(قوله) فتراهم يستدلون إلخ يؤيّده أيضا استمرار سيرة الفقهاء على التّرجيح بالأمارات المشكوكة الاعتبار كما هو واضح للمتتبع (قوله) ما ذكروه في مسألة تعارض إلخ حاصله أنّهم قد ذكروا في الأصول مسألة تعارض النّاقل والمقرر مع عدم ورود نصّ فيها واختلفوا في تقديم أحدهما على الآخر معللين تقديم النّاقل بأن حمل الخبر على ما لا يستفاد إلاّ من الشّرع أولى من حمله على ما يستفاد من العقل أيضا لكون التأسيس أولى من التّأكيد وتقديم المقرر بأن المخالف للأصل يستفاد منه ما لا يستفاد إلاّ منه والموافق له حكمه معلوم من العقل فكان أولى ويستفاد من هذا الخلاف كون التّرجيح بأقربيّة مضمون أحدهما إلى الواقع مفروغا منه فيما بينهم وأن خلافهم في تقديم الناقل أو المقرّر إنّما هو لأجل توهّم كلّ من أرباب القولين أقربية مضمون أحدهما إلى الواقع (قوله) فإنا نعلم إلخ حاصله أنّ الأصدقية وإن كانت من المرجحات الدّاخلة المجمع على جواز التّرجيح بها إلاّ أنّ مناط اعتبار الشّارع لها من المرجحات يفيد جواز الترجيح بكل ما أفاد أقربية مضمون أحد الخبرين إلى الواقع من الآخر(قوله) وليس هذه الصّفة مثل الأعدلية إلخ إذ يحتمل أن يكون الشّارع قد جعل للعادل مرتبة لأجل عدالته فأمر بالأخذ بخبره وإن احتملت مخالفته للواقع حفظا لانتهاك حرمته بين الأنام بخلاف صفة الصّدق على ما قرّبه المصنف رحمهالله وكذلك في الترجيح بالأعدليّة والأصدقيّة(قوله) وممّا يستفاد منه المطلب إلخ المطلوب هو جواز الترجيح بكل ظنّ بل بكل مزية في أحد الخبرين مفقودة في الآخر كما سيصرح به وإثبات هذا المطلب بما تضمن التّرجيح بالشّهرة موقوف على مقدّمات أشار المصنف رحمهالله إلى جميعها إحداها كون طرح الشاذّ النّادر لأجل ثبوت ريب فيه لا لأجل عدم الرّيب في بطلانه ووجه التوقف على هذه المقدّمة واضح إذ مع بطلان أحد الخبرين يخرج الخبران من فرض التعارض كما هو واضح الثّانية أنّ المراد بانتفاء الرّيب من المشهور ليس انتفاؤه على جميع الوجوه بل انتفاء الرّيب الموجود في الشّاذ النّادر خاصة ووجه التّوقف على هذه المقدّمة أنه لولاها لانحصر مورد الترجيح بصورة عدم وجود ريب في المشهور مطلقا سواء كان هو الرّيب الموجود في الشّاذّ النّادر أم غيره والمقصود أعمّ منه الثّالثة أنّ المراد بثبوت الرّيب في الشّاذ النّادر ليس ثبوته على وجه يكون موهوما حتّى يكون انتفاؤه في المشهور بانتفاء احتماله من رأس ووجه التوقف عليها أنّه لولاها لما ثبت الترجيح بوجود ريب مشكوك في أحد المتعارضين موهوم في الآخر واستفادة المطلب ممّا تضمن التّرجيح بالشهرة بعد تمهيد هذه المقدّمات واضحة(قوله) كما يقتضيه صدر الخبر إلخ لأنّه قد تضمّن التّرجيح بالأعدليّة أوّلا وبالشّهرة ثانيا ومقتضى الأوّل جواز الترجيح بالأعدليّة وإن كان خبر العادل مشهورا(قوله) ولذا علّل يعني كلمات العلماء سوى ما ورد في الأخبار(قوله) بناء على أن الوجه في التّرجيح إلخ إنّما قيّد بذلك لأنّ هنا وجوها أخر لا يصحّ الاستدلال على هذه الوجوه بما تضمّن التّرجيح بمخالفة العامّة للمقام أحدها كون الترجيح بها تعبّدا محضا وثانيها كونه لأجل حسن ذاتي في مخالفة العامّة من حيث هي مع قطع النّظر عن كون مخالفة الخبر لهم أمارة لصدقه بحسب المضمون أو الصّدور