في إفادة هذه الكثرة العلم ولا ريب أن المتواتر بهذا المعنى لا ينفك عادة عن وقوع المخبر به فيكون نقل التواتر كنقل الاتفاق الذي يلازم عادة موافقة قول الإمام عليهالسلام فإذا أخبر بالتّواتر فقد أخبر بإخبار جماعة أفاد له العلم بالواقع بالملازمة العادية وحينئذ يصحّ القول بحجيّة نقل التّواتر باعتبار كل من المنكشف والكاشف لفرض كونه كما عرفت في الاصطلاح عبارة عن إخبار جماعة يستلزم موافقة الواقع عادة ومن هنا يظهر أنّه لا فرق بين قول الحلّي بتواتر حديث إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وبين نقله ذلك عن الآحاد بعدد يبلغ حدّ التّواتر ثمّ إنا مع تسليم مقالة المصنف رحمهالله من عدم الملازمة بين حجيّة خبر الواحد وحجيّة نقل التّواتر نظرا إلى أنّ ما دلّ على اعتبار خبر الواحد أنّما دلّ على اعتباره فيما كان علم المخبر بالمخبر به مستندا إلى الحسّ أو المبادي المحسوسة الّتي تستلزمه عادة دون الحدس وعلم مدّعي التّواتر بوقوع المخبر به مستند إلى الحدس لا إلى أحد الأمرين على نحو ما قرّره نظير نقل الاتفاق الذي لا يستلزم عادة موافقة قول الإمام عليهالسلام نقول إنّ بين نقل التّواتر ونقل الاتفاق المذكور فرقا من جهة أخرى وهو أن نقل الاتفاق نقل لأداء المتّفقين على الحكم المتّفق عليه ونقل تواتر خبر نقل لإخبار جماعة عن الإمام عليهالسلام أو عن الوسائط بينه وبينهم مع دعوى حصول العلم للنّاقل في المقامين من اجتماع فتاواهم أو أخبارهم فإذا قلنا بعدم دلالة ما دل على اعتبار خبر الواحد على حجيّة إخبار المخبر عن علمه المستند إلى الحدس فهو لا ينفي حجيّة إخباره عن علمه بإخبار الجماعة وبعبارة أخرى أن نقل الإجماع يتضمن الإخبار بأمرين أحدهما علمه بفتاوى العلماء والآخر علمه بموافقة ما اتّفقوا عليه لقول الإمام عليهالسلام وما دل على حجيّة خبر الواحد لا يدل على حجيّة شيء منهما أمّا الأوّل فلعدم ترتب أثر شرعي عليه بعد فرض عدم استلزامه عادة لموافقة قول الإمام عليهالسلام وأمّا الثّاني فلفرض كونه أمرا حدسيّا لا تشمله أدلة أخبار الآحاد ونقل التّواتر أيضا يتضمن الأخبار بأمرين أحدهما علمه بإخبار الجماعة عن الإمام عليهالسلام أو الوسائط بينه وبينهم والآخر علمه بموافقة ما أخبروا به للواقع ولو سلم عدم شمول أدلّة خبر الواحد للثّاني فهو لا يستلزم عدم شمولها للأوّل أيضا لفرض كونه أمرا حسيّا فيكون نقل التواتر من هذه الجهة كنقل الآحاد في إثبات خبر الجماعة عن الإمام عليهالسلام أو الوسائط اللهمّ إلاّ أن يقال إنّ مراد المصنف رحمهالله بقوله أن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيته هو عدم إثبات حجيّة الخبر من حيث كونه متواترا بمعنى عدم إثبات آثار التواتر له فقيد الحيثيّة ملحوظ في كلامه والأولى أن يقال إن مراده أن نقل التواتر في خبر لا يثبت حجيّة هذا الخبر بمعنى أنّ نقل التّواتر فيه لا يصير سببا لثبوت المخبر به شرعا وإن قلنا باعتبار خبر النّاقل لأجل كونه عادلا لأن غايته إثبات خبر الجماعة وهو بمجرده لا يثبت المخبر