أن يقال في مثل هذه الخطابات أيضا بارتفاع العلم الإجمالي بالتّخصيص والتقييد بعد الفحص عن مظانّهما ووجدان بعض المخصّصات والمقيّدات الثّابت اعتباره بالظنون الخاصّة كالخبر الصّحيح الأعلى ونحوه إذ بعد وجدان عدّة من المخصّصات والمقيّدات يمكن منع بقاء العلم الإجمالي بوجود مخصّص آخر بعدها ومجرّد احتماله غير مانع من العمل بأصالة الحقيقة من العموم أو الإطلاق وحينئذ لا وجه لترك العمل بالخطابات المذكورة لأجل الظنّ الحاصل من مثل الشّهرة ونحوها فتأمل (قوله) وشبههما من خطابات العبادات والمعاملات من العقود والإيقاعات مثل قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وقوله المؤمنون عند شروطهم ونحوها(قوله) وأمّا كثير من العمومات إلخ مثل عمومات الأطعمة والأشربة والصّيد والذباحة والحدود والدّيات ونحوها ممّا لم يحصل لنا العلم بورود مخصّص لها سوى ما ثبت لنا بدليل معتبر وأنت خبير بأن التّفصيل بين عمومات الكتاب والسّنة المتواترة أو المتيقن من آحادها وإطلاقاتهما وظواهرهما بتسليم العلم الإجمالي في بعضهما ومنعه في بعض آخر أنما يتم إن لوحظ كل خطاب بحياله وإلاّ فمنع العلم الإجمالي بارتكاب خلاف الظّاهر في جملتها بحسب العموم أو الظهور ولو بالنّسبة إلى ما سوى ما علم إجمالا بارتكاب خلاف الظّاهر فيه بالخصوص مجازفة محضة كما يظهر بعد ملاحظة كثرة ما سواه (قوله) وأمّا الرّجوع إلخ هذا هو الطّريق الثّاني من الطرق المقرّرة للجاهل الّتي تقدّمت في أوّل المقدّمة(قوله) إنّ العلم الإجمالي بوجود إلخ فإنّه مع وجود العلم الإجمالي المذكور فإن أريد إجراء البراءة والاستصحاب في جميع أطرافه لزمت مخالفة العلم الإجمالي بثبوت التّكليف في الجملة وارتفاع الحالة السّابقة كذلك وإن أريد إجزاؤهما في بعضها غير المعين فلا معنى له وفي بعضها المعين دون آخر لزم التّرجيح بلا مرجّح (قوله) يمنع من العمل بالاستصحابات إلخ لأنا إذا فرضنا إناءين نجسين ثمّ علم إجمالا بعروض الطّهارة لأحدهما فالعلم بانتقاص الحالة السّابقة في الجملة فيهما وإن كان يمنع استصحاب نجاستهما كما عرفته في الحاشية السّابقة إلا أنّ ذلك لا يمنع من الاجتناب من كلّ منهما من باب المقدّمة للاجتناب عن الحرام الواقعي وما نحن فيه أيضا نظير الإناءين المشتبهين فيما ذكرناه فلا تغفل (قوله) لكنّ الاحتياط في جميع ذلك لعلّ المشار إليه هو جميع موارد الاستصحابات المثبتة والنّافية وأصالة البراءة لأنّه مع عدم جريان هذه الأصول يكون المورد مجرى لقاعدة الاشتغال لأنّ مجرّد احتمال التّكليف في الواقع علّة تامّة لحكم العقل بالخروج من عهدة التّكليف المحتمل إلاّ أن يكون هنا أصل وارد أو حاكم على هذه القاعدة من الأصول اللّفظيّة أو العمليّة والعمل بأصالة البراءة في الشبهة البدوية أنّما هو لحكومتها على قاعدة الاشتغال فيها كما صرّح به المصنف رحمهالله في محلّه فعلي ما ذكرناه يئول الأمر إلى الاحتياط الكلّي وهو مستلزم للعسر بل اختلال النّظم (قوله) وبالجملة إلخ ربّما يتوهم أنّ هذا ليس جملة وحاصلا لما سبقه لأنّ المصنف رحمهالله في السّابق قد جعل المانع من جريان البراءة والاستصحاب النّافي والمثبت هو