السّادس لكون القضاء والإعادة في محلّ الفرض محل شبهة وريبة وأمّا التّاسع فإن إعادة المتيمم الواجد للماء في الوقت لا بدّ أن تكون مع علمه بجواز الإعادة ولو لإدراك كمال الصّلاة مع الوضوء قبل اطلاعه على ما وعده الإمام عليهالسلام من الأجرين إذ لو لم يكن عالما به قبله لم تصحّ الإعادة كما هو واضح والفرض في المقام عدم العلم بالجواز وأمّا العاشر فإن المراد به مدح من امتثل بغير ما فرضه الله عليه والمراد بالقضاء فيه مطلق الفعل لا تدارك ما فات منه فلا دخل له فيما نحن فيه ممّا لم يعلم فيه الأمر أصلا وأمّا الحادي عشر فإنّ الأمر بالاحتياط فيه وارد على طبق القاعدة لثبوت التّكليف في مورده مع الشكّ في الخروج من عهدته مع موافقته الاستصحابات موضوعيّة كما تقدم توضيحه من المصنف ره في المطلب الأوّل في تضاعيف أدلة الاحتياط والفرض في المقام سقوط أصل التّكليف ظاهرا وكون الإعادة والقضاء لاحتمال خلل لم يعلم الأمر بتداركه وأمّا الثاني عشر فإنّ المراد به المنع من النّهي عن صلاة علم الأمر بها فلا يشمل المقام وأمّا الثّالث عشر فإنّ المراد به التخيير بين الاستقلال والاستكثار في ما علم كونه صلاة وسماه الشارع بها ووعد الجزاء بها لأنّ هذا هو الظاهر من كونها خير موضوع لا ما لم يعلم الأمر به أصلا وأمّا الرّابع عشر فإن تشريع صلاة الاحتياط عند الشّكّ في عدد ركعاتها إنّما هو من جهة كون الصّلاة مع جميع أجزائها وشرائطها المعيّنة مطلوبة ومقصوده من المكلّف والعلم بالخروج من عهدة التكليف بها لما لم يحصل إلاّ بالعلم وجدانا أو شرعا بالإتيان بها على ما هي عليه من الأجزاء والشرائط فالشارع قد جعل صلاة الاحتياط تسهيلا للأمر على المكلّف جابرة لما احتمل فيها من النقص في ركعاتها ولذا قال أبو عبد الله عليهالسلام وإن كان صلى أربعا كان هاتان نافلة وأين هذا ممّا علم بسقوط التكليف فيه ظاهرا وكان الغرض من القضاء والإعادة تدارك خلل محتمل لم يعلم الإذن من الشارع بتداركه وأمّا الخامس عشر فلعدم الاعتداد بالإجماع في المسائل المستحدثة سيّما هذه المسألة الّتي لم يتعرض لها أحد قبل الشّهيد وإليه أشار في موضع آخر بقوله أن معاصر الأئمّة عليهمالسلام من جهة شدّة اهتمامهم وعنايتهم بالصلاة كانوا لا يحتاجون إلى إعادتها وقضائها نعم تمكن دعواه على طريقة الشّيخ من ابتناء حجيّة الإجماع على قاعدة اللّطف وهذا ربما يوهم موافقته له فيها نعم يمكن أن يستدلّ عليه بهذا الإجماع لا من حيث كونه إجماعا حتّى يرد عليه ما ذكر بل من حيث كشفه عن استقرار عمل الصّلحاء من العباد والكملين من العلماء في زمن الغيبة على ذلك وهو يكشف عن وجود دليل معتبر عندهم على ذلك أو عن حسن هذا الفعل عندهم مع قطع النظر عن حسنه المحتمل بحسب نفس الأمر من أجل احتمال وجوبه في الواقع كما هو محلّ الفرض ولعلّ مراد المصنف رحمهالله أيضا بدعوى كفاية الحسن العقلي في العبادة مستشهدا لها سيرة العلماء هو ما ذكرناه من كشف سيرتهم عن وجود دليل معتبر عندهم وإلاّ فمجرّد دعوى كفاية الحسن العقلي فيها إعادة للمدّعى وسيرة العلماء مجرّدة عن اعتبار