لتعذر العلم التفصيلى وعدم امكان التوقف فان قيل ان العمل بالاصل والخبر لا من حيث الظنّ بل من حيث هو لا يكون عملا بغير العلم فلا دلالة فى الآيات والاخبار على النّهى عنها قلت ان العمل بهما ان كان من جهة دليل علمىّ من عقل او نقل على وجوب اتباعهما وكون مقتضاهما حكما ظاهريّا لنا فهو فرع وجود الدلالة الكذائية وبعد فرض وجودها يكون مخرجا عن اصل وجوب الاحتياط ولا ينافيه بوجه اذ المراد بان الاصل الاولى هو وجوب الاحتياط هو ان الاحتياط واجب لو لا هناك ما يدلّ على كفاية ما عدا الاحتياط ممّا لا يفيد العلم بالواقع وان كان لمجرّد الاحتمال او دلالة دليل ظنى عليه وهو عين العمل بما عدا العلم فيكون منهيّا عنه كما لا يخفى لا يقال ان العمل بالاحتياط ايضا عمل بما عدا العلم لان المفروض عدم العلم بوجوب اتباعه لا ما نقول هذا فاسد لضرورة انه لا يقال للمحتاط فى العرف والعادة انه عمل بغير العلم ألا ترى ان الطبيب لو امر اتباعه وتلامذه عن اتباع غير العلم فى المعالجات فعملوا بالاحتياط عند تعذر العلم التفصيلى لا يكونون مخالفين ولا مؤاخذين فى ذلك ولا يصدق عرفا انّهم عملوا بغير العلم والسرّ فى ذلك واضح وهو ان المتبادر من العمل بغير العلم هو اتباع ما لا يأمن عن الضّرر واحتمل كونه مخالفا للواقع ومن المعلوم ان الاحتياط ليس كذلك اقول انّه يتاتى الكلام فى النّواهى المشار اليها ايضا النّهى عن العمل بغير العلم لا حاجة فى دلالته على الامر بالعمل بالعلم الى دلالة النّهى عن الشيء على الامر بالضدّ الخاص حتى يتاتى الكلام فى الدلالة وانما يدل على الامر بالعمل (١) من قبيل مفهوم ورود النّفى على القيد اذ النّفى فى الورود على القيد نظير دلالة قوله سبحانه ومن لم يحكم بما انزل الله على الحكم بغير ما انزل الله من باب ورود النفى على القيد وان كان اعم من عدم الحكم لكن الظّاهر من العلم هو العلم التفصيلى سواء كان الدلالة على الامر بالعمل بغير العلم من باب المفهوم او دلالة النّهى عن الشيء على الامر بالضدّ فلا دلالة فى النّواهى على الامر بالعمل بغير العلم من باب المفهوم او دلالة النهى عن الشيء على الامر بالضدّ فلا دلالة فى النّواهى على الامر بالعمل بالاحتياط من باب عموم العلم المامور بالعمل به للعلم الاجمالى فضلا عن الدلالة على الامر بالاحتياط بالخصوص والظاهر ان المستدل لا يقول به ايضا وغرضه الدلالة على الامر بالاحتياط من باب عموم العلم للعلم الاجمالى ويمكن ان يقال ان ادّعاء انحصار المفهوم فى العمل بالعلم التفصيلى بواسطة ظهور العلم فى المنطوق فى العلم التفصيلى لا باس به لكن الامر بالعمل بضدّ ما عدا العلم التفصيلى المستند الى النّهى عن العمل بما عدا العلم التفصيلى قضيّة ظهور العلم فى جانب النّهى ظاهرا فى العلم التفصيلى على حسب الفرض فالتمسّك باقتضاء النّهى عن الشيء الامر بالضدّ نافع لحال المستدلّ ولا ينفع بحاله التمسّك بالمفهوم لكن نقول انّه لو اختصّ العلم فى جانب النّهى بالعلم التفصيلى على حسب فرض ظهور العلم فى العلم التفصيلى فالمنهىّ عنه اعمّ من العمل بالعلم الاجمالى فالمأمور به يختصّ بالعمل بالعلم التّفصيلى ويمكن ايضا ان يقال بعد الاغماض عن عدم اعتبار مفاهيم الكتاب ان مفهوم ورود النفى على القيد يقتضى فى الباب عدم حرمة العلم ولا يقتضى وجوب العمل به قضيّة ان المفهوم فى جميع الموارد انما يقتضى رفع الحكم المنطوقى ولا يثبت ضدّا مخصوصا من اضداد الحكم المنطوقى مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فلا يثبت بالمفهوم ازيد من عدم وجوب اكرام زيد على تقدير عدم المجيء فلا يثبت حرمة الاكرام على تقدير عدم المجيء كما لا يثبت به الاستحباب او الكراهة او الاباحة والفرق بين المفهوم والتخصيص ان التخصيص يحصل بمجرّد اخراج الخاص عن تحت العام وكون الحكم فى الخاصّ مسكوتا عنه وان يقتضى التخصيص فى بعض الأحيان مخالفة حكم الخاصّ للعام كما فى الاستثناء بناء على كون الاستثناء من الاثبات نفيا وبالعكس وتقتضى فى بعض الاحيان ثبوت ضدّ حكم العام كما فى المخصّص المنفصل فى بعض الاحيان كما لو قيل اكرم العلماء ثمّ قتل لا تكرم زيدا والّا فلو قيل اكرم العلماء ثمّ قيل لا يجب اكرام زيد فلا يقتضى التخصيص ازيد من مخالفة حكم الخاص لحكم العام فالمدار فى التخصيص على الاخراج بشرط وامّا المفهوم فالمدار فيه على مخالفة حكم الموضوع الغير المذكور لحكم الموضوع المذكور اعنى ارتفاع حكم الموضوع المذكور فى الموضوع الغير المذكور وان لم يثبت ضدّ مخصوص من اضداد حكم الموضوع المذكور للموضوع الغير المذكور ولا ينتقض الأمر فى المفهوم عن ذلك فلا مجال لكون حكم الموضوع الغير المذكور مسكوتا عنه بناء على ثبوت المفهوم وبوجه آخر المدار فى التخصيص على انتفاء الحكم الجزئى المتقوم بالقضيّة الشخصيّة والمدار فى المفهوم على انتفاء الحكم الكلى اى انتفاء الحكم واقعا وممّا ذكر جواز الجمع بين التخصيص بالصّفة فى نحو اكرم العلماء مع القول
__________________
(١) بالعلم