أيضا ولكن لا بالمعنى المعتبر في القطع والظنّ بل بمعنى عدم رفع اليد من الواقع بالمرّة في ترتيب الحكم على الشّك وتوضيح ذلك أنّ الشّارع تارة يجعل الحكم ويرتبه على الموضوع الواقعي ولكن في مقام الشّكّ يقنع بالإطاعة الاحتماليّة بأن يحكم في مقام الظاهر إمّا بالأخذ بأحد الاحتمالين بالخصوص كما في موارد البراءة والاستصحاب ومضاهيهما وإمّا بأحدهما لا بعينه كما في موارد التخيير فالشك حينئذ ريق جعلي إلى الواقع بمعنى عدم إلغاء الشّارع للواقع في مورده بل حكمه بالأخذ بأحد الاحتمالين من حيث كون المأخوذ محتملا للواقع ويصح وقوعه حينئذ وسطا لإثبات الحكم الواقعي في مقام الظّاهر وليس كالقطع المعتبر من باب الطّريقيّة المحضة على ما تقدّم فيصحّ أن يقال هذا محتمل الحرمة والإباحة وكلّ ما هو كذلك فهو مباح في الظّاهر وأخرى يجعل الحكم في الواقع ويرتبه على عنوان الشّكّ ولكن لا من حيث هو بل من حيث كون المكلّف محتملا للواقع كما إذا فرض كون البناء على الأكثر عند الشّكّ في عدد ركعات الصّلاة مرتّبا على عنوان الشّكّ لكن لا من حيث هو بل من حيث كونه محتملا للأكثر فيكون الشّكّ حينئذ جزءا من موضوع الحكم الواقعي مع اعتبار كونه طريقا إلى متعلّقه وثالثة بجعل الحكم في الواقع ويرتبه على عنوان الشّكّ من حيث كونه صفة خاصّة كسائر الأوصاف الّتي لها دخل في الأحكام الواقعيّة ثبوتا وانتفاء وتظهر الثّمرة بين الأقسام في قيام الأمارات وبعض الأصول مقامه وفي مسألة الإجزاء كما يظهر من ملاحظة ما قدّمناه في القطع أمّا المثال للأوّل فكما لو فرض انسداد باب العلم والظن غالبا أو دائما إلى الأحكام الواقعية فإنّه حينئذ يتعيّن التّخيير في العمل بطرفي الشّكّ ضرورة انحصار الطّريق فيه وعدم كون المكلّفين مهملين حينئذ كالبهائم فالعمل بالتّخيير حينئذ لمجرّد احتمال المطابقة في مقابل قبح المخالفة القطعيّة وكذلك حكم الشّارع بالبناء على الأكثر عند الشّكّ في عدد ركعات الصّلاة فإنّه أيضا لاحتمال كون الأكثر موافقا للواقع غاية الأمر أن حكمه بالبناء على الأكثر بالخصوص دون الأقل كما هو مقتضى الاستصحاب لا بدّ فيه من حكمة وهي بقاء الصلاة محفوظة عن خلل الزّيادة والنّقصان فإنّه مع حكمه بالبناء على الأكثر قد أمر بصلاة الاحتياط أيضا فالبناء على الأكثر أنّما هو لصونها عن احتمال خلل الزّيادة والأمر بصلاة الاحتياط لصونها عن احتمال خلل النّقيصة ومن هنا قال المرتضى رحمهالله على ما حكي عنه إنّ قوله عليهالسلام إذا شككت فابن علي اليقين لا ينافي ما دلّ على البناء على الأكثر من الأخبار لأنّ البناء على الأكثر مع جبر احتمال النّقض بصلاة الاحتياط بناء على اليقين بما يحصل معه صون الصّلاة عن الزّيادة والنّقيصة ولعلّ الحكمة في حكم الشّارع أيضا بالبناء على بقاء الحالة السّابقة هي غلبة البقاء وبالجملة لا بدّ في حكمه بالبناء على أحد طرفي الشّكّ بالخصوص من حكمة مقتضية وإن لم نعرفها بالخصوص وأمّا المثال للثاني والثّالث فلم نجده إذ ليس في الشّرعيّات ما يكون الشّكّ فيه جزءا من موضوع الحكم الواقعي بحيث تختلف الأحكام الواقعيّة باختلافه