به لعدم اشتراط شرائط خبر الواحد في إخبار الجماعة في نقل التّواتر فمع عدم اجتماعها فيهم لا يكون إخبارهم حجّة فإذا فرض عدم الملازمة العادية بين إخبارهم وثبوت المخبر به فلا يبقى مقتض لقبول نقل التّواتر مطلقا سواء كان ذلك لأجل كونه نقلا للتواتر أم إخبارا عن جماعة(قوله) كما إذا نذر إلخ هذا يصلح مثالا لكل من قوليه منها ومنها ثمّ إنّ هاهنا فروعا يتفرع على اعتبار الإجماع المنقول أوضحناها في غاية المأمول من أراد الوقوف عليها فليراجع هناك (قوله) أم لم يعرف الخلاف إلخ يمكن الفرق بين الشهرة وعدم الخلاف بأنّ الشّهرة هي فتوى جل الفقهاء المعروفين سواء كانت في مقابلها فتوى غيرهم بخلاف أم لم يعرف الخلاف والوفاق وعدم الخلاف عبارة عن اتفاق من وقفنا على فتواه مع عدم العلم بوجود من عدا من وقفنا على فتواه وبعبارة أخرى يعتبر في الشّهرة إمّا وجود المخالف وإن لم يكن من المعروفين وإمّا وجود من لم تعرف موافقته ولا مخالفته للمعروفين بالفتوى بخلاف عدم الخلاف إذ يعتبر فيه اتفاق من وقفنا على فتواه من دون خلاف ولا العلم بوجود من لا يعرف فتواه بالموافقة أو المخالفة ومن هنا يفارق الإجماع السّكوتي لأنّه عبارة عن فتوى جماعة مع سكوت الباقين بعد الاطّلاع على فتاواهم بأن لم يظهر منهم الرّضا بها ولا إنكارها فيفارق عدم الخلاف في اعتبار استيعاب الجميع في الإجماع السّكوتي ولو مع اعتبار سكوت بعضهم بخلاف عدم الخلاف على ما عرفت ثمّ إنّ الأقوال في المسألة أربعة القول بحجيّتها مطلقا اختاره الشّهيد في الذّكرى وحكى عن الفاضل الاستناد إليها في إثبات الحكم في موضع من المختلف واختاره الخوانساري وولده جمال العلماء بل هو ظاهر كلّ من قال بمقتضى دليل الانسداد في وجه كما سنشير إليه في الحاشية الآتية والقول بعدمها كذلك وعزاه في المفاتيح إلى المشهور ويؤيده ما قيل من أنّ الشّهرة لو ثبتت حجيّتها لزم عدم حجيّتها لأنّ المشهور عدم حجيّتها فيلزم من وجودها عدمها وما يستلزم وجوده عدمه فهو باطل والتفصيل بين الشّهرات المدّعاة قبل زمان الشيخ وبعده بالقول بالحجّية في الأولى ونفيها في الثّانية اختاره صاحب المعالم والتّفصيل بين الشّهرة المقترنة بوجود خبر ولو في كتب العامة وغيرها بالقول بالموجب في الأولى دون الثّانية اختاره صاحب الرّياض في رسالته المفردة في هذه المسألة وحكاه عن الوحيد البهبهاني وبه جمع بين القول بحجيّة الشّهرة وشهرة القول بعدمها بتخصيص الأوّل بصورة وجود الخبر والثّاني بغيرها فإن قلت مع وجود الخبر تكون الحجّة هو الخبر الموجود دون نفس الشّهرة لانجبار ضعفه بها حينئذ قلت إنّها أنّما تجبر ضعف السّند إذا كان الخبر مستندا للمشهور والفرض في المقام عدم العلم بذلك ثمّ إنّي قد بسطت تحرير الأقوال والأدلّة في المسألة في غاية المأمول فمن أراد الوقوف على حقيقة الحال فليراجع هناك (قوله) غير بعيد إلخ فيه نوع إشعار يتردده فيه ولعلّ الوجه فيه إمّا أنّ القول بحجيّة الشّهرة مستلزم لعدم حجيّتها لما صرّح به غير واحد من أنّ المشهور عدم حجيّتها وهذا هو