العلم الإجمالي بالخلاف وهنا قد جعل المانع من جريان الأصول النّافية لزوم المخالفة الكثيرة الّتي هي مانعة أخرى سوى مطلق مخالفة العلم الإجمالي لإمكان الالتزام بجواز الثّاني كما يظهر من جماعة بخلاف الأوّل لكونه أقبح منه كما لا يخفى وفي الأصول المثبتة من الاحتياط والاستصحاب المثبت لزوم الجرح ولكن الوجه فيه واضح لأنّ المخالفة الكثيرة حيث كانت أقوى من مطلق مخالفة العلم الإجمالي عدل إليها هنا أخذا بالأقوى وكذلك الاستصحاب المثبت حيث كان مشاركا للاحتياط في استلزامها الحرج ولو كان لزوم ذلك من اجتماعهما فأغمض عن مانعة الخاصّ وهو العلم الإجمالي فعلل عدم جريانهما بعلّة مشتركة ثمّ إنّه لم يشر إلى وجه عدم جريان أصالة التخيير في مواردها لأنّها لاختصاصها بموارد دوران الأمر بين المحذورين لا ينهض شيء من التعليلات المذكورة من مخالفة العلم الإجمالي أو لزوم المخالفة الكثيرة أو الحرج لمنع جريانه فيها(قوله) لكثرة المشتبهات في المقامين لا أرى وجها لذلك لأنّه لا فرق في المقام بين أن نعمل بالأصول المختلفة بحسب المقامات أو بالأدلّة لأنّها أيضا كالأصول ما بين ناف ومثبت والعلم الإجمالي كما أنّه مانع من جريان الأصول النّافية كذلك مانع من العمل بالأصول اللفظيّة وكذلك لزوم الحرج كما أنّه مانع من العمل بالأولى كذلك الثّانية(قوله) الإجماع القطعي لاتفاقهم على عدم جواز تقليد المقتدر لاستنباط الأحكام الشّرعيّة الظنيّة وإن فرض انسداد باب العلم الوجداني والشّرعي في حقّه وهذه المسألة وإن لم تكن معنونة في كلماتهم إلا أن حكمها معلوم من مذهبهم وطريقتهم وهو واضح لا يقبل الإنكار(قوله) فلا دليل على حجيّة فتواه إلخ إذ عمدة الدّليل على حجيّة فتوى العالم في حقّ الجاهل هو الإجماع والعقل والمتيقّن من الأوّل غير ما نحن فيه ولا ريب في عدم استقلال العقل أيضا بذلك إن لم يستقل بعدمه وأمّا الإطلاقات مثل قوله تعالى (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) فعلى تقدير دلالتها منصرفة إلى غير محل الفرض (قوله) المقدّمة الرّابعة لا يذهب عليك أنّ حاصل هذه المقدمة هو كون المقدّمات الثلاث المتقدّمة في كلام المصنف رحمهالله منتجة لتعيّن الامتثال الظنّي وهذا ليس من جملة مقدمات دليل الانسداد بل هي النتيجة المطلوبة إثباتها في المقام فالأولى بل المتعيّن أن يذكر في هذه المقدّمة أنّه بعد انسداد باب العلم وعدم جواز العمل بالأصول وعدم وجوب العمل بالاحتياط وعدم جواز التّقليد للعالم بالحكم أنّه لا يجوز الاقتصار على الامتثال الاحتمالي مطلقا أو مع قيام ما يحتمل أن يكون طريقا شرعيّا للامتثال بعد الانسداد كالقرعة ونحوها لقبح الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي مع التمكن من الظنّ ويجعل تعيّن العمل بالظنّ الحاصل من الأمارات الّتي لم يثبت اعتبارها بالخصوص نتيجة للمقدمات الأربع المذكورة والمصنف رحمهالله قد عكس فجعل النتيجة هي المقدّمة الرّابعة وما ينبغي أن يذكر في المقدّمة الرّابعة نتيجة لتلك المقدّمات (قوله) ولعلّه لذلك يجب إلخ إذ لا ريب في انسداد باب العلم بالضرر والعدالة غالبا مع تعلق أحكام مختلفة بهما وكون العمل بأصالة