أطرافها لسعتها وعدم ابتلائه بأكثرها فعند إجرائه في بعضها يحصل الذهول عن الأطراف الأخر والعلم بابتعاض مقتضاه في الجملة لا يمنع من حصول الظنّ بمقتضاه في مورده وما تقدّم من إرسال المكاتب والهدايا والودائع من هذا القبيل هذا إن قلنا باعتباره من باب الظنّ الشخصي وإن قلنا باعتباره من باب الظنّ النّوعي فلا إشكال في اجتماعه مع العلم الإجمالي بالخلاف حتّى في الشبهات المحصورة وثالثها أنّ الاستصحاب لو كان معتبرا من باب الظنّ شخصا أو نوعا لم يكن وجه لتقديم سائر الأدلّة والأمارات الظنيّة عليه عند التعارض كما استقرت عليه طريقتهم في الفقه لكونه حينئذ من جملة الأدلّة والأمارات الظنّية وأمّا ما ذكره المحقّق القمي رحمهالله في ردّ من اشترط في العمل بالاستصحاب عدم وجود دليل شرعي آخر يوجب انتفاء الحكم الثابت أوّلا في الوقت الثّاني وإلاّ تعين العمل بذلك الدّليل إجماعا من أنّ الإجماع على ذلك إن سلم في أصل البراءة وأصل العدم فهو في الاستصحاب ممنوع ألا ترى أنّ جمهور المتأخرين قالوا إنّ مال المفقود في حكم ماله حتّى يحصل العلم العادي بموته استصحابا للحال السّابق مع ما ورد من الأخبار المعتبرة في الفحص أربع سنين ثم التقسيم بين الورثة وعمل عليها جماعة من المحققين فكيف يدعى الإجماع على ذلك ففيه ما ستعرفه عند بيان شرائط العمل بالاستصحاب ويمكن دفعه بأن تقديم سائر الأمارات الاجتهاديّة الظّنية على الاستصحاب إنّما هو من جهة خصوصيّة فيه مفقودة في غيره وهو كون الشكّ في بقاء المتيقن السّابق مأخوذا في موضوعه حتّى عند القائل باعتباره من باب الظنّ أيضا ولو شخصا والأمارات الأخر القائمة على خلافه مزيلة لهذا الشكّ فتكون مقدّمة عليه من جهة حكومتها عليه ورفعها لموضوعه وإليه أشار العضدي في تعريفه بأن الشيء الفلاني قد كان ولم يظن عدمه وكلّ ما هو كذلك فهو مظنون البقاء حيث اعتبر في إفادته الظنّ بالبقاء عدم قيام ظن آخر على خلافه ولم توجد أمارة توجد فيها هذه الخصوصيّة سوى الغلبة كما نبّه عليه المصنّف قدسسره وهذه الأمارات كما أنّها حاكمة على الاستصحاب ورافعة لموضوعه كذلك هو بالنسبة إلى الأدلّة الفقاهتيّة كالبراءة وغيرها لحكومته عليها فله مرتبة وسطى بين الأدلّة الاجتهادية والفقاهتية نظير المطلقات من الأدلّة الاجتهادية بالنسبة إلى سائر الأدلّة والأصول وأمّا ما تقدّم عن المحقّق رحمهالله فقد تقدّم في كلام المصنف رحمهالله ما يضعّفه وأمّا ما تقدّم من السّيد الصّدر والمحقق القمي رحمهالله من الغلبة فستعرف الكلام فيه وأمّا الجواب عن الكبرى فقد عرفت أنّ إثباتها إمّا بدليل الانسداد أو بالأصل أو ببناء العقلاء أو الأخبار ولا سبيل إلى الأخير بعد الاستناد في إفادة الاستصحاب للظنّ إلى الغلبة وغيرها ممّا تقدّم لأنّه لو تمّ لأثبت اعتباره مطلقا من دون حاجة إلى إحراز صغراه بالوجدان أو الغلبة مثلا وأمّا الثالث فإنّه إنما يتمّ في موارد حصول الظنّ ببقاء الحالة السّابقة لا مطلقا كما سيصرح به المصنف رحمهالله وأمّا الأصل فقد مر تضعيفه في المقصد الأوّل عند بيان تأسيس الأصل في العمل بالظنّ وأمّا دليل الانسداد كما تمسّك به المحقّق القمي رحمهالله ففيه أوّلا أنّ الظّاهر أنّ الأدلة الّتي أوردها في المقام ومن جملتها إثبات الصّغرى بالغلبة والكبرى بدليل الانسداد قد تخيلها أدلة على اعتباره عند المشهور بين المتأخرين حيث قال الأظهر هو القول بالحجّية