ينافى مراعاة الاحتياط لو كان القول به منافيا للقول بالاحتياط وعلى اىّ حال يتطرق القدح فيه بان قصد الوجه انما يكون واجبا لو كان معرفة الوجه بوجه معتبر والمفروض عدم ثبوت اعتبار الظن بالوجه فالقول باعتبار قصد الوجه لا يعمّ المقام فلا يضرّ ترك قصد الوجه بالاحتياط فى المقام مع ان القول باعتبار قصد الوجه انما هو فى اصل العبادة لا فى اجزائها كيف لا ومحل قصد الوجه انما هو محل قصد القربة ولا خفاء فى انّ محل قصد القربة هو المجموع فجزء العبادة لا يقصد به القربة فضلا عن الوجوب ووجوب اصل العبادة ثابت بالقطع غالبا فالقول باعتبار قصد الوجه لا يرتبط بقراءة السّورة وان قلت فعلى ذلك لا باس بالصلاة الى اربع جهات فى قبلة المتحيّر مثلا بناء على اعتبار قصد الوجه مع انه لا يتاتى فى قصد الوجه فى مثلها كما هو معروف قلت انه لا بدّ فى قصد وجه الماهيّة من الوجوب او النّدب كقصد التقرّب بها من الظنّ او القطع بانطباق المفرد المتشخص بالاتيان مع الماهيّة والا لكفى قصد وجه الصّلاة او التقرّب بها والاتيان بالزكاة مثلا بعد ذلك وفى الصّلاة الى اربع جهات لا ظنّ بالانطباق فضلا عن القطع نعم يتاتى القربة من باب داعى احتمال الانطباق وغيره ممّا حرّرناه فى محلّه وامّا قراءة السّورة فبعد عدم احتمال افسادها فرضا فلا باس بقصد الوجوب بالماهية والمجموع وان كان الاتيان بالسّورة من باب الاحتياط لانطباق الطّبيعة على الفرد المتشخص بوجودها به لو كان السّورة واجبة او بوجودها فى ضمنه لو لم تكن واجبة فلا مجال لسراية الشك فى وجوب السّورة الى الشّك فى حصول الماهيّة الواجبة بالفرد المتشخّص ووجوب المجموع فى الجملة نعم لو احتمل افساد السّورة فلا مجال لقصد الوجه كما انه لا مجال لقصد القربة المقدّمة الرابعة عشر انه هل يجوز البناء على اصل البراءة فى جميع وقايع انسداد باب العلم مع فرض بقاء التكليف بحسب الوقائع وعدم ثبوت نصب الطّريق ام لا صرّح جماعة بالقول بالثانى وهو مقتضى الاستدلال بدليل الانسداد من صاحب المعالم وغيره لابتنائه على بطلان العمل باصل البراءة فى الوقائع المشار اليها واحتمل الفاضل الخوانساري فى تعليقاته على تعليقات الباغنوى القول بالاول حيث انه اورد على دليل الانسداد بان انسداد باب العلم بالاحكام الشّرعية غالبا لا يوجب جواز العمل بالظن فيها لجواز ان لا يجوز العمل بالظن اصلا فكل حكم حصل العلم به من ضرورة او اجماع يحكم به وما لم يحصل العلم به يحكم فيه باصالة البراءة لا لكونها مفيدة للظنّ ولا للاجماع على وجوب التمسّك بها بل لان العقل يحكم بانه لا يثبت التكليف علينا الا بالعلم او ظنّ يقوم على اعتباره دليل يفيد العلم ففيما انتفى الامر ان فيه يحكم العقل ببراءة الذمّة عنه وعدم جواز العقاب على تركه لا لانّ الاصل المذكور يفيد ظنّا حتّى يعارض بالظنّ الحاصل من اخبار الآحاد بخلافها بل لما ذكرنا من حكم العقل بعدم لزوم شيء علينا ما لم يحصل العلم لنا به ولا يكفى الظنّ به ويؤكّد ذلك ما ورد من النّهى عن اتباع الظنّ وعلى هذا ففيما لم يحصل على احد الوجهين وكان لنا مندوحة عنه كغسل الجمعة مثلا فالخطب سهل اذ يحكم بجواز تركه بمقتضى الاصل المذكور وامّا فيما لم يكن مندوحة عنه كالجهر بالتّسمية والاخفات بها فى الصّلاة الإخفاتية الّتى قال بوجوب كلّ منهما قوم ولا يمكن لنا ترك التّسمية فلا محيص لنا عن الاتيان باحدهما فيحكم بالتخيير فيهما لثبوت وجوب اصل التسمية وعدم ثبوت خصوص الجهر والاخفات فلا حرج لنا فى شيء منهما وعلى هذا فلا يتم الدليل المذكور لانا لا نعمل بالظن اصلا فلا يتمشى ان يقال ان الظنّ الحاصل من اخبار الآحاد لا يقصر عن الظنّ الّذى عملتم به بل كثيرا ما يكون اقوى لكن لا يخفى ان العمل بهذه الطريقة وترك اخبار الآحاد فى جميع الاحكام مع حصول الظنّ القوى بها فى كثير منها جرأة عظيمة وجرى على القول بذلك بعض من تاخر استدلالا بوجهين احدهما حكم العقلى القطعى بذلك فانا لو فرضنا انفسنا واقعة عند الله تعالى فى يوم الحشر ويسأل عنّا انكم لم عملتم باصل البراءة وما عملتم باصل الاشتغال فنجيب بانا بذلنا جهدنا فلم يحصل لنا العلم بوجوب العمل بهذا الظنّ وكونه حجّة ودليلا لنا وكنا عالمين فى حقّك بانك لا تكلّف نفسا بما لا يعلم ولا بشيء لم تنصب عليه دليلا ومنه العمل بالمظنون هذا مضافا الى ما وصل الينا من كتابك الكريم والاخبار المنسوبة الى حججك من ذم العمل بالظنّ والنّهى عن التدين بما لا يعلم وعدم اشتغال الذمّة فى صورة عدم العلم فلهذا عملنا بالاصل فما يقول الله سبحانه لنا وهل يجوز مؤاخذتنا وعذابنا لاجل ذلك حاشا وكلّا لو لا حكم العقل بذلك لتوجّه المؤاخذة والعذاب فقد ثبت بذلك جزم العقل