السّيّد على اشتراكها لغة بين الوجوب والنّدب باستعمالها فى كلّ منهما والأصل فى الاستعمال الحقيقة وعلى كونها حقيقة فى الوجوب فقط فى عرف الشرع حمل الصّحابة والتّابعين اوامر الكتاب والسّنة عليه من غير نكير والجواب : عن الاول ما حققناه سابقا من انّ المجاز اولى من الاشتراك وانّ الاستعمال اعمّ على انّا قد بيّنا فى المقام ما يوجب الخروج عن الأصل المذكور على تقدير صحّته وعن الثّاني بانّ حملهم ايّاها على الوجوب لا يقتضى ان تكون موضوعة للوجوب بخصوصه على ما عرفت تذنيب : استشكل بعض متأخّري اصحابنا فى الحكم بوجوب شيء بمجرّد الأمر به فى احاديثنا المرويّة عن الأئمة نظرا الى شيوع استعماله فى عرفهم فى النّدب حتى صارت من المجازات الرّاجحة المساوى احتمالها لاحتمال الحقيقة وهذا الأشكال ضعيف لانّ المجاز لا يكافئ الحقيقة بمجرد الاشتهار لا سيّما اذا كان الاشتهار بالقرينة فانّ الوضع يرجح الحقيقة والقرينة توهن اثر الشّهرة بل وان بلغت الشهرة حدّ الحقيقة او رجّحت عليها فى الجملة وشهرة استعمال الامر فى النّدب فى الأخبار المأثورة على تقدير ثبوتها ممّا لا جدى وفيه ما لم يثبت الاشتهار بحسب الواقع وهو غير واضح لجواز عدم نقل جميع الأوامر الايجابية الينا بل الاهتمام بشأن الواجبات يقتضى تكرّر الأمر فى شأنها اضعاف ما ورد فى المندوبات والتحقيق فى الجواب المنع من حصول الاشتهار المؤدّى الى ذلك تنبيهات : [التنبيه] الأوّل : مفاد الامر فرد من الطّلب او الالزام
يوقعه الأمر والطّلب عند التّحقيق نفس ارادة الفعل من الغير والإلزام نوع منه هذا هو المعروف بين اصحابنا وذهبت الأشاعرة الى انّه يغاير الارادة وقد يفارقها وربّما ساعدهم بعض المتاخّرين على الأول وخالفهم فى الثّانى لنا انّ الضّرورة قاضية بعدم الفرق فى محصّل المعنى بين قولنا اريد منك كذا وقولنا اطلب منك كذا وافعل كذا والمنازع مكابر لا يلتفت اليه وانّما قلنا فى محصّل المعنى لانّ اريد واطلب يدلّان على مفهوم الارادة الكلّية الملحوظة على الاستقلال وصيغة الأمر انّما تدل على ذلك باعتبار كونه آلة لملاحظة حال المادّة كما هو فى الشّأن فى دلالة الأفعال على معانيها الحدثيّة كالزّمان والنّسبة لكن لا يوجب الفرق فى محصّل المعنى ثمّ انّ الأشاعرة نفوا كون مدلول الأمر نفس الإرادة ولم يبيّنوا له معنى وربّما فسّر بعض من وافقهم بانّه نوع من الميل وهو غير واضح [التنبيه] الثاني : الفرق بين الوجوب والإيجاب واللّزوم والإلزام اعتبارى فانّ الصّادر عن الامر امر واحد ان قيس اليه باعتبار صدوره عنه كان ايجابا والزاما وان قيس الى الفعل باعتبار قيامه به كان وجوبا ولزوما فهما متّحدان ذاتا ومتغايران اعتبارا ولا ينافى ذلك كون الإيجاب من مقولة الفعل والوجوب من مقولة الانفعال لانّا لا تريد