنّما ثبتت حال الحياة فلا تنسحب إلى حال الممات اللهمّ إلاّ أن يتسامح في بقاء موضوع الاستصحاب كما هو ظاهر المشهور ولذا ترى حكمهم بجواز النظر للزوج إلى الأعضاء المنفصلة عن زوجته الّتي ماتت قبل عشرين سنة مثلا وبحرمة نظر الأجنبي إليها استصحابا للحكم السّابق بل حكي عن المحقّق الحكم بنجاسة الكلب الّذي صار ملحا بالوقوع في المملحة فيقال فيما نحن فيه أيضا إن موضوع الطهارة والنجاسة في نظر أهل العرف هو الجسم مطلقا لا بوصف الاقتران بالحياة فحينئذ يصحّ استصحابها إلى حال الموت لكن هذا الأصل لا يعارض أصالة عدم التّذكية المقتضية للحرمة والنجاسة لحكومتها عليه لكونها من الأصول الموضوعيّة وأمّا أصالة بقاء حرمة الأجزاء المبانة فالظاهر عدم جريانها في المقام لأنّها إنّما كانت حراما بوصف كونها مبانة من الحيّ فلا تنسحب إلى حال الموت ومن جميع ما ذكرناه قد ظهر جريان أصالة عدم التّذكية من دون معارضة شيء نعم بقي الكلام فيما استشكله الفاضل التّوني من عدم بقاء الموضوع في المقام نظير استصحاب الضّاحك المتحقّق في ضمن زيد لإثبات وجود عمرو فالظاهر اشتباه الأمر عليه من وجوه سيأتي إليها الإشارة(قوله) ثم إنّ الموضوع للحلّ إلخ دفع لما يمكن أن يتوهم من أنّ استصحاب عدم التّذكية لا يثبت كون هذا اللّحم غير مذكى إلاّ على القول بالأصول المثبتة وحاصل الدّفع أنّ المستصحب هو عدم كون هذا اللّحم مذكى لا مطلق عدم التّذكية(قوله) إلى إحراز التّذكية إلخ بأصالة عدم الموت بحتف الأنف في الحكم بالطّهارة والحلية وحاصل ما ذكره أنّ إجراء أصالة عدم الموت بحتف الأنف لإثبات التّذكية وفرض التعارض بينها وبين أصالة عدم التّذكية إنّما هو ليسلم استصحاب الطّهارة والحلية من المعارض وإلاّ فمع عدم إجراء أصالة عدم الموت بحتف الأنف لم يكن مستند للطّهارة والحلية لكون أصالة عدم التّذكية حاكمة على استصحابهما ثمّ إنّ الطّهارة يمكن استنادها إلى القاعدة والاستصحاب وأمّا الحلية فهي مستندة إلى القاعدة خاصة فإطلاق الاستصحاب عليهما من باب التغليب (قوله) لا ينافي ذلك إلخ لما تقدّم من أن الميتة عبارة عمّا لم يذك (قوله) أو قلنا إنّ الميتة إلخ معطوف على قوله وأمّا إذا قلنا إلخ وجوب الشرط هو قوله فلا محيص عن قول المشهور وأنت خبير بأن ما ذكره في الشقّ الثّاني من التّرديد مبني على جواز التمسّك بالعموم مع الشكّ في الوجود المخصّص وهو خلاف المرضي عنده بل عند المشهور أيضا كما أشار إليه عند التعرّض بقول المدقق الخوانساري بل المحقّق أيضا فراجع (قوله) إلاّ أنّ كون عدم المذبوحيّة إلخ اعلم أن اختلاط الأمر على الفاضل التّوني ووقوعه من جهته في الاشتباه من وجوه أحدها ما أشار إليه المصنف رحمهالله وتوضيحه أنّ ما ذكره من كون عدم التّذكية لازما أعمّ وملزومه أمران أحدهما الحياة والآخر الموت بحتف الأنف غير صحيح بل عدم التّذكية من المقارنات الاتفاقية للحياة إذ مراد المشهور من استصحاب عدمها هو استصحاب عدم التّذكية الأزلي لا خصوص عدمها القائم بحياة الحيوان وهو مقدّم على الحياة فلا يكون من اللّوازم إذ يعتبر المناسبة والعلية بين اللاّزم والملزوم فيمتنع تقدّمه عليه نعم العدم الأزلي السّابق منطبق على العدم الخاص المتحقّق في ضمن الحيوان الحيّ وحاصل المرام أن قياس استصحاب العدم على استصحاب الكلي غير صحيح لأنّ الكلي قائم بوجود أفراده ووجوده مستند إلى وجودها فوجوده في ضمن فرد مغاير لوجوده في ضمن فرد آخر بخلاف العدم الأزلي لأنّه قائم بنفسه ومقارنته ببعض الوجودات لا يوجب تغايره مع ما كان في غيره فتبدّل الوجودات فيه لا يوجب اختلافه بحسب اختلافها نعم لو كان انتفاء بعض مقتضيا لوجود المعدوم انقطع العدم الأزلي السّابق ولكنه خلاف الفرض هنا فلا إشكال في جريان الاستصحاب هنا وإن لم نقل بجواز استصحاب الكلّي في القسمين الأوّلين اللّذين قد تقدّم عدم الإشكال في استصحاب الكلي فيهما لا يقال يعتبر في صدق نفي الحكم في القضيّة السّلبيّة من وجود الموضوع فلا يصدق عدم التّذكية إلاّ مع وجود أحد ملزوميه من الحياة أو الموت بحتف الأنف لأنا نمنع ذلك بل القدر المسلم في صدق عدم التذكية كون موضوعه على