البراءة في الشّبهات الوجوبية وهكذا ولا ريب في تخلّفها كثيرا عن الواقع والأدلة اللّفظية وإن سلّمنا قطعيتها بحسب السّند إلاّ أنّها ظنّية بحسب الدّلالة ودعوى قطعيّتها من حيث الدّلالة أيضا كما نظهر من الأمين الأسترآبادي ضروريّة البطلان ولذا ترى أرباب المذاهب المختلفة كلّ يتمسّك بالآيات القرآنيّة على حقيّة مذهبه فلو كانت بحسب الدّلالة أيضا قطعيّة لما وقع هذا الاختلاف منهم وبالجملة أنّه بعد ملاحظة ظنّيّة أغلب الأدلّة الشّرعيّة ولو بحسب الدّلالة وتخلّف الأصول والقواعد التعبّديّة كثيرا عن الواقع ووقوع التّعارض كثيرا في الأخبار مع اختلافهم في وجوه التّرجيح وكيفيّته وفهم التّعارض تظهر حقيّة ما ذكره المصنف من المعارضة وأمّا ما ذكره المصنف رحمهالله على تقدير الإغماض عن المعارضة المذكورة بقوله فله وجه إلخ فمراده بهذا الوجه هو استقلال العقل بقبح تفويت المكلّف باختياره للمصالح الواقعيّة عن نفسه إذ كما أنّ تفويت الشّارع لها عن المكلّف من دون معارضة مصلحة أخرى أقوى منها أو مساوية لها قبيح على الشّارع كذلك تفويت المكلف أيضا لها باختياره فإذا علم المكلّف أنّ القطع الحاصل من المقدّمات العقليّة غالب التخلّف عن الواقع بخلاف الحاصل من المقدّمات الشّرعيّة فقبل حصول القطع يستقل العقل بالمنع عن الخوض في المقدّمات العقليّة ولكن بعد مخالفة نهيه والدّخول فيها وحصول القطع منها لا يعقل المنع عن العمل بهذا القطع وإلا لزم التّناقض كما تقدّم نعم لا يكون معذورا لو خالف قطعه للواقع لفرض تقصيره بترك الدّخول في المقدّمات الشّرعيّة الموصولة إلى الواقع غالبا أو دائما ويرد على الوجه الأوّل من الوجهين الّذين ذكرناهما أنّه مكابرة للوجدان إذ كثيرا ما يحصل القطع من المقدّمات العقليّة وهو واضح لا يقبل الإنكار وعلى الثّاني منهما ما سيجيء عند بيان ما يتعلّق بالسّؤال الآتي للمصنف قدسسره ثمّ إنّ ظاهر كلمات الجماعة الّتي نقلها المصنف هو عدم اعتبار القطع الحاصل من غير المقدّمات الشّرعيّة فيما يتعلّق بنفس الحكم الشّرعي الواقعي بأن يقطع بأنّ هذا واجب وذاك حرام شرعا وإن أرادوا نفي الملازمة بين التّحسين والتقبيح العقليين وحكم الشّرع فضعفه مقرّر في محلّه وسيجيء لصاحب الفصول كلام في المقامين والله العالم (قوله) بالسّماع عن الصّادقين عليهماالسلام إلخ لفظ الصّادقين إمّا بصيغة الجمع أو بصيغة التّثنية والحصر فيهما حينئذ أنّما هو بالنّظر إلى كون انتشار أغلب الأحكام منهما والمراد من السّماع أعمّ ممّا كان بلا واسطة أو معها والحصر في السّماع أنّما هو باعتبار كون أغلب البيانات بالقول والمقصود هو الحصر في السّنة الشّاملة لكل من القول والفعل والتقرير والحصر في السّنة أنّما هو لعدم اعتبار الكتاب بنفسه من دون تفسير من الأئمّة عليهمالسلام وكذا الإجماع والعقل عندهم (قوله) قسم ينتهى إلى مادة إلخ المراد من المواد هي الأمور