مطلقا كما هو ظاهر أكثر المتأخرين لنا وجوه ثم أخذ في بيان الأدلّة وهو كما ترى إذ المشهور عندهم عدم اعتبار مطلق الظنّ بل لم يقل به من أصحابنا إلاّ هو وبعض من قارب عصره سيّما أنّ الظنّ الحاصل من الغلبة موهوم الاعتبار والحاصل من الاستصحاب مظنون الاعتبار لاعتباره عند المشهور فكيف يكون المستند في إفادته للظنّ هي الغلبة وثانيا أن دليل الانسداد على تقدير تسليم مقدّماته إنّما يفيد الظنّ بنفس الأحكام الكلّية دون الموضوعات الخارجة لانفتاح باب العلم فيها ولو شرعا لكون أغلبها معلومة بالأمارات الشّرعية من اليد والسّوق والبينة ونحوها بل لا تبعد دعوى الإجماع على عدم اعتبار مطلق الظنّ فيها والمقصود إثبات اعتبار الاستصحاب مطلقا وثالثا أنّ الظنّ الحاصل من الغلبة سيّما في الموضوعات من الظّنون الموهومة الاعتبار ودليل الانسداد على تقدير تسليم مقدّماته كما قرّر في محلّه إنّما يفيد اعتبار الظّنون المشكوكة الاعتبار دون الموهومة منها (قوله) وفيه أنّ المراد بغلبة البقاء إلى آخر ما أورده على المحقق القمي ره أقول توضيح المقام يحتاج إلى بيان مقدّمة وهي بيان الفرق بين الغلبة والاستقراء والقياس إذ ربّ مورد يشتبه بعضها ببعض فيشتبه القياس بأحد الأولين فيظن العامل بهما أنّه ليس بقياس مع كونه منه في الحقيقة فلا بدّ من تعميق النّظر وإعمال الفكر في جزئيّات الموارد لئلاّ يختلط ما يجوز العمل به بما لا يجوز فنقول أمّا الغلبة فهي في اصطلاح القوم عبارة عن مشاركة أغلب أفراد كلي في صفة أو حكم بحيث يظنّ بكون الكلّي الجامع بينها هي العلّة لثبوت تلك الصّفة أو الحكم فالحاكم بالغلبة لا بدّ له من تحقيق المساواة والمشاركة بين أغلب الأفراد على الوجه المذكور وثمرتها أنّه إذا شكّ في وجود هذا الحكم أو الصّفة في فرد من أفراد هذا الكلّي المتتبّع في أغلب أفراده يحكم على هذا الفرد المشكوك فيه بما وجد في أغلب أفراده من الحكم أو الصّفة لأجل الظنّ بعلية الجامع بينها مثالها من غير الشّرعيّات أنا إذا رأينا أكثر أفراد الزنجي أسود على وجه ظنّنا أنّ الزنجيّة لها دخل في ثبوت السّواد لها وأنّها العلّة لذلك فإذا شككنا في زنجي أنّه أسود أو أبيض نحكم بكونه أسود إلحاقا له بالأعمّ الأغلب وتسوية بينه وبين الأفراد المستقرإ فيها في تلك الصّفة الّتي فرض الظنّ بكون علّة ثبوتها عند العقل هو القدر الجامع الموجود بينها فيحكم لأجل وجود القدر الجامع فيه بوجود الصّفة فيه أيضا لدوران المعلول مع علّته التّامّة وجودا وعدما ومثالها من الشّرعيّات قول من استدل على أن الوتر ليس بواجب بأنّه يؤدى على الرّاحلة ولا شيء من الواجب يؤدى على الرّاحلة والمقدّمة الأولى إجماعية والثّانية ثابتة بالغلبة لأنا إذا رأينا أنّ القضاء والأداء وسائر أصناف الواجبات لا تؤدى على الرّاحلة حكمنا على كلّ واجب بأنه لا يؤدى على الرّاحلة بعلية الجامع المظنون العلية وخرجت بقولنا مشاركة أغلب أفراد إلخ مشاركة أقلّها لعدم إفادتها الظنّ بثبوت الحكم للكلّي ليتعدى منه إلى الفرد المشكوك فيه ومع تسليمه لا يسمّى ذلك غلبة في الاصطلاح وخرج بقولنا أفراد كلي إلخ التي لم يلاحظ بينها كلي جامع وإن كانت أغلب في النظر فلا يصحّ الحكم من اشتراك أفراد كثيرة من أنواع مختلفة من الشجر بكون هذا الشجر المشكوك فيه أيضا مثمرا لعدم الجامع بينها وبينه إذ المراد بالجامع ليس مجرّد اشتراكها في وصف وإلاّ فجميع