وأمثال هذه ويدل على ما ذكرناه أيضا قول الصّدوق في إكمال الدّين لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد وكان رجلا ثقة ديّنا فاضلا انتهى وفي روضة الكافي محمّد بن بكير عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن علي بن النّعمان عن القاسم شريك المفضل وهو رجل صدق قال قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام الحديث وفي باب العلل والأمراض من الكافي عن الحسين الخراساني وكان خيرا قال شكوت الحديث وفي باب عرض الأعمال على النّبي صلىاللهعليهوآله عن عبد الله أبان الزّيات وكان مكينا عند الرضا عليهالسلام وأمثال ذلك مكرّر في الفقيه وفي الرّوضة عن زرارة قال حدثني أبو الخطاب في أحسن ما يكون حالا إلى آخره ورواية الأحاديث بعنوان حدّثني في حال استقامته كثيرة حتّى أنه ببالي عن مولانا أحمد الأردبيلي وغيره أيضا على ما أظنّ أنّ ما رواه الأصحاب عن فاسدي المذهب أنّما رووها في حال استقامتهم وأيضا الأحاديث بعنوان حدثني فلان الثقة أو فلان عمّن يوثق به أو حدّثني صاحب لي ثقة كثيرة منها في الكافي في باب أصناف النّاس وفي باب نادر في أصول الشّيعة وفي باب شهادة الواحد ويمين المدّعي وفي الإستبصار في باب الماء المستعمل وفي الرجال في باب ترجمة يونس إلى غير ذلك فتتبع تجده وممّا يشهد أيضا أنّ في الكافي في باب دعوات موجزة بسنده عن جهم بن أبي جهم عن أبي جعفر رجل من أهل الكوفة يعرف بكنيته قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام وفيه في باب ما يجب من حق الإمام عليهالسلام على رعيّته عن محمد بن أسلم عن رجل من أهل طبرستان يقال له محمّد قال قال معاوية لقيت الطبري محمّد أبعد ذلك فأخبرني قال سمعت علي بن موسى الرّضا عليهالسلام يقول الحديث وممّا يؤيده ما في بعض الأخبار من أنّ الرّاوي التمس المعصوم عليهالسلام أن يكتب له حتى يرى خطّه الشّريف كي يحتج ويعمل بخطوطه والمعصوم عليهالسلام كتب له والظاهر أن الملاحظة الواحدة لا يحصل للإنسان المعرفة ولا يحصل له القطع بكون الخطّ خطّه الشّريف متى رأى في موضع آخر على تقدير تسليم أن نقول بحصول العلم من المكاتبة وهو أيضا محلّ تأمّل حتّى إنّ المحقّقين تكلموا في حجيّة المكاتبة وبعضهم أنكرها وفي كتاب القضاء تأملوا في حجيّة الخطوط واعتبارها والظّاهر أنّ الأخباريين أيضا موافقون وروى في ذلك المقام عنهم عليهمالسلام أنّه لا تكون الشهادة إلاّ أن يعلم من كتب كتابا ونقش خاتما وما يشير إليه أيضا تكذيبهم بعض الرّواة مثل قولهم ليس أحد من آبائي فعل كذا كما في حكاية سجدة الشكر بعد المغرب وأمثاله هذا كلّه قد نقلناه عن رسالة البهبهاني في الاجتهاد والأخبار بعد أن راجعت في كثير منها إلى التراجم المذكورة في الرّجال ولذا وقع الاختلاف في الجملة بينما ذكرناه هنا وما في تلك الرّسالة (وأمّا الثّالث) فإنّك بعد ما عرفت من استقرار مسلك القدماء على ملاحظة السّند والاعتماد فيه على الظن أو الوثوق فكيف تدعي القطع بصدق جميع الأخبار المودعة في الكتب الأربعة فضلا عن غيرها وممّا يؤيّده قول الصّدوق في أوّل الفقيه ولم أقصد قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووا بل قصدي إلى إيراد ما أفتي إلى آخره وما ذكره الشيخ في العدة من أن إيراد مصنف رواية لا يدل على اعتقاده بها ويجوز أن يكون إنّما رواها ليعلم لم يشذ عنه شيء من الرّوايات مع استناد الصّدوق في تصحيح الأخبار إلى توثيق شيخه ابن الوليد لرجال سندها قال في باب صوم التطوع وأمّا خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمّد بن الحسن كان لا يصحّحه ويقول إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة وكلما لم يصححه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحّته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهى ودعوى أنّ مراده بالصّحة هو القطع بالصدور وأن مراده أن كلّما لم يقطع ذلك الشيخ بصدوره فهو عندنا غير مقطوع الصّدور وكلّما قطع بصدوره فهو مقطوع الصّدور عندنا بعيدة عن الأنظار المستقيمة والأفهام السّليمة مضافا إلى ما عرفت من أنّ الصّحيح عند القدماء ما كان موثوق الصّدور وإلى ما سنشير إليه من زيادة توضيح لذلك هذا كلّه مع أنّك قد عرفت دعوى الشيخ إجماع الطّائفة على العمل بأخبار الآحاد المجردة عن القرائن القطعيّة ومع ذلك كلّه كيف يدعي القطع بصدور الأخبار المودعة في الكتب الأربعة فضلا عن غيرها من الكتب المعروفة عن الأئمة عليهمالسلام مع أنّ اللاّزم حينئذ أن يروي الصّدوق في كتابه جميع ما رواه الكليني والشّيخ في كتابيه جميع ما روياه وليس كذلك بل ربّما يطعن الصّدوق فيما رواه الكليني بضعف الطّريق والشيخ فيما روياه كما ستقف عليه وبقي الكلام في الجماعة الذين أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم وسنقف على توضيح الحال فيهم إن شاء الله تعالى (ومنها ما ذكره) الأمين الأسترآبادي أيضا من أنا نعلم أنّه كانت عند قدمائنا أصول من زمن أمير المؤمنين عليهالسلام إلى زمان الأئمّة الثّلاثة قدس الله أرواحهم كانوا يعتمدون عليها في عقائدهم وأعمالهم ونعلم علما عاديا أنهم كانوا متمكّنين من استعلام حال تلك الأصول وأخذ الأحكام منهم عليهمالسلام بطريق القطع واليقين ونعلم علما عاديا أنّهم كانوا عالمين بأنّه مع التمكن من القطع واليقين في أحكام الله تعالى لا يجوز الاعتماد على ما ليس كذلك وأنّهم لم يقصروا في ذلك واستمرّ هذا المعنى أيضا إلى الأئمّة الثّلاثة قدّس الله أرواحهم فعلم أنّ تلك الأحاديث كلّها صحيحة باصطلاح القدماء انتهى ويرد عليه أنّه إن أراد القطع بصحّة الأصول الّتي ألّفوها من زمن أمير المؤمنين عليهالسلام إلى زمان العسكري عليهالسلام وكذا الكتب الّتي ألّفوها في زمان الغيبة في الجملة بمعنى حصول القطع بصدور بعض الأخبار المودعة في تلك الأصول والكتب عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام فهو غير مجد في شيء وإن أراد القطع بصحّة الجميع بالمعنى المذكور فلا يتفوّه به عاقل وتتبع الأخبار والآثار وكلمات علمائنا الأخيار يشهد بفساده ولنقدم الكلام فيما دل من كلمات علمائنا