الّذي أقل مراتبه الكراهة وبينه وبين حسن الاحتياط الناشئ من حكم الإمام عليهالسلام بجواز العمل بالاستصحاب تدافع ظاهر فمن جهة ذلك يحصل في الصّحيحة إشكال نعم يمكن أن يقال بورود النّهي في مقام توهم الوجوب فلا يفيد سوى دفعه ومنها أنّ المحكي عن السّيّد السّند صاحب مفتاح الكرامة أنّه قد ذكر أنّ التمسّك بأصالة تأخّر الحادث إنّما حدث في لسان العلامة وجماعة ممن تأخر عنه وليس في كلمات من تقدّم عليه منها عين ولا أثر وذكر لذلك شواهد واستظهر بعض المحقّقين كون الصّحيحة دليلا عليه مدعيا دلالتها عليها وموضع الدّلالة منها فقرتان الأولى قوله عليهالسلام فإن ظننت أنّه أصابه إلى آخره على الاحتمال الثّاني من الاحتمالين الآتيين وهو احتمال عروض النجاسة حين الرّؤية والثّانية قوله عليهالسلام وإن لم تشك ثم رأيته إلى آخره وتقريب دلالتها واضح ويرد عليه أنّ مقصود من منع التمسّك بأصالة تأخّر الحادث هو المنع من إثبات وصف التّأخر بأصالة عدم الحادث إلى زمان العلم بحدوثه لكون تأخره عمّا علم تاريخ حدوثه من الحادثين من اللّوازم العقلية للمستصحب وهو عدم حدوثه في زمان حدوث الآخر لا عدم جواز التمسّك بأصالة العدم مطلقا حتّى بالنسبة إلى إثبات الآثار الشّرعية المرتبة على نفس العدم لا على صفة التّأخر ولا ريب أنّ صحّة الصّلاة فيما نحن فيه مرتبة على عدم حدوث النّجاسة في زمان إيقاع الصّلاة لا على صفة التأخر عنها فدلالة الصّحيحة على اعتبارها هنا لا يستلزم دلالتها على اعتبارها مطلقا حتّى بالنّسبة إلى الآثار المرتّبة على صفة التّأخر كما هو المدّعى ومنها وجوب الموافقة القطعيّة في الشّبهة المحصورة كما يرشد إليه قوله عليهالسلام قال تغسل من ثوبك الناحية إلى آخره ومنها عدم وجوب الفحص في العمل بالأصل في الموضوعات ومنها اعتبار الاستصحاب من باب السّببية أو الظنّ النّوعي فلا يقدح الظنّ بخلافه في جريانه كما يرشد إليه وإلى سابقه قوله عليهالسلام فإن ظننت إلى آخره ومنها حسن الاحتياط في الأمور العامة البلوى كما يرشد إليه قوله عليهالسلام ولكنّك تريد أن تذهب بالشكّ خلافا لمن منعه وببالي أنّه صاحب كاشف الغطاء ومنها تقديم الأصل في الشك السّببي على الشّك المسبّب (قوله) لعلّه أظهر هنا إلخ لأن موضع الدّلالة من هذه الصّحيحة كما سنشير إليه فقرتان إحداهما قوله فإن ظننت إلى قوله قلت فإنّي قد علمت والأخرى قوله وإن لم تشك إلى آخره ولا مسرح لقضيّة التّوطئة في الأولى لعدم الشّرطية فيها حتّى يقال إنّ قوله لأنك كنت علّة قائمة مقام الجزاء أو هو مذكور من باب التوطئة فهو صريح في العلية وأمّا الثانية فلعدم سبق ذكر اليقين بالطهارة فيها حتّى يحتمل كون اللاّم في قوله فلا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ للعهد الذكري (قوله) وأمّا فقه الحديث إلخ لا يذهب عليك أن بيان مورد الصّحيحة وكون الإعادة نقضا لأثر الطهارة اليقينيّة السّابقة وعدمه لا دخل له في الاستدلال بها على اعتبار الاستصحاب لأن الاستدلال بها إنّما هو باعتبار عموم الكبرى المستفاد منها(قوله) فبيانه أن مورد إلخ في الاستدلال بالصّحيحة إشكال وهو أنّ الاستدلال بها كما ستعرفه إنّما هو بفقرتين منها وعلى التقديرين فالاستدلال بهما إنّما هو باعتبار النّهي عن نقض اليقين بالشّكّ ولكن يوهنه التعبير بلا ينبغي في الفقرتين لظهوره في الكراهة فلا تدلان