التّامة وترتب الضّمان على تصرّفات المالك نقص في سلطنته فإن قلت إن تمّ هذا فهو ينافي ما ثبت شرعا من أنّه إذا أعتق رجل شقصه من العبد المشترك فيه يقوم عليه شقص شريكه فيعتق من مال المعتق مع إذن الشّارع في عتقه فهو يكشف عن جواز تعقب إذن الشّارع للضمان قلت أوّلا إنّ هذا خارج من محلّ الكلام لأنّ عتق الرّجل شقصه من العبد علّة تامّة شرعا لانعتاق شقص شريكه فمع عتق شقصه يصدق عليه أنّه متلف لشقص شريكه وقد عرفت خروج مثله من محلّ البحث وثانيا إن انعتاق شقص شريكه لما كان مرتبا شرعا على عتق شقصه فعتقه لشقصه يعد عرفا تصرفا في الشقصين ولعلّ حكم الشّارع بالضمان هنا لأجل تصرّفه في شقص شريكه وهو خارج من محلّ الكلام لأنّ محلّ النّزاع إنّما هو تصرّف المالك في ملكه لا في ملك غيره وخامسها عدم الدّليل على الضمان فالأصل ينفيه لأنّ أسبابه منحصرة في اليد والإتلاف والتسبيبات والفرض في المقام عدم ثبوت يد المالك على ملك الجار وعدم صدق الإتلاف أيضا كما تقدم وأمّا السّببيّة فالمالك فيما نحن فيه وإن كان سببا لتضرّر الجار إلاّ أنّها غير معنونة في الأخبار حتّى يوجد بإطلاقها أو عمومها لأن الموجود فيها عنوان الإتلاف فلا بدّ أن يقتصر في إثبات الضمان بالتّسبيبات الّتي لا يصدق معها وصف الإتلاف على المتيقن من معاقد إجماعاتهم ومجامع كلماتهم والمحصّل من الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام والمتيقّن من ذلك هي الأسباب الّتي يكون موجدها مذموما شرعا أو عرفا ولا بأس بإيراد شطر من الأخبار النافية للضمان أو المثبتة له حتّى تظهر بها جلية الحال منها ما رواه علي بن إبراهيم مرسلا عن أبي عبد الله عليهالسلام قال بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيئا ما دامت مرسلة ومثلها رواية أخرى إلاّ أنّه ليس فيها قوله ما دامت مرسلة ومنها ما رواه علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله البئر جبار وجرح العجماء جبار والمعدن جبار وفي النّهاية الجبار الهدر والعجماء الدابة ومنه الحديث السّائمة جبار أي الدابة المرسلة في رعبها وعن الوحيد البهبهاني في حاشيته على الاستبصار قوله البئر جبار حمل على البئر الذي حفره في ملكه أو في أرض مباح لمصلحة المسلمين ويحتمل أن يريد به الأجير الذي يحفر البئر فانهارت عليه فمات فدمه هدر ثم نقل الإفتاء به عن العلاّمة في النهاية قال قوله والعجماء جبار المشهور بين الأصحاب أن الدّواب الّتي اعتيد إرسالها للرعي لا يضمن صاحبها جنايتها وقوله والمعدن جبار أي إذا انهار على من يعمل فيه أو إذا وقع رجل في الحفر التي حصلت بسبب إخراج المعدن انتهى ومنها ما روي عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهالسلام أنّه كان يضمن الكلب إذا عقر نهارا ولا يضمن إذا عقر باللّيل وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون وإن دخلت بغير إذنهم فلا ضمان عليهم ونحوها خبران آخران ومنها ما روي عن سعد بن ظريف الإسكاف عن أبي جعفر عليهالسلام قال أتى رجل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال إن ثور فلان قتل حماري فقال له النّبي صلىاللهعليهوآله ائت أبا بكر فسأله فأتاه فسأله فقال ليس على البهائم قود فرجع إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فقال له النّبي صلىاللهعليهوآله ائت عمر فسأله فأتاه فسأله فقال مثل ما قال أبو بكر فرجع إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فأخبره فقال له النّبي صلىاللهعليهوآله ائت عليّا عليهالسلام فاسأله فأتاه فسأله فقال عليّ عليهالسلام إن كان الثور الدّاخل على حمارك في منامه حتى قتله فصاحبه ضامن وإن كان