فيه على بيان شطر ممّا يتعلق بأحوال الثّقات من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام فنقول من هؤلاء الثقات أحمد بن محمّد بن عيسى من أصحاب الرّضا وأبي جعفر الثّاني وأبي الحسن العسكري عليهمالسلام قد توقف عن الشّهادة بسماع النّص على أبي الحسن الثّالث عليهالسلام قال أبو الخيراني فدعوته إلى المباهلة فخاف منها فقال قد سمعت ذلك وهي مكرمة كنت أحبّ أن تكون لرجل من العرب فأمّا مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشّهادة وفي تعليقة البهبهاني ذكر هذه الرّواية في الكافي في باب الإشارة والنّص على أبي الحسن الثّالث عليهالسلام وحكي أيضا عن الكشي وغيره وأقول إن هذا الرّجل الثقة الّذي هو من الجلالة والوثاقة بمرتبة عليا كما ذكروه في الرّجال إذا روي في حقّه مثل هذا الأمر المنكر فكيف بحال غيره من الثقات ومعه كيف يدعى القطع بصدقه في جميع ما يرويه في جميع أوقات عمره وعن النّجاشي عدم توثيقه بل قيل وفي بعض المواضع ينقل عنه كلاما فربّما يظهر منه تكذيبه كما في علي بن محمّد بن محمّد بن شيرة ومنهم الحسن بن محبوب السّرّاد الّذي يعدّ من الأركان الأربعة في عصره كما في الفهرست والخلاصة وهو من أصحاب الرّضا عليهالسلام وعن الكشّي قال نصر بن صباح أحمد بن محمّد بن عيسى لا يروي عن ابن محبوب من أجل أنّ أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن أبي حمزة ثمّ مات أحمد بن محمّد فرجع قبل ما مات ومنهم معروف بن خربوز من أصحاب علي بن الحسين والباقر عليهماالسلام وهو من أصحاب الإجماع وقد ورد فيه من المدح والقدح ما هو مذكور في محلّه وكذا بريد بن معاوية العجلي وزرارة وليث المرادي ويونس بن عبد الرّحمن فإن هؤلاء مع جلالتهم في الطّائفة قد ورد فيهم عنهم عليهمالسلام مدح وقدح وأخبار القدح وإن كانت مقدوحة كما ذكر في محلّه إلاّ أنّها تفتح باب الاحتمال سيّما مع كونها مودعة في كتب المشايخ والثّقات كالكشي وأضرابه وجماعة من أصحاب الإجماع فاسد والعقيدة كابن بكير وغيره ومنهم علي بن أبي حمزة من أصحاب الصّادق والكاظم عليهماالسلام وقد صرّح الشّيخ في العدّة بعمل الأصحاب بأخباره وله أصل مع أن في رجال الكشي قال محمد بن مسعود قال أبو الحسن علي بن حسن بن فضال علي بن أبي حمزة كذّاب متّهم وفي رجال النجاشي وهو أحد عمد الواقفيّة وقيل إنّه كان عنده ثلاثون ألف دينار للكاظم عليهالسلام فجحدها وكان ذلك سبب وقفه إلى غير ذلك ممّا ورد فيه من الذّموم ومنهم ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى وهما من أصحاب أبي الحسن موسى والرّضا عليهماالسلام وجلالتهما في الطّائفة أوضح من أن يذكروهما من أصحاب الإجماع وقد ذكر الشيخ أنهما لا يرويان إلاّ عن ثقة مع أنّهما يرويان أصلا لعلي بن أبي حمزة المتقدّم ذكره كما ذكر الشّيخ في أصحاب الكاظم ومنهم السّكوني من أصحاب الصّادق عليهالسلام وقيل عامي وقد ادعى الشّيخ إجماع الطّائفة على العمل برواياته مع أنّ الصّدوق في الفقيه في باب ميراث المجوسي قال لا أفتي