المقام فراجع (قوله) وربّما يوجّه الحكم إلخ يعني حكم المشهور بوجوب القضاء حتى يعلم أو يظنّ الفراغ
وحاصله أنّ استصحاب عدم الإتيان بالمشكوك فيه حاكم على أصالة البراءة عنه ولا فرق
فيه بين القول بكون القضاء تابعا للأداء أو بأمر جديد لثبوت بقاء الأمر وكذا توجّه
الخطاب بقضاء الفوائت بإثبات عدم الإتيان بالأصل ومن هنا احتاج إلى دفع دعوى أنّ
الحقّ كون القضاء بأمر جديد لا بالأمر الأوّل وهو في الأدلة معلق على صدق الفوت
وهو أمر وجودي مسبوق بالعدم وإثباته بأصالة عدم الإتيان بالمشكوك فيه لا يتمّ إلاّ
على القول بالأصول المثبتة ولا نقول بها وحاصل الدّفع هو منع كون القضاء مرتبا على
عنوان الفوت في الشّرع بحيث يدور الحكم مدار صدق عنوانه ولذا يجب قضاء الصّوم على
الحائض مع عدم صدق عنوان الفوت مع وجود المانع وما ورد من الأمر بقضاء ما فات كما
فات مبني على التعبير بالفرد الغالب من حصول ترك المأمور به في وقته مع التمكن منه
وإلاّ فالمدار على مجرد عدم الإتيان بالمأمور به لا عليه مع صدق عنوان الفوت
فتدبّر عليه (قوله) وأمّا ما دلّ على أن الشكّ إلخ هي حسنة زرارة والفضيل عن أبي جعفر عليهالسلام قال متى استيقنت أو شككت في وقت صلاة أنّك لم تصلها
صلّيتها وإن شككت بعد ما خرج وقت الفوائت فقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ حتّى
تستيقن وإن استيقنت فعليك أن تصليها في أيّ حال كنت كما صرّح به في الرّياض وسيجيء
ظهور الحسنة في الشّك البدوي فلا تشمل المشوب بالعلم الإجمالي كما في المقام ولكن
المصنف رحمهالله سيصرّح بمنع هذا الظّهور (قوله) وإن
شئت تطبيق إلخ الفرق بين هذا التّوجيه وسابقه أن هذا التّوجيه مبني على منع جريان أصالة
البراءة وسابقه على تسليمه وحكومة الاستصحاب الموضوعي عليها وإن شئت قلت إنّ
للمستصحب في السّابق هو عدم الإتيان بالمأمور به الّذي يتفرع عليه توجّه الخطاب
بالقضاء وهنا بقاء الأمر بالطبيعة وكيف كان فحاصل التّوجيه هو الاستكشاف بالأمر
بالقضاء عن كون المراد بالأمر بالأداء في الوقت أمرين أحدهما مطلوبيّة الطبيعة من
حيث هي بإرادة مستقلة والآخر مطلوبيّة إيجادها في ضمن فرد خاص كذلك فإذا انتفي
الثّاني بقي الأوّل وإذا شك في الإتيان بالفرد تستصحب مطلوبية الطّبيعة وربّما
يعضده أنّه لو لا تعدّد المطلوب في الأوامر الموقتة أشكل تكليف الكفار بالقضاء
لأنّه إن كان بوصف الكفر فهو تكليف بما لا يطاق وإن كان بعد الإسلام فهو يجب عما
قبله فلا يبقى معنى لتكليفهم بالقضاء ولا مناص منه إلاّ بما ذكرناه من تعدّد
المطلوب إذ يصحّ حينئذ أن يقال إنّه إذا كان المطلوب بالأمر الموقت أمرين مطلوبية
الطبيعة من حيث هي وإيجادها في الوقت فمقتضى الأول بقاء التكليف في خارج الوقت وإن
استلزم التكليف بما لا يطاق ولا قبح فيه لأنّ الامتناع إنّما جاء من قبلهم لا من
قبل المكلف بالكسر لأنّه كان لهم قبول الإسلام في الوقت والإتيان بالطّبيعة على
وجه الصّحة فإذا قصّروا في ذلك وتركوا الامتثال بها فالعقل لا يقبح بقاء التكليف
في خارجه بخلاف ما لو قلنا بكون التكليف مقيدا بالوقت وكون القضاء بأمر مستقل إذ
تقصيرهم في التكليف الأوّل حينئذ لا يصحّح بقاء التكليف الثّاني كما هو واضح
