المدعى من القطع بصدور أخبار الكتب المشهورة عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام ومنها ما ذكره الأمين الأسترآبادي أيضا من أنّه كثيرا ما يطرح رئيس الطّائفة الأحاديث الصّحيحة باصطلاح المتأخرين ويعمل المتأخرين بنقائضها الضّعيفة باصطلاح المتأخرين فلو لا ما ذكرناه لما وقع من مثل رئيس الطّائفة ذلك عادة انتهى وفيه ما لا يخفى لأن عمل الشيخ بالضّعيف على اصطلاح المتأخرين لا دلالة فيه على كون الأخبار عنده قطعيّة الصّدور لجواز كون ذلك لأجل وثوقه بصدور ما عمل به كما هو معنى الصّحيح على اصطلاح القدماء كما قدّمناه ومنها ما ذكره أيضا من أنّه كثيرا ما يعتمد رئيس الطّائفة على طرق ضعيفة مع تمكّنه من طرق أخرى صحيحة فلو لا ما ذكرناه لما وقع من مثله ذلك عادة انتهى ويظهر جوابه من سابقه ومنها ما ذكره أيضا من أن رئيس الطّائفة صرّح في كتاب العدّة وفي أوّل الإستبصار بأنّ كلّ حديث عمل به مأخوذ من الأصول المجمع على صحّة نقلها ونحن نقطع بأنّه ما كذب انتهى وفيه أنّه قد حكي عن الفاضل التوني أني تصفحت العدّة فما رأيت هذا الكلام فيه وأمّا ما نقله عن الإستبصار فقد تقدّمت عن الوحيد البهبهاني دعوى صراحة عبارة الشيخ في أوّل الإستبصار في خلاف ما ذكره مع أنّ الإجماع على صحّة ما في الأصول من الأخبار لا يستلزم القطع بصدورها لما عرفت من أنّ الصّحة عندهم ما تركن النفس إلى صدوره لا ما قطع به مضافا إلى منع استلزام حصول القطع له لحصوله لغيره أيضا ومنها ما ذكره أيضا من أنّ شيخنا الصّدوق قدسسره ذكر مثل ذلك بل أقوى منه في أوائل من لا يحضره الفقيه ونحن نقطع عادة بأنّه ما كذب فكذلك نقول في حقّ الكافي للإمام ثقة الإسلام انتهى وقد ظهر جوابه ممّا تقدم بما لا مزيد عليه ومنها ما ذكره أيضا من أنا قطعنا قطعا عاديا في حقّ أكثر رواة أحاديثنا بقرينة ما بلغنا من أحوالهم أنّهم لم يرضوا بالافتراء في رواية الحديث والذي لم نقطع في حقّه بذلك كثيرا نقطع بأنّه طريق إلى أصل الثّقة الّذي أخذ الحديث منه والفائدة في ذكره مجرّد التّبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللّسانيّة ودفع طعن العامة بأنّ أحاديثكم ليست معنعنة بل مأخوذة من كتب قدمائكم ومن أصولهم ومن جملة القرائن على ما ذكرناه أنّ الإمام ثقة الإسلام صرح في أوّل كتاب الكافي بصحّة جميع أحاديثه ومع ذلك كثيرا ما يذكر في أوائل الأسانيد من ليس بثقة انتهى ما قصدنا إيراده من كلامه في المقام وإنّي لا أظنّك بعد أن تحيط خبرا بما قدّمناه من شطر من أحوال الرّواة والكتب المشهورة وجملة من الأخبار وما في كلام ثقة الإسلام وغير ذلك تغترّ بمثل هذه الكلمات ولذا طوينا الكشح عن ذكر غيرها ممّا ذكره الشيخ الحرّ العاملي في الوسائل وغيره وبقي الكلام في المقامين الآخرين الّذين أشرنا إليهما في عنوان الكلام وهما دعوى القطع بعدم صدور خطاء ونسيان عن نقلة الأخبار ودعوى القطع بدلالتها على المرادات الواقعيّة قال الأمين