النّفسيّين انّما هو تنافى قضيتهما وهذا لا يختص بالنّفسيّين بل تجرى فيهما وفى الغيريين والملفّق منهما وهذا على ما نقول به من امتناع الاجتماع واضح وامّا على ما يراه جماعة من المتاخرين من جواز ذلك مع تغاير الجهتين فلانتفائه فى المقام لظهور انّ المأمور به بالأمر النّفسى هو عين النّهى عنه بالنّهى الغيرى وامّا جهته النّفسية والغيرية فهما لاحقتان للأمر والنّهى والاختلاف فيهما لا يوجب تغايرا فى متعلّقهما [الوجه] الرّابع : بانّ الأمر والنّهى يجوز تواردهما على شيء واحد اذا كانا مترتّبين سواء كانا نفسيين او غيريين او مختلفين اذ لا يمتنع عند العقل ان يقول المولى الحكيم لعبده احرّم عليك الكون فى دار زيد مطلقا لكن لو عصيتنى وكنت فيها فانا أوجب عليك ان تكون فى موضع كذا منها فانت حال كونك فى موضع كذا منها منهىّ عن الكون فيه مطلقا ومأمور به بشرط الكون فيها فالمكلّف مامورا ولا بفعل الواجب وترك الضّد لكنه اذا عزم على المخالفة وتحقّق فيه الصّارف عنه وجب عليه فعل الضّد مع بقائه على وصف الحرمة وفيه انّ قضية ما ذكر توجّه الامر المطلق الى المكلّف بعد وجود الصّارف مع توجّه النّهى المطلق اليه لأنّ الواجب المشروط مطلق عند وجود شرطه وضرورة العقل قاضية بامتناع توجّه الامر والنهى الى الشّيء الواحد بالشخص والجهة مطلقا [الوجه] الخامس : بالتزام جواز التّكليف بالمحال اذا كان من قبل المكلّف كما يقول به بعض المتأخّرين فيمنع به الوجه الاول لانّ الرجحان المعتبر فى العبادة انّما هو جهة مطلوبيّتها وهى محقّقة فى فعل الضّد بتعلق الأمر به والتّكليف بالمحال اللّازم فى الوجوه المتأخّرة غير مانع من الأمر بالضّد لاستناده الى المكلّف حيث عصى بترك الواجب وضعفه واضح ممّا سنحققه من انّ التكليف بالمحال محال مطلقا [الوجه] السادس : انّ من فضلائنا المعاصرين من فصّل فى المقام بين ما اذا كان فعل الضّد رافعا لتمكن المكلّف من فعل الواجب وبين عدمه فالتزم بالتّحريم والبطلان فى الاوّل ومنع منها فى الثّانى وحاصل مرامه انّ ايجاب الشّيء انّما يقتضى بحكم العقل والشّرع والعرف ايجاب التهيؤ له فيجب فعل ما يقتضى وجوده وجوده كالسّبب وترك ما يقتضى تركه فعله كترك الحركة المقتضى لتحقق السّكون الواجب وما يقتضى فعله عدم التمكن منه كالمنافيات فالضّد إن كان ممّا يوجب فعله لعدم التمكّن من الواجب كالسّفر المانع من ايصال الحق المضيّق الى صاحبه فهو محرّم وان لم يرفع تمكّنه بل كان فى جميع افعال الضّد متمكنا من تركه واداء الواجب كما لو ترك اداء الحقّ المضيق وتشاغل بالصّلاة فلا يلزم من ايجاب الواجب تحريم مثل هذا الفعل اذ ليس فى تركه مدخلية فى اداء الواجب وفيه نظر لأنّه ان اراد انّ التمكن من الفعل شرط فى بقاء التكليف فيجب ابقائه والمحافظة عليه لذلك فهذا فاسد قطعا لانّ ابقاء التكليف غير واجب بالنّظر الى نفس التكليف فضلا عن