حتّى إنّ الشّكّ في موارد جميع الأصول التعبّدية حتى قاعدة البراءة من قبيل الأوّل نعم يمكن التّمثيل للثّاني بالأحكام الظّاهريّة فإنّ الشّكّ جزء من موضوعاتها ولذا يصحّ وقوعه وسطا لإثباتها كما أشرنا إليه والله العالم الثّاني أن ما قدمناه سابقا من أن القطع إذا اعتبر من باب الطّريقيّة لا يصحّ وقوعه وسطا لا ينافي صحّة وقوعه جهة لمقدمتي القياس أو إحداهما إذ يصح أن يقال إن هذا خمر يقينا وكل خمر حرام يقينا وإلى هذا ينظر محكي كلام العلاّمة في الجواب عمّا استدل به للقائلين بطهارة الخمر من أنّ الخمر لا تجب إزالته عن الثّوب والبدن بالإجماع لوقوع الخلاف فيه وكلّ نجس تجب إزالته عن الثوب والبدن بالإجماع إذ لا خلاف في وجوب إزالة النّجاسة عنهما عند الصّلاة فينتج أنّ المسكر ليس بنجس فإنّه قد أجاب عن هذا الدّليل المرتب على قياس الشّكل الثّاني بأنّ الإجماع المذكور في المقدّمتين أخذ فيهما لا بمعنى واحد فإنّه تارة كيفيّة للرّبط يدلّ على وثاقته خارجا عن طرفي القضية في إحداهما وأخرى جزء للمحمول فلا يتحد الوسط وقد أجاب عنه المحقّق الخونساري ولا بأس بنقل كلامه بطوله حتّى لا يحرم النّاظر البصير والناقد الخبير عن فوائده فإنه بعد أن حكى عن العلاّمة ما حكيناه من الجواب أجاب عنه بأن ما ذكره لا يحسم مادة الشّبهة إذ لأحد أن يقول إنّ الإجماع الّذي ذكر أنه في إحدى المقدّمتين من جهة الحمل وفي الأخرى كيفيّة للرّبط يدل على وثاقته لا يخفى أنه بمنزلة الضّرورة الّتي تقع جهة للقضية إذ محصل معناه القطع فكأنّه قيل كلّ نجس يجب إزالته عن الثّوب والبدن قطعا وقد تقرر أنّ الضّرورة الّتي كانت جهة للقضيّة وكانت القضيّة صادقة إذا جعلت جزء المحمول تكون القضيّة أيضا صادقة وتكون الجهة أيضا الضّرورة فحينئذ لنا أن نجعل الإجماع بمعنى القطع الّذي هو جهة الحمل في قولنا كلّ نجس تجب إزالته عن الثّوب والبدن قطعا جزءا للمحمول حتّى تصير القضيّة هكذا كلّ نجس ضروري وجوب إزالته عن الثّوب والبدن بالضّرورة وهي مع المقدّمة الأخرى أي أنّ كلّ مسكر ليس بقطعي وجوب إزالته عن الثّوب والبدن تنتج أنّ المسكر ليس بنجس ضرورة لأنّ شرائط الإنتاج حاصلة حينئذ لاتحاد الوسط وثبت أيضا المقدّمتان جميعا وعلى هذا لا ينفع ما ذكره العلامة ثمّ أجاب عن ذلك بأنّ الضّرورة الّتي تقرر أنّها إذا كانت جهة لقضيّة صادقة إذا جعلت جزءا للمحمول كانت القضيّة أيضا صادقة مع كون جهتها الضّرورة إنّما هي الضّرورة الّتي من الموادّ الثّلاث المقابل للإمكان والامتناع لا القطع المراد هنا الّذي هو لازم الإجماع لأنّه بمعنى الجزم لا الضّرورة بالمعنى المذكور ولا نسلم أنّ القطع بمعنى الجزم إذا كان جهة للقضية الصّادقة تكون القضيّة عند جعله جزءا للمحمول أيضا صادقة مطلقا بل يصدق على جهة ولا يصدق على أخرى وتفصيل الكلام أنّ العلم وأنواعه من الجزم والظّنّ ومتعلّقاته من الضّرورة والاكتساب إذا كان جهة لقضية مثلا نقول كلّ أربعة زوج بالضّرورة أي بالبديهة لا الضّرورة المقابلة للإمكان فإذا جعل الضّرورة جزءا للمحمول وقيل كلّ أربعة ضروري الزّوجية أي بديهيّتها