الأسترآبادي بعد ذكر ما تقدّم من القرائن بقي احتمال السّهو وهو يندفع تارة بتعاضد بعض الرّوايات ببعض وتارة بقرينة تناسب أجزاء الحديث وتارة بقرينة السّؤال والجواب وتارة بقرائن أخرى انتهى وأنت خبير بأنّ هذه القرائن كلّها قرائن ظنيّة لا قطعيّة نعم اجتماع جملة منها في بعض الموارد قد يفيد القطع ولكن أين هذا من دعوى القطع في جميع آحاد الأخبار وقال في مقام آخر بعد ذكر جملة من القرائن فإن قلت بقي احتمال آخر لم يندفع وهو احتمال إرادة خلاف الظّاهر قلت معلوم أنّ الحكيم في مقام البيان والتّفهيم لا يتكلم بكلام يريد به خلاف ظاهره من غير وجود قرينة صارفة بيّنة لا سيّما من اجتمعت فيه نهاية الحكمة مع العصمة إلى آخر ما ذكره وفيه أوّلا أنّ الحكمة أنّما تقتضي إيراد الكلام على وجه يفي بمراده ولو بالاعتماد على القرائن العقليّة والمقاميّة وأمّا غفلة المخاطب أحيانا عن بعض القرائن فهي أمر ممكن بل واقع فإن قلت إنّه يجب على المتكلم تنبيهه على غفلته من باب الإرشاد قلت إنّه أنّما يتم لو علم بغفلته فإن قلت إن موضوع الكلام هو الإمام العالم بكل شيء قلت إن علمه إمّا بالأسباب العادية فقد لا تتفق له تلك الأسباب وإمّا بعلم الإمامة فلا يجب عليه العمل به ولذا كانوا يقضون بين النّاس بالأسباب الظّاهريّة وقال عليهالسلام نحن نحكم بالظّاهر والله وليّ السّرائر نعم يجب عليه الرّضاء بما فهمه على حسب استعداده وهو غير ما نحن فهي وثانيا أن ما ذكر على تقدير تسليمه أنّما يتم بالنّسبة إلى المشافهة دون الغائبين والمعدومين إذ القرائن قد تنطمس بامتداد الزمان وتمادي أيدي الظّلام ودفع احتمال وجودها حين صدور الخطاب بالأصل يجعل الدّلالة تعبديّة وهو واضح ثمّ إنّ جميع ما قدّمناه أنّما هو على تقدير كون مرادهم بالعلم هو الاعتقاد الجزمي المطابق للواقع بل وكذلك إن أرادوا به مطلق الاعتقاد الجزمي وإن أرادوا به العلم العرفي أعني الوثوق وركون النّفس بحيث لا يعتنى باحتمال خلافه عند العقلاء ويطلق عليه العلم عرفا كما ربّما يومئ إليه قول الأمين الأسترآبادي المعتبر من اليقين في البابين ما يشمل العادي فلا يتعين تحصيل ما هو أقوى منه من أفراد اليقين وباب اليقين العادي باب واسع يشهد بذلك اليقظان النّفس انتهى فهو غير بعيد بالنّسبة إلى أخبار الكتب الأربعة ولو لا خوف الإطالة لذيّلنا الكلام في ذلك وفي سائر المراتب المتقدّمة لأنّا تركنا كثيرا ممّا ناسبه المقام لذلك ولعلّ فيما قدّمناه كفاية لمن طلب الهداية والحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا (قوله) كالمحكي عن السّيّد والقاضي إلخ اعلم أنّ الفرق بين مذهب السّيّد والأخباريين مع عدم عمل كلّ منهما بأخبار الآحاد أنّ معظم الأخباريين يدعون القطع بصدور جميع الأخبار المودعة في الكتب المعروفة والسّيّد يدعي كون أكثر الأحكام معلومة بالضّرورة أو الإجماع أو الأخبار المتواترة كما نقله عنه في المعالم فلا يلزم أن يكون عنده جميع أخبار