على حرمة النقض ووجوب العمل بمقتضى الاستصحاب وربّما يجاب عنه تارة بحمله على إرادة الحرمة منه بقرينة قوله ولا تعيد الصّلاة لظهوره في حرمة الإعادة واستعمال هذه الكلمة في الحرمة شائع في الأخبار وفيه أنّ لفظ لا ينبغي أظهر في الكراهة من ظهور لفظ لا تعيد في الحرمة فلا يصلح قرينة لصرفه عن ظاهره وأخرى بالإجماع المركب إذ كلّ من قال بالجواز قال بالوجوب والتحقيق في الجواب أن يقال إنّ المقصود من الاستدلال بالصّحيحة إثبات جواز العمل بالاستصحاب في مقابل من يدعي حرمة العمل به فإثبات الجواز كاف في المقام كيف لا وسائر الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بالشكّ غير ناهض لإثبات الحرمة أيضا لوروده في مقام توهّم الحظر لكون حرمة العمل بغير العلم إمّا لأجل التسريع أو مخالفة الأصول الّتي اعتبرها الشّارع مركوزة في الأذهان فهذه الأخبار أيضا لا تفيد سوى جواز العمل بمؤدّاها لا وجوبه مضافا إلى قوّة احتمال ورودها في مقام الإرشاد إلى ما تقرّر عند العقلاء من البناء على الحالة السّابقة عند الشكّ في ارتفاعها فلا تفيد حينئذ سوى إمضاء طريقتهم وبالجملة إنّه لا وجه لدعوى وجوب العمل بمقتضى الاستصحاب في كلّ مقام ولذا يجوز تجديد الوضوء للصّلاة عند الشكّ في انتقاضه أو نقضه إجماعا والحاصل أنّه لا إشكال في جواز الاحتياط في مورد الاستصحاب المخالف له نظير سائر الأمارات الشّرعيّة من خبر الواحد وغيره والوجه فيه واضح لأنّها ليست مجعولة في عرض الواقع ليجب الأخذ بها مطلقا بل المقصود منها كونها طرقا موصلة إلى الواقع ولو على سبيل الاحتمال كما في موارد الأصول على ما قرّرناه في محلّه فإذا توصل المكلّف إلى الواقع بالاحتياط سقط مناط وجوب العمل بها ثمّ إنّ مورد الاستدلال بالصّحيحة فقرتان إحداهما قوله عليهالسلام فإن ظننت أنّه أصابه إلى قوله وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا والأخرى قوله عليهالسلام وإن لم تشك ثم رأيته إلى قوله فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ والوجه في تخصيص مورد الاستدلال بالأولى مضافا إلى مخالفة الثانية بظاهرها للإجماع هو إباء التفريع عن حمل اللاّم على الجنس كما نبّه عليه المصنف رحمهالله في آخر كلامه ويظهر من المحقّق القمي رحمهالله كون موضع الدّلالة منها فقرات قال فيها مواضع من الدّلالة ولعلّه أراد بالفقرة الثالثة العلّة المنصوصة فيها وقد تقدّم الكلام فيها تصحيحا وتزييفا في الصّحيحة الأولى وكيف كان فالفقرة الأولى كما أوضحه المصنف رحمهالله محتملة لوجهين والثانية لوجه واحد وقد أشرنا إلى عدم مدخليّة ذلك في الاستدلال (قوله) والشكّ حين إرادة الدّخول إلخ يشكل الحكم بصحّة الصّلاة حينئذ لأجل عدم تأتي قصد القربة مع الشكّ في صحّتها اللهمّ إلاّ أن يجاب بما أسلفناه عند بيان القواعد الّتي يمكن استنباطها من الصّحيحة فراجع (قوله) لكن عدم نقض إلخ حاصله الاستشكال في حمل مورد الاستدلال على الوجه المذكور بأنّ ظاهر قوله لأنّك كنت على يقين إلى آخره تعليل لعدم وجوب الإعادة من حيث كون الإعادة نقضا لآثار الطهارة السّابقة المتيقنة وهو لا يصلح لكونه علة لذلك بالتقريب الّذي ذكره المصنف ره (قوله) وربّما يتخيل إلخ هذا تصحيح لوقوع قوله لأنّك كنت إلى آخره علّة لعدم وجوب الإعادة وحاصله أنّ وجوب الإعادة في مورد الاستدلال وإن ترتب على