اتيان ما شكّ فى حرمته ومن هذا تقدم الاستصحاب على اصل البراءة فى صورة العلم الاجمالى بثبوت التكليف الواقعى كما فيما نحن فيه لفرض قضاء الضّرورة بترتب العقاب على طرح جميع الظنون وبالجملة لو لم يبين التكليف الواقعى لكن ثبت بالخارج بدليل معتبر لزوم امتثال التكليف الغير المبين مع فرض امكان الامتثال لا فى قبح فى العقاب على ترك امتثال التكليف المشار اليه ومن هذا الباب ما نحن فيه وليس حاله الا حال ورود النصّ بوجوب الاحتياط فيما لم يبين فيه التكليف وان قلت فعلى ما ذكر لا بد من القول بوجوب الاحتياط فى باب الشك فى الجزئية واختيها مع انك تجرى على حكومة اصالة البراءة قلت انّه من جهة عدم ثبوت العقاب على ترك الماهيّة الجملة لو كان الترك فى ضمن المشكوك فيه بابداء التكليف المتوسّط على ما حرّرناه فى محلّه وتحرير الكلام فى المقام على الوجه الاتم من التمام ان اصل البراءة اما ان يقصد التمسّك (١) فى دفع مطلق التكليف المشكوك فيه وعلى التقديرين اما ان يقصد التمسّك باصل البراءة فى دفع التكليف باصل الفعل او التّرك بسيطا كان الفعل او كان مركبا او يقصد التمسّك به فى دفع التكليف بمتعلّقات الفعل فعلا فى الجزء المشكوك فيه او الشّرط المشكوك فيه والتّرك فى المانع المشكوك فيه اما على الاوّل فمجرّد قبح العقاب بلا بيان لا يكفى فى دفع التّكليف الواقعى المشكوك فيه بل لا بدّ من عدم ثبوت العلم الاجمالى بالتّكليف متردّدا بين الواقعة وامثالها والّا فلا مجال للعمل باصل البراءة لا فى بعض الوقائع ولا فى الكلّ لعدم حكم العقل بقبح العقاب بل حكمه بعدم جواز العمل باصل البراءة لا فى البعض ولا فى الكل كما انه لا بدّ من عدم قيام الدّليل المعتبر على وجوب الاحتياط فى موارد الشكّ فى التّكليف ولو لم يثبت العلم الاجمالى بالتّكليف والّا فلا مجال ايضا للعمل باصل البراءة لعدم حكم العقل ايضا بقبح العقاب فى الباب بل حكمه بجواز العقاب على ترك الامتثال بلا ارتياب لكن الآيات والاخبار الدالّة على جواز العمل باصل البراءة على الدلالة يتطرّق التّعارض بينها وبين الدّليل الدّال على وجوب الاحتياط بناء على ظهور الآيات والاخبار فى نفى التكليف الواقعى الغير الثابت بالخصوص لكون الامر من باب نفى الملزوم واثبات اللازم كان يقال الشّمس ليست بطالعة والعالم مضى لكون وجوب الاحتياط من باب ثبوت التكليف الواقعى فعلا واما بناء على عموم الآيات والاخبار للتّكليف الظّاهرى فيتاتى التّعارض بينها وبين الدّليل الدال على وجوب الاحتياط بالنّسبة الى التكليف الواقعى وامّا بالنّسبة الى الاحتياط من حيث انه تكليف ظاهرىّ فالدّليل الدّال على وجوب الاحتياط مقدّم على الآيات والاخبار والامر من باب انتفاء موضوع اصل البراءة كما هو الحال لو دلّ دليل على التّكليف الواقعى لكن لا جدوى فى التقدّم المشار اليه والمرجع الى التّعارض اذ العمدة هى التّكليف الواقعى المجهول والاحتياط تابع له فلما فرض تطرّق التعارض بالنّسبة الى التّكليف الواقعى فيتاتى التّعارض فى الاحتياط ايضا اذ الآيات والاخبار لو اقتضت عدم وجوب التكليف الواقعى فمقتضاه عدم وجوب الاحتياط ايضا بخلاف الدّليل القائم فرضا على وجوب الاحتياط وبوجه آخر هاهنا يكون اثبات الحكم الظّاهرى تابعا لاثبات الحكم الواقعى ولما كان اثبات الحكم الواقعى مورد التّعارض فلا يتمكن الحكم الظّاهرى من الاستقرار حتّى يقدم على اصل البراءة واما على الثّانى فان ثبت تطرق العقاب على ترك المركب فى حال امتناع العلم مطلقا فلا بدّ من الاحتياط وامّا العبادات المتعارفة فلا مجال فيها للعمل باصل البراءة فى موارد الظنّ لقيام الاجماع على حجيّة الظنّ ولو فى الجملة كما انه لا مجال لوجوب الاحتياط فى موارد الشكوك الملغاة الظّنون المنهىّ عنها واما فيما عدا ما ذكر فيتاتى العمل باصل البراءة بملاحظة عدم وجوب الاحتياط فى موارد الشكوك والظّنون المشار اليها لاقتضائه عدم المضايقة عن ترك المركب لو كان تركه بترك ما تعلق اليه بعض تلك الشكوك والظّنون فى الجزء والشّرط او الاتيان به فى المانع واحتمال كون الحال فى الشكّ المشكوك الغائه على حال الشكّ الثّابت الغائه والظنّ المنهىّ عنه وايضا لا مجال للعمل باصل البراءة فى موارد الظنّ لقيام العلم الإجمالي بمطابقة كثير من الظّنون للواقع اعنى قيام العلم الاجمالى بمطابقة الظنّ فى كثير من متعلّقات الصّلاة مثلا اى الجزء والشّرط والمانع للواقع بناء على اطّراد وجوب الصّلاة الواقعيّة فى حقّنا لا كون وجوب العمل بما تادى اليه ظن المجتهد من باب التّكليف الثانوى الثّابت بالاجماع بناء على عدم شمول اطلاق الامر بالصّلاة لصورة امتناع العلم او امتناع الشّمول لوضوح ان الاجماع على حجيّة ظن المجتهد من باب احراز الصّلاة الواقعيّة الّتى امر بها الحاضرون لشمول الامر بها
__________________
(١) به فى دفع التّكليف الواقعى المشكوك فيه والفراغة فى واقعة الابتلاء او يقصد التمسّك به