مِنْ قَبْلِكُمْ) الى غير ذلك واذا ثبت انّ هذه الماهيات كانت فى الشّرائع السّابقة ثبت كون هذه الألفاظ حقيقة فيها فى لغة العرب فى الزّمن السّابق لتديّنهم بتلك الأديان وتداول الفاظها بينهم وعدم نقل لفظ آخر منهم بازائها ولو كان لقضت العادة بنقله ولا يقدح وقوع الاختلاف فى ماهيّاتها وان قلنا بان مسمياتها الماهيّات الصّحيحة لانا نلتزم بانّها موضوعة بازاء القدر المشترك الصّحيح فيكون الاختلاف فى المصاديق حجّة القول الأوّل [بالإثبات] وجوه [الوجه] الاوّل : القطع بانّ الصّلاة والصّوم والحجّ اسماء لمعانيها الشّرعيّة لتبادرها منها عند الإطلاق وذلك لا يكون الّا بنقل الشّارع ايّاها والجواب : انّ المتبادر المدّعى ان كان بالنّسبة الى زمان اهل الشّرع فمسلّم لكنّه لا يثبت به الّا الحقيقة عندهم وان كان بالنّسبة الى زمان الشّارع فممنوع [الوجه] الثّانى : انّ هذه المعانى ممّا تشتدّ
الحاجة الى ايرادها والتّعبير عنها فمقتضى الحكمتان يضع الشّارع بازائها الفاظا ليستغنى به عن القرينة مع انّ فى الوضع من السّلامة من الإخلال بالفهم ما ليس فى القرينة اذ ربّما تخفى فيختلّ فهم المقصود ثم اذا ثبت الوضع فليس الموضوع الّا هذه الألفاظ المتداولة على السنة اهل الشّرع وذلك ظاهر والجواب : انّ مرجع هذا الوجه الى الاستحسان ولا تعويل عليه سيّما فى اثبات الوضع مع انّه لا يقتضى خصوص الوضع بل ما يوجب الغناء عن تكرير القرينة ولو ينصب قرينة عامة [الوجه] الثالث : الاستقراء فانّا تتبعنا استعمالات الشّارع لهذه الألفاظ فوجدناه يستعملها غالبا فى معانيها المخترعة عنده وذلك يفيدنا الظّنّ بانّه قد بنى من اوّل الأمر على النّقل ألا ترى انّا نحكم على الألفاظ المتداولة فى عرف ارباب العلوم والصّنائع بانّها منقولات عندهم بمجرّد غلبة استعمالهم اياها فى معاينها المخترعة عندهم والجواب : انّ غلبة الاستعمال لا يوجب البناء على النّقل لجواز البناء على التّجوز فان رجّح الاوّل بانّه اوفق بالحكمة رجع الى اثبات الوضع بالاستحسان وقد مرّ فساده ولا يذهب عليك ان هذا الاستقراء ليس بالاستقراء الذى ذكرنا انّه حجّة فى مباحث الألفاظ [الوجه] الرّابع : نقل جماعة من العلماء وقوعها والظّاهر انّ هذه المسألة لغوية يكتفى فيها ينقل الواحد فضلا عن المتعدّد لا يقال هذا النّقل معارض بنقل عدم وقوعها لأنّا نقول المثبت مقدّم على النّافى والجواب : انّ مستند النّاقلين لمّا كان بعض الوجوه المتقدّمة او الآتية وهى لا تنهض دليلا على الأثبات لم يتّجه الاستناد الى نقلهم [الوجه] الخامس : انّ علماء الأعصار لا يزالون يحملون هذه الألفاظ على معانيها الشّرعية ويستدلّون بها فى موارد الحاجة ومواضع الخلاف من غير نكير وذلك اجماع منهم والجواب : انّ الاجماع المدّعى ان كان بالنّسبة الى المثبتين فسلّم لكن لا يثبت به الدّعوى وان كان بالنّسبة الى المنكرين ايضا فممنوع حجّة من فصّل بين ألفاظ العبادات وغيرها انّ العبادات ماهيات مخترعة فى الشرع بخلاف المعاملات وتوابعها كالبيع والصّلح والهبة والدّين والرّهن والإجارة والعارية والوديعة والغصب والقصاص