الحمار هو الدّاخل على الثّور في منامه فليس على صاحبه ضمان قال فرجع إلى النّبي صلىاللهعليهوآله فأخبره فقال النّبي صلىاللهعليهوآله الحمد لله الّذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الأنبياء عليهمالسلام وقريب منها أخرى ومنها ما روي عن السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه ضمن القائد والسّائق والرّاكب فقال ما أصاب الرّجل فعلى السّائق وما أصاب اليد فعلى الرّاكب والقائد وبمعناها أخبار أخر معلّلا في بعضها عدم ضمان الرّاكب إذا أصابت دابته برجلها بأن رجلها خلفه إذا ركب وضمان القائد إذا أصابت دابته بيدها بأنّه يملك يدها ومنها ما روي عن هارون بن حمزة قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن البقر والغنم والإبل يكون في الرّعي فتفسد شيئا هل عليها ضمان فقال إن أفسدت نهارا فليس عليها ضمان من أجل أن صاحبه يحفظونه وإن أفسدت ليلا فإنّه عليها ضمان ونحوها خبران آخران في تفسير قوله تعالى وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وفي أحدهما لا يكون النّفش إلاّ بالليل إن على صاحب الحرث أن يحفظ الحرث بالنهار وليس على صاحب الماشية حفظها بالنهار إنّها رعاها بالنهار فما أفسدت فليس عليها وعلى صاحب الماشية حفظ الماشية باللّيل عن حرث النّاس فما أفسدت باللّيل فقد ضمنوا الحديث والمستفاد من هذه الأخبار وغيرها هو ما ذكرناه من كون التّسبيب سببا للضمان إذا كان موجد السّبب مذموما شرعا أو عرفا لا مطلقا كما هو مقتضى التعليلات الواردة فيها والفرض في الصّور الثّلاث المتقدّمة هو جواز التّصرف من دون توجّه ذمّ شرعا أو عرفا إلى المالك فلا يتعقبه ضمان بمجرّد إيجاد السّبب ومن هنا يظهر أنّ مقتضى التّحقيق هو الحكم بالضّمان في الصّورة الرّابعة لفرض حرمة التّصرف فيها فالمالك حينئذ مذموم في إيجاد سبب تضرّر الجار والله أعلم وبقي في المقام أمران أحدهما أن جميع ما قدّمناه من جواز التّصرّف والضمان وعدمهما في الصّور الأربع إنما كان فيما كان التصرف في الملك مستلزما لتضرّر الجار وهل يلحق به المباحات والمشتركات مثل الطّرق والمدارس والخان المعدّ لنزول المترددين بمعنى أنا حيثما قلنا بجواز التّصرف وعدم الضمان في الأملاك كما في الصّور الثلاث المتقدّمة فهل يحكم بهما هنا أيضا أو لا وقد تقدّم الكلام فيه في بعض الحواشي السّابقة وثانيهما أنّا حيثما قلنا بالضّمان في التّسبيبات الشّرعيّة فإذا تغير عنوان السّبب ففي بقاء الضمان إشكال كما إذا حفر رجل بئرا في ملك غيره عدوانا فإنّه لو وقع فيه رجل آخر أو دابته يضمنه وإذا اشترى هذا الملك أو انتقل إليه إرثا ففي بقاء الضّمان إذا وقع فيه غيره بعد الانتقال وجهان وكذا إذا حفر بئرا في طريق المسلمين لمصلحته فهو ضامن لما يقع فيه وإذا أدخل الطريق في ملكه بأن جعل لهم طريقا أخر من ملكه عوض الطريق الأوّل بناء على جوازه ففي بقاء الضّمان أيضا وجهان وإن قلنا بعدم الضمان لو حفره في ملكه ابتداء من استصحاب السّببيّة السّابقة ومن تغير عنوان السّبب وهو الأقوى ولم أر من تعرض لهذا الفرع (قوله) كما سيجيء من نقل الاتفاق على جواز إضرار المكره بالغير(قوله) تحمل الغير إلخ يعني المالك (قوله) بقلة الضّرر إلخ لا يخفى أنّه بقي هنا حكم تساوي الضّررين فنقول إنّه إن رضي أحد الشخصين بإدخال الضّرر عليه مع ضمان صاحبه لما يدخل عليه من الضّرر فهو وإلاّ فربّما يظهر من الشّهيد في محكي دروسه تخير الحاكم في إدخال الضّرر على أيّ منهما أراد ولعلّه من باب السّياسة الثّابتة له ومع فقده فالقرعة لأنها لكل أمر مشكل والأولى هو الرّجوع إلى القرعة ولو مع وجود الحاكم لما عرفته من العلّة