بما ينفرد السّكوني بروايته ومنهم غياث بن إبراهيم الّذي وثقه في الخلاصة ورجال النجاشي ويروي عنه ابن أبي عمير وقد عرفت أنّه لا يروي إلا عن ثقة ومال صاحب المدارك وشيخنا البهائي إلى صحّة روايته مع أنّه قد نقل عن ربيع الأبرار للزّمخشري وجامع الأصول لابن الأثير وشرح الدّراية للشّهيد الثّاني ومجمع البحرين أنّه هو الّذي وضع حديث الظائر للمهدي إلى غير ذلك ممّا يجده المتتبّع في كتب الرّجال وغيرها من كتب الأصحاب فإذا كان هؤلاء الأجلاّء الثقات فضلا عن غيرهم ورد فيهم ما عرفته من القدح والذمّ فكيف يدعى القطع في كل ما يرونه في جميع أوقات أعمارهم سيّما مع ملاحظة اختلاف النّاس بحسب الأوقات والأحوال فربّما يكون أحد في أوائل عمره من أورع زمانه وفي أواخره من فساقهم وفي حال الفقر من الصّلحاء وفي حال الغنى من الأشقياء والموثّق ربّما يطلع على حال ورعه وصلاحه دون فسقه وشقاوته وكثير من الأصحاب الأئمّة عليهمالسلام إن لم نقل أكثرهم قد اختلفوا في تعديله وجرحه وكثير منهم مجروحون مع أنّ الجرح والتّعديل مبنيان على الظنون الرّجاليّة أو أخبار آحاد ورد فيهما بلا معارض أو مع ترجيح أحد المتعارضين بالظنون الاجتهادية فلم يبق ممّن ثبتت وثاقته على سبيل القطع بمعنى حصول العلم الجزمي والاعتقاد القطعي بعدم صدور كذب عنه في جميع مروياته وفي جميع أوقاته إلاّ جماعة قليلة إن لم نقل بعدم وجود مثله سيّما مع تمادي الأيّام وانقطاع الأخبار والآثار إلاّ على سبيل نقل الآحاد وانطماس أكثرها واندراس أغلبها لتطاول الأزمان وتمادي أيدي الظّلم والعدوان وعن البيان والتّبيين حدثني إبراهيم بن راحة عن ابن أبي عمير وكان وجها من وجوه الرّافضة وكان حبس في أيّام الرّشيد فقيل ليلي القضاء وقيل بل ليدل على مواضع الشّيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليهالسلام وروي أنّه ضرب أسواطا بلغت منه وكاد أن يقرّ لعظم الألم فسمع محمّد بن يونس بن عبد الرّحمن وهو يقول اتّق الله يا محمّد بن أبي عمير فصبر ففرّج الله عليه وقيل ابن أخته دفنت كتبه في حال استتارها وكونه في الحبس أربع سنين فهلكت الكتب وقيل بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت فحدث عن حفظه وممّا كان سلف له في أيدي النّاس ولهذا كان أصحابنا يسكنون إلى مراسيله وقد صنّف كتبا كثيرة ويحتمل أن تكون في تلك الكتب الهالكة روايات كثيرة تدلّ على وثاقة كثير من الرّواة أو خلافها إذ ليس في العقل ما يمنع ذلك إلا أنّ احتماله يمنع حصول القطع بما ذكرناه ويتضح ذلك زيادة على ذلك بما سنشير إليه من أحوال صاحب الأصول وغيرها وأمّا الثاني فإنّه مع تسليم حصول القطع بصدق الرّواة المعاشرين للأئمّة عليهمالسلام أن تتبع أحوال السّلف والخلف يقضي باستمرار عادتهم واستقرار طريقتهم على العمل بأخبار الآحاد وأن الصّحيح عندهم إلى زمان ابن طاوس ما حصل الوثوق بصدوره عن أحد العترة الطّاهرة عليهمالسلام ويدل على الأوّل ما سيأتي في كلام المصنف رحمهالله من دعوى الشيخ في العدّة والسّيّد الجليل رضي