والإنصاف أنّ المقام لا يصفوا عن شوب إشكال وإن زعم المحقق القمي رحمهالله كون سوء اختيار المكلّف مصححا للتكليف بالمحال والكلام
في ذلك محرر في مقام آخر (قوله) أمّا أولا لا يخفى أنّ هذه الإيرادات الثلاثة مختلفة فالأوّل وارد
على التوجيه الأخير خاصّة والأخيران مشتركا الورود عليه وعلى سابقه (قوله) تكليفا مغايرا إلخ المستند فيه ظهور الأمر بالأداء في اتحاد التكليف والأمر
بالقضاء في إرادة التكليف المستقل (قوله) بوصف
الفوت لا يقال إنّ
هذا بظاهره ينافي ما تقدّم من المصنف من كون المراد بالفوت في الأخبار مجرّد الترك
لأنّا نقول يتم المطلوب على التقديرين كما هو واضح (قوله) ويؤيّده
إلخ يؤيده أيضا
وجوه أحدها أن القضاء في مصطلح الفقهاء والأصوليين تدارك ما فات في وقته في خارجه
إذ المأتي به في خارج الوقت على ما ذكر في التوجيه لا يكون تداركا لما فات بل عينه
لا يقال إنّ هذا اصطلاح متأخر فلا يجوز حمل الأخبار عليه لأنا نقول الظّاهر كونه
مأخوذا من إطلاقات القضاء في الأخبار وثانيها أن الظاهر من قوله عليهالسلام اقض ما فات هو الإتيان بالفعل ثانيا بعد ارتفاع الأمر
به وهو لا يصدق مع بقاء الأمر الأوّل وثالثها أنّه على ما ذكر في التوجيه يكون
الأمر بالقضاء تأكيدا لما يستفاد من الأمر الأوّل وهو مطلوبيّة الطبيعة من حيث هي
وعلى ما ذكره المصنف رحمهالله يكون تأسيسا للأمر بالقضاء فمع الشّك في كون إنشاء
مطلوبيّة القضاء حين الأمر الأوّل أو حين الأمر الثّاني فالأصل يقتضي تأخره فتدبّر(قوله) خال عن السّند إلخ لا يخفى أنّه مع تسليم العموم يكون القاعدة حاكمة على
كلّ من استصحاب عدم الإتيان في الوقت وأصالة بقاء الأمر بالطبيعة وقاعدة الشغل
ومنع العموم يظهر من الرّياض عند شرح قول المحقّق ولو فاتته يعني من الفرائض ما لم
يحصه قضى حتّى يغلب على ظنه الوفاء قال علي المشهور بل المقطوع به في كلام الأصحاب
كما في المدارك وهو مشعر بالإجماع فإن تمّ وإلاّ كان الرّجوع إلى الأصول لازما
ومقتضاها القضاء حتى يحصل القطع بالوفاء تحصيلا للبراءة اليقينيّة عمّا تيقن ثبوته
في الذّمة مجملا وبه أفتى شيخنا في الروض في بعض الصّور وفاقا للذكرى خلافا لسبطه
في المدارك فاستوجه الاكتفاء بقضاء ما تيقن فواته خاصة مطلقا وفاقا لمحتمل التذكرة
قال لأصالة البراءة من التكليف بالقضاء مع عدم تيقن الفوات ويؤيده الحسن متى ما
استيقنت أو شككت في وقت صلاة أنّك لم تصلّها صلّيتها وإن شككت بعد ما خرج وقت
الفوات فقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شيء حتى تستيقن وإن استيقنت فعليك أن
تصليها في أيّ حال وفيه نظر لابتناء الأوّل يعني عدم وجوب القضاء لأصالة البراءة
على عدم حجيّة الاستصحاب وهو خلاف الصّواب والمتبادر من الثّاني هو الشّكّ في ثبوت
أصل القضاء في الذّمة وعدمه ونحن نقول بحكمه الّذي فيه ولكنّه غير ما نحن فيه وهو
الشكّ في مقدار القضاء بعد القطع بثبوت أصله في الذّمة واشتغالها به مجملا والفرق
بينهما واضح لا يخفى انتهى وأنت خبير بأن المتّجه ما ذكره صاحب المدارك لكون الشكّ
في الزّائد على المتيقّن بدويا مندفعا بأصالة البراءة كما حققه المصنف رحمهالله وأسلفنا توضيحه ومنه يظهر أيضا فساد