المركّبة منها القضايا المنتجة مثل تغير العالم وحدوثه في قولنا العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث والحاصل أنّ مواد القضايا البرهانيّة خمس المشاهدات والتجربيات والحدسيّات والمتواترات والفطريّات وهذه الأمور وإن كان يمكن الاشتباه في بعضها إلاّ أنّ مواد العلوم المذكورة قريبة من الأولى فلا يقع الاشتباه فيها والمراد من الصّورة ترتيب القضايا على ما هي عليها من الشرائط ككون الصّغرى موجبة والكبرى كليّة في الشّكل الأوّل (قوله) علم الهندسة إلخ موضوعه الكم المتّصل القار الذات أعني الجسم التعليمي والسّطح والخطّ ومن مسائله قول المهندسين كلّ خطّ قام على خطّ فإنّ زاوية جنبيه قائمتان أو متساويتان لهما(قوله) وعلم الحساب إلخ موضوعه الكم المنفصل وهو العدد ومن مسائله قولهم إذا ضربت عددا كذا في عدد كذا يحصل كذا وهكذا قيل العلوم الرّياضيّة هي الباحثة عن أحوال الكميّات المتّصلة والمنفصلة أعني الهندسة والحساب وتسمّى تعليميّة ورياضيّة لأنّهم كانوا يبتدءون بها في التعاليم ورياضة النّفوس تأنيسا لها باليقينيّات ويتعبدا لها عن الغلط فإنّها علوم متسعة منتظمة فلمّا يختل الفكر فيها(قوله) وأكثر أبواب المنطق إلخ مثل كون نقيض الموجبة الكليّة سالبة جزئيّة وبالعكس وهكذا(قوله) من الأمور الواضحة عند الأذهان المستقيمة إلخ بحيث لا يحتاج إلى معرفة تفاصيل مسائل المنطق المقرّرة لأخذ النّتائج من مباديها وقد وقع هنا سقط من قلم المصنف رحمهالله فإن في كتاب الفوائد المدنية قد وقع بعد العبارة المذكورة ولأنّهم عارفون بالقواعد المنطقيّة وهي عاصمة عن الخطاء من جهة الصّورة وسقط بعد قوله في كتب المنطق قوله كقولهم الماهية لا تتركّب من أمرين متساويين وقولهم نقيضا المتساويين متساويان وبعد قوله وغير ذلك قوله من غير فيصل وبعد قوله والسّبب في ذلك قوله ما ذكرناه من وبعد قوله لا من جهة المادة قوله إذا قصي ما يستفاد من المنطق في باب مواد الأقيسة تقسيم المواد على وجه كلّي إلى الأقسام وقد وقع أيضا تغيير في بعض عبارات المتن غير مخلّ بالمقصود كعدم إخلال ما أشرنا إليه (قوله) قلت إنما نشأ ذلك إلخ يظهر فساد هذا الجواب ممّا أسلفناه في بيان ما أورده المصنف رحمهالله من النقض على هؤلاء الجماعة بكثرة وقوع الخطاء في الأدلّة الشّرعيّة أيضا فراجع (قوله) وعلى هذه المقدّمة بنوا إثبات الماهية إلخ اعلم أنّ الحكماء والمتكلّمين قد اختلفوا في حقيقة الجسم التّعليمي وعرفوه بالجوهر القابل للأبعاد الثّلاثة وأرادوا بالأبعاد الثلاثة خطوطا ثلاثة متقاطعة على زوايا قوائم وعرف المحقق الطّوسي الجوهر بالممكن لا يحل أصلا أو يحل لكن لا في موضوع مقابل العرض فذهب جمهور المتكلمين إلى أنّه مركّب من أجزاء لا يتجزى متناهية والنظام إلى أنّه مركب من أجزاء كذلك غير متناهية وجمهور الحكماء إلى أنّه شيء واحد متّصل وليس بذي مفاصل وأجزاء بالفعل