دفع الضرر الأخروي المحتمل إنّما يظهر في الضّرر الثابت شرعا لعدم المانع حينئذ من ترتبه على المخالفة بمجرّد احتماله لإتمام الحجّة حينئذ بحكم العقل بوجوب الدّفع لا أنّ العقاب يترتب على المخالفة على كل تقدير وإن لم يكن ثابتا في الواقع أيضا فإن قلت إنّ هذا ينافي قضية قبح العقاب بلا بيان قلت إن حكم العقل بهذا إنّما هو في ما أمكن فيه البيان من الشّارع والبيان في مسألة النبوّة غير ممكن للشّارع لأنّ تصديق قوله يتوقّف على تصديق نبوّته فلو صدقنا نبوته أيضا بقوله لزم الدّور(قوله) على حرمة التّجري إلخ لفظ على هنا للضّرر قوله كما أفتى به الضمير المجرور عائد إلى عدم الحرمة المستفاد من قوله الكلام على حرمة إلخ (قوله) النبويان السّابقان إلخ من حديث التثليث والمرسل في السّرائر اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس (قوله) الثّالث أن وجوب الاجتناب إلخ اعلم أنّ هذه المسألة أعني اشتراط كون طرفي العلم الإجمالي محلّ ابتلاء للمكلّف في وجوب الاجتناب عنهما من خواص هذا الكتاب ولم يسبق إلى المصنف رحمهالله في ذلك أحد في ما أعلم ومرجعه إلى اشتراط كون كل من المشتبهين بحيث لو علم تفصيلا بكونه هو الحرام الواقعي المعلوم إجمالا تنجز التكليف بالاجتناب عنه فعلا ولو لم يكن كلاهما أو أحدهما كذلك لم يجب الاجتناب إذ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين في الشّبهة المحصورة إنّما هو من باب المقدّمة العلميّة للاجتناب عن الحرام الواقعي لابتنائه على مقدمتين إحداهما تنجّز التكليف بالواقع والأخرى وجوب دفع الضّرر المحتمل إذ لو لم يجب ذلك لم يثبت وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين وكذا لو لم يعلم بوجوب الاجتناب عن المحرم الواقعي فعلا لم يبق مقتض لوجوب الاجتناب عن مقدمته العلميّة لوضوح عدم كفاية العلم إجمالا بالحرمة الواقعية مطلقا في ذلك إذ الباعث على حكم العقل هو العلم بتوجّه خطاب متعقب للعقاب على المخالفة لو اتّفقت بارتكاب أحد المشتبهين فمع عدم العلم به لا يبقى مقتض للاجتناب بل رجع إلى الشكّ في التّكليف الحادث إلى الشكّ البدوي وحينئذ يخرج من قاعدة وجوب الاجتناب أمران أحدهما ما لم يكن العلم الإجمالي فيه مؤثرا في إحداث تكليف جديد كما إذا علم بنجاسة أحد الإناءين تفصيلا ثمّ علم إجمالا بملاقاة أحدهما للنجاسة إذ الحادث بسبب العلم الإجمالي حينئذ هو الشّكّ في عروض النجاسة لمعلوم الطّهارة لفرض العلم بنجاسة الآخر تفصيلا وعدم تأثير ملاقاة النجس للنجس في شيء وثانيهما ما كان العلم الإجمالي فيه سببا لحدوث تكليف مشروط تنجزه إمّا بالقدرة كما إذا كان أحد المشتبهين غير مقدور للمكلّف وإمّا بابتلائه كما إذا كان أحدهما خارجا من محلّ ابتلائه مثل ما لو علم بنجاسة ثوبه أو ثوب بنت قيصر لعدم صحّة التكليف في أمثالهما إلا مشروطا بالقدرة أو الابتلاء كما أوضحه المصنف ره (قوله) أحدهما معلوما إلخ إذا علم بكونه الحرام الواقعي (قوله) ترتّب تكليف على زوجيّة إلخ كما إذا اشترت من النفقة التي أخذت ضرتها من زوجها(قوله) ومثل ذلك كثير في الغاية إلخ منها مسألة واجدي المني في الثّوب المشترك أن يجوز لكل منهما الصّلاة ودخول المساجد ومس كتابة القرآن بعد الوضوء وغير ذلك ممّا لا يجوز للجنب ارتكابه استصحابا للطّهارة نعم لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر بناء على كون المدار