ما ذكرناه لا دليل على اعتبارها وعلى كلّ تقدير فممّا ذكرناه يندفع احتمال التشريع في المقام كما زعمه المدقق الشّرواني إذ لم يقل أحد بذلك مع وجود دليل معتبر أو حسن الفعل في نفسه الكاشف عن حسنه عند الشارع أيضا وأمره به وكذلك يندفع ما ادعاه المصنف ره في وجه عدم جريان الاحتياط في المقام من كون الأمر بالاحتياط كأوامر الإطاعة إرشاديّا لا يترتب على موافقته ومخالفته سوى ما يترتب على نفس الواقع مع قطع النظر عن هذا الأمر لأن ذلك إنّما يرد لو قلنا بأن مبنى الاحتياط بالإعادة والقضاء من جهة احتمال خلل فيها على مجرّد كون ذلك طريق امتثال للأمر المحتمل وليس كذلك لما عرفت من كون ذلك لأجل حسن الفعل في نفسه مضافا إلى حسن الإطاعة الحكميّة لكشفه عن أمر الشّارع به في الواقع بحكم الملازمة فإن قلت كون الصّلاة المعادة أو المقضية عبادة وحسنة موقوف على أمر الشّارع بها إذ لا حسن للعبادات من دون أمره بها ولذا لا تصح من دون قصد التقرب بامتثال الأمر المتعلق بها وأمره بها فرع حسنها في نفسها لكون أوامره تابعة للحسن الواقعي لا محالة فيلزم الدور ولعلّه من هنا قد التزم صاحب الفصول بكفاية الحسن في الأمر وعدم لزوم حسن المأمور به في أمر الشّارع به ومنع الملازمة بين حكم العقل والشّرع وإلا لم يندفع الدّور ومن هنا يظهر ضعف قول المصنف رحمهالله والتحقيق أنّه إن قلنا بكفاية إلى آخره لأن صريحه اندفاع الدّور على تقدير حسن الفعل المأتي به بداعي احتمال محبوبيته مضافا إلى حسن الإطاعة الحكميّة إذ قد عرفت بقاء إشكال الدّور على هذا التقدير أيضا وإن اختلف تقريره على التقديرين لأن لزومه على تقدير عدم حسن الفعل في نفسه من جهة أنّ شمول الأمر بالاحتياط للمأتي به بداعي احتمال محبوبيته موقوف على قصد القربة به وهو موقوف على شمول الأمر المذكور له وعلى تقدير حسنه في نفسه من جهة أن حسن الفعل المأتي به موقوف على أمر الشّارع به وأمره به موقوف على حسنه كما عرفت قلت إنّه مع انتقاضه بسائر العبادات التي علم أمر الشّارع بها لورود المحذور المذكور فيها أيضا يمكن منع توقف حسن العبادات على أمر الشّارع ولذا لو أتى بها حبّا لله وشكرا له لم يقل أحد ببطلانها وما قرع سمعك من اعتبار قصد القربة وامتثال أمره تعالى في صحّتها إنّما هو لبيان أقل مراتب ما يعتبر في العبادة من القصد لا للحصر بل نقول إنه لو أتى بها بقصد حسنها الواقعي وإن لم يعلم بحسنها الخاص كفي في صحّتها وترتب عليها ما يترتب عليها لو أتى بها بقصد امتثال الأمر لأنّ الثّواب من التّقرّب ودخول الجنّة وغيرهما من آثار حسن الفعل لا من آثار إطاعة أمر الشّارع من حيث هي ولعله إلى ما ذكرناه يرجع ما ذكره المصنف رحمهالله في دفع الدّور حلاّ على تقدير عدم كفاية احتمال المطلوبيّة في صحّة العبادة من كون المراد بالاحتياط والاتقاء في الأوامر الواردة فيهما هو مجرّد الفعل المطابق للعبادة من جميع الجهات عدا نية القربة وحاصله أنّ موضوع الاحتياط والاتقاء إنما يتوقف على قصد القربة إذا كان اعتبار قصدها مأخوذا في موضوع الأوامر الواقعيّة شطرا أو شرطا