من حيث التّشريع وما قيل من انّه يرجع الى الحكم السّابق على الوجوب على اطلاقه غير مستقيم لانّ الحكم السّابق على الوجوب قد يكون غير الإباحة وظاهر انّ نسخ الوجوب بمجرّده لا يقتضى عوده ويمكن تنزيله على ما ذكرناه لتقدّم الإباحة عليه فى مواردها عليه ايضا ثمّ خالف قوم فحكموا ببقاء الجواز والظاهر انّهم ارادوا به الجواز بالمعنى الاعمّ كما صرّح به بعضهم ويمكن ان يكون المراد به الجواز بالمعنى الاخصّ كما نصّ عليه بعض المتاخّرين ثم انّ منهم من ذهب الى انّه يقتضى الاستحباب لنا انّ الجواز بكلا نوعية حكم شرعى يستدعى اثباته بدليل يكون ذلك الدّليل صالحا للدّلالة عليه وليس فى الأمر المنسوخ ولو مع النسخ دلالة عليه لما سنبيّن من بطلان ما تمسك به الخصم فى اثبات دلالته عليه وعدم ما يصلح له سواه ولنا ايضا انّه لو دلّ لفظ الأمر عليه كما يراه الخصم لكانت دلالته عليه بالتّضمن باعتبار والمطابقة باعتبار زمان آخر وهو غير جائز وبعبارة آخر لكان تمام ما استعمل فيه الأمر معنا حقيقيا باعتبار زمان ومعنى مجازيا باعتبار زمان آخر وهو لا يستقيم مع اتحاد الاستعمال وببيان اوضح امّا ان يكون المدلول المراد من الأمر ح الكلّ او البعض او كليهما على الاستقلال والاوّل يوجب ارتفاع المدلول بارتفاع بعض المعنى ضرورة انّ الكلّ ينعدم بانعدام الجزء فترتفع الدّلالة لظهور انّها امر نسبيّ بين اللّفظ والمعنى يمتنع وجودها بدون طرفيها والثّانى يوجب ان يكون المستعمل فيه هو الجزء دون الكل وهو خلاف الفرض والثّالث يقتضى استعمال اللّفظ فى معناه الحقيقى والمجازى وقد مرّ فساده وظاهر على تقدير صحّته لا يصار اليه الّا بالقرينة الدّالة على ارادتهما والتقدير انتفائها ولا يتوجّه النقض بنسخ الحكم عن بعض افراد العام لانّ مرجعه امّا الى بيان ما أراده اوّلا فلا يلزم تعذر المراد او الى رفع ما ثبت بالدّلالة دون الدّلالة فلا يلزم تعدد الدّلالة ولا المدلول وامّا انّ الجواز الثّابت فى ضمن الوجوب لا يبقى بعد نسخه فلانّه متقوّم فيه بفصل المنع من التّرك وسنبيّن انّ زوال الفصل مستلزم لزوال الجنس احتج القائلون ببقاء الجواز بانّ المقتضى للجواز موجود وهو المقتضى للوجوب لأنّه جزئه والمقتضى للمركب مقتض لأجزائه ولا مانع منه بحكم الأصل والفرض الّا ما تخيّله الخصم من نسخ الوجوب وهو لا يصلح مانعا لانّ رفع المركب يتحقق يرفع بعض اجزائه فيكفى فى رفع الوجوب دفع احد جزئيه اعنى المنع من الترك فيبقى بقاء الجواز بلا مانع لا يقال جواز الفعل جنس للوجوب كما انّ المنع من الترك فصل له ولا نسلّم بقاء الجنس بعد انعدام الفصل لأنّ الفصل علّة