في صحة الاقتداء على الصّحة عند المأموم دون الإمام (قوله) ويؤيّد ما ذكرنا إلخ لأن حمل المشهور للصّحيحة على صورة كون الشّبهة محصورة مع قولهم فيها بوجوب الاحتياط لا يتم إلاّ على اشتراط وجوب الاجتناب عندهم بكون كل من طرفي الشّبهة محلّ ابتلاء للمكلّف وعلى كون مورد الصّحيحة ممّا خرج أحد طرفي الشبهة فيها من محل الابتلاء(قوله) فامتخط إلخ قال الطريحي المخاط بضمّ الميم ما يسيل من أنف الحيوان من الماء امتخط رمى به من أنفه (قوله) إلاّ أنّ الاتصاف إلخ هذا بيان لميزان العمل في موارد الشّكّ في الابتلاء وعدمه بعد بيان اشتراط وجوب الاجتناب به وتحقيق المقام يتوقف على بيان مقدّمة وهي أن عموم التكليف إذا ثبت إمّا أن يثبت بدليل لبّي كالإجماع ونحوه وإمّا بدليل لفظي وعلى الثّاني إمّا أن يكون اللّفظ مجملا كالصّلاة على القول بكون ألفاظ العبادات موضوعة للصّحيحة وإمّا أن يكون مبينا وعلى جميع التقادير إذا ورد له مقيّد فهو أيضا إمّا أن يثبت بدليل لبّي أو لفظي مجمل أو مبيّن فهنا صور إحداها أن يكون كل من إطلاق الحكم والمقيد له ثابتا بدليل لبّي أو لفظي مجمل وحينئذ إذا شكّ في اندراج بعض الأفراد تحت أحدهما فلا بدّ فيه من العمل بمقتضى الأصول إذا لم يستلزم المخالفة العمليّة للحكم المعلوم إجمالا وإلاّ يحكم فيه بالاحتياط أو التخيير الثّانية أن يكون كلّ منهما ثابتا بدليل لفظي مبيّن وحينئذ إمّا أن يكون كلّ منهما مبيّنا بالنّسبة إلى جميع أفرادهما أو يكون لكلّ منهما أو لأحدهما أفراد مشكوكة ولا إشكال في بناء العام على الخاص مطلقا على الأوّل وأمّا الثّاني فهو كالصّورة الأولى مع اتحاد إجمالهما بالنسبة إلى الأفراد المشكوكة وأمّا الثالث فيرفع إجمال المجمل منهما بالمبيّن منهما بمعنى الحكم بدخول الفرد المشكوك فيه تحت المبيّن منهما ومنه يظهر حكم الصّورة الثالثة وهي أن يثبت حكم العام بدليل لفظي مبين والخاص بدليل لبي أو لفظي مجمل لأنّه حينئذ إن كان لمدلول الخاص قدر متيقّن يحكم بدخول الفرد المشكوك فيه تحت المبيّن منهما ويجعل المبيّن منهما معينا للمراد بالمجمل فإذا ورد قوله أكرم العلماء وثبت بدليل لبّي أو لفظي مجمل وجوب إهانة الفسّاق وعلمنا بدليل خارج بدخول الفاسق بالجوارح في المراد وشك في دخول الفاسق بالعقيدة فيه يحكم بعموم العام بكون المراد بالفاسق هو الأوّل خاصة نعم إن لم يكن لمدلوله متيقن أصلا كما إذا ورد قوله أكرم العلماء وانعقد الإجماع على وجوب إهانة بعض النحاة يحكم بإجمال العام بمقدار مدلول الخاص ويرجع في مورد الإجمال إلى الأصول الرّابعة عكس سابقتها بأن يثبت الحكم العام بدليل لبّي أو لفظي مجمل والخاصّ بإطلاق دليل لفظي مبين فيجعل الثّاني مبيّنا للمراد بالأوّل بإدخال الفرد المشكوك فيه تحته هذا كلّه إذا كانت الشبهة في الفرد المشكوك فيه حكميّة وإن كانت مصداقية يعمل فيها بما عرفته في الصّورة الأولى إذا كان الدّليلان لبّيين أو لفظيين مجملين وكذا مع كون أحدهما لفظيّا مبينا والآخر لبّيا أو لفظيا مجملا كما إذا ورد قوله أكرم العلماء وثبت بالإجماع أيضا وجوب إهانة الفسّاق وشكّ في كون رجل عادلا عالما أو فاسقا جاهلا وكذلك لو كانا لفظيين مبينين كالمثال المذكور إذا ثبت الخاص بدليل لفظي مبين لما تقرر في محلّه وصرّح به المصنف رحمهالله أيضا في مبحث الاستصحاب من إجمال العمومات والمطلقات بالنّسبة إلى المصاديق المشتبهة نعم لو