وثالثها كون موافقة العامة دليلا على صدور الخبر الموافق لهم تقيّة ولا ريب أن شيئا من هذه الوجوه لا يصلح لإثبات جواز التّرجيح بمطلق الظنّ أو بكل مزية وفضيلة موجودة في أحد المتعارضين مفقودة في الآخر وقد تعرّض المصنف رحمهالله في باب التّعادل والتّرجيح لجميع هذه الوجوه وما يشهد بها من الأخبار وكلمات علمائنا الأخيار وما يرد عليها وما يدفعه عنها فلا حاجة لإطالة الكلام في ذلك في المقام (قوله) ولا بد من العمل به إلخ هذا دليل رابع في المقام قد استدلّ به جماعة منهم المحقّق الخونساري على ما حكي عنهم وهو قد يقرّر بوجه آخر وهو أنا نعلم إجمالا بوجود أخبار مطابقة للواقع في جملة الأخبار المتعارضة والفرض عدم إمكان العمل بكلّ من المتعارضين وحينئذ إن قلنا بطرحهما والعمل بالأصول الجارية في موردهما لزمت مخالفة العلم الإجمالي بل هو مخالف للأدلّة الدّالّة على اعتبار المتعارضين فتدبّر وإن قلنا بالتخيير تلزم التّسوية بين الرّاجح والمرجوح وإن قلنا بتعيّن العمل بالموهوم وطرح المظنون لزم ترجيح المرجوح على الرّاجح مع أنّه مخالف للعلم الإجمالي بمطابقة بعض الأخبار المظنونة من المتعارضين للواقع فتعين العمل بالمظنون والفرق بين هذا الوجه وما ذكره المصنف رحمهالله واضح وما أجاب به عنه مشترك بينهما(قوله) وحاصل هذه المقدمات لا يخفى أن المقدّمات المذكورة إنّما تنتج جواز الترجيح بمطلق الظنّ إن لم يمكن الاحتياط في المقام أو ثبت عدم وجوبه لا يقال لا ثمرة بين القول بوجوب الاحتياط في المقام وجواز الترجيح بمطلق الظن إذ مقتضى الاحتياط كما سيصرح به هو الأخذ بالخبر المظنون لأنا نقول أن الفرق بين العمل بالمظنون من باب الاحتياط ومن باب حجيّة المرجّح أعني مطلق الظنّ واضح مع أنّ الثمرة ربّما تظهر في الأخذ بالمظنون من باب الالتزام والتدين بالطريق الشّرعي بأن أخذ بالمظنون من حيث إنّه الطريق المتعين الأخذ عليه لأنّه حرام من باب التّشريع على الثّاني لفرض عدم ثبوت التّرجيح بمطلق الظنّ بخلافه على الأوّل (قوله) فالوجه فيه كما عرفت إلخ لا يخفى أن المصنف رحمهالله قد ذكر في باب التعادل والترجيح في المتعارضين وجوها الأول الرّجوع فيهما إلى المرجحات السّندية ومع فقدها فالتّخيير الثاني الحكم بالإجمال في مادة الاجتماع من أوّل الأمر والرّجوع إلى الأصول الثالث التفصيل بين ما لم يكن للمتعارضين مورد سليم عن المعارض كقوله اغتسل للجمعة الظّاهر في الوجوب وقوله ينبغي الغسل للجمعة الظاهر في الاستحباب فالأوّل وبينما كان لهما مورد سليم عن المعارض كالعامين من وجه فالثاني وهو قد اختار الأوّل وإن استشكل فيه أخيرا وقد صرّح هناك بكون المتعارضين مطلقا سواء كان تعارضهما من وجه التباين متفقين على نفي الثّالث وهو ينافي قوله هنا والخبر المخالف له لا ينهض لذلك إلخ مع أن ما ذكره هنا من تساقط الخبرين لأجل المعارضة ينافي ما تقدّم منه عند التمسّك بقاعدة الاشتغال من دعوى عدم الدّليل على حجيّة الخبر المرجوح وأن المتيقن جواز العمل به من المتعارضين هو الخبر المظنون إذ لا متيقن على تقدير التعارض (قوله) خصوصا مع أنّ مبنى إلخ يعني أن مقتضى الاحتياط هو ما ذكرناه خصوصا مع ملاحظة أن مبنى ما نحن فيه من الحكم بالتخيير أو الأخذ بما طابق الظنّ غير المعتبر