جرى الامر فى جميع الشرائع السابقة بالنّسبة الى التكاليف الشّرعية وطريقة الناس كافة على العمل بالظن فى التكاليف الشّرعية والعرفية ويكشف ما ذكر عن عدم قضاء العقل بلزوم الاحتياط مع قيام الظن كما فى المقام نعم طريقة الناس مختلفة فى موارد العلم الاجمالى مع عدم الظنّ فى البين بكون الامر من باب صرف الشك فى باب الشّبهة الموضوعيّة بالنّسبة الى الوجوب والحرمة حيث ان طريقتهم فى الواجبات ليست جارية على الاحتياط بالكليّة لكن طريقتهم فى المحرّمات فى الشّبهة المحصورة على الاحتياط بالكلية لكن طريقتهم فى المحرّمات فى الشّبهة المحصورة على الاحتياط وان قلت انه بعد فرض العلم الاجمالى بالتكليف الواقعى لا مجال للقناعة بالظن لحكم العقل بلزوم التّفريغ اليقينى بعد الاشتغال يقينا قلت ان الغرض من العلم الاجمالى بالتكليف (١) الواقعى فى الجملة قبال التّرك بالكليّة والمفروض احتمال حجية الظن فلا منافاة فى طريقة الناس لحكم العقل نعم لو ثبت الاشتغال بالواقع لا مجال للقناعة بالظّن الّا انه يستلزم كون الظن ممنوعا عن العمل به كالقياس وهو خلاف المفروض وان قلت ان المفروض بقاء التكليف بالواقع على ما هو عليه قلت قد تقدم ان التكليف بالواقع على ما هو عليه من باب الحكمة والمصلحة لا استدعاء وقوع الواقع المكلّف به فى الخارج لفرض تحصيل الفراغ بغير العلم كما فى صورة المخالفة مع الواقع فى ازمنة الحضور وان قلت انّه يتاتى استصحاب الاشتغال قلت ان الكلام فى حكم العقل والاستصحاب من باب النصّ اللهمّ إلّا ان يقال ان الكلام فى الاصل الاولى (٢) اعمّ من ان يكون مستفادا من العقل او غيره وبعد هذا اقول انّه لما كان الظنّ غير ثابت الاعتبار فهو فى حكم الشّك فقد يكون الامر من قبيل الشك فى التكليف كما فى قيام الشّهرة على وجوب الاستبراء وقد يكون الامر من قبيل الشّك فى المكلّف به كما لو قام الشهرة على جزئية شيء لعبادة او تردّد الوجوب بين المتباينين وكان الشّهرة فى احدهما فعلى الاوّل لما علم ثبوت التكاليف اجمالا فيختلف الحال فى موارد الظنّ بالتّكليف مع سائر موارد اصل البراءة من موارد الشكّ فى التّكليف نعم قد استدلّ الاخباريّون على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى التكليف فى شبهة الحرمة بثبوت العلم الاجمالى لكن اوردنا عليه بالمنع من العلم الاجمالى فى محله وعمدة يجارى اصل البراءة الشّك فى الحرمة ومنشأ اختلاف حال العلم الاجمالى اثباتا ونفيا بالنّسبة الى موارد الشكّ والظنّ هو كثرة موارد الظنّ وقلّة موارد الشك كما يرشد اليه ما عن المحدّث الحرّ فى الفوائد الطوسيّة من ان اجتناب الشّبهة فى نفس الحكم الشّرعى امر ممكن مقدور لان انواعه قليلة لكثرة الانواع الّتى ورد النصّ (٣) بحرمتها وجميع الانواع الّتى يعمّ بها البلوى منصوصة وكلّ ما كان فى زمان الائمّة عليهم السّلم متداولا ولم يرد النّهى عنه فتقريرهم فيه كاف ومن ذلك ما اوردنا فى محلّه على ما استدلّ به على اصالة البراءة فى باب الشّك فى الحرمة من القطع بان المسلمين ما كانوا يتوقفون فى كلّ واحد واحد من حركاتهم وسكناتهم فى كل واحد من اعضائهم وكذا فى سمعهم وبصرهم وذوقهم ولمسهم وسمهم وماكولهم ومشروبهم ومحل جلوسهم ومشيهم الى غير ذلك ممّا يصير متعلّقا للحكم بخروج ما ذكر عن مورد النّزاع لقيام القطع والضّرورة على جوازها وبما سمعت ظهر لك ان العلم الاجمالى بالتكليف انما هو فى موارد الظنّ بالوجوب والحرمة دون موارد الشكّ فى التكليف لكن يمكن ان يقال ان موارد الشكّ فى التكليف وان خلت بخصوصها عن العلم الاجمالى لكنها من اطراف العلم الإجمالي كموارد الظنّ بالتكليف فيجب فيها الاحتياط الّا انه يندفع بانّه لو ثبت اعتبار الظنّ عموما او خصوصا فيتاتى العمل باصل البراءة فى موارد الشّك ولو كانت من اطراف العلم الاجمالى اذ وجوب الاحتياط فى جميع اطراف الشّبهة من باب عدم جواز البناء على ثبوت التكليف فى بعض اطراف الشّبهة للزوم التّرجيح بلا مرجح لكن اذا ثبت الترجيح من باب اعتبار الظنّ فلا مجال لوجوب الاحتياط فى موارد الشك الا على تقدير ثبوت العلم الاجمالى فيها بالخصوص وهو غير ثابت نظير انّه فى باب الشّبهة المحصورة لو قام البيّنة على حرمة بعض اطراف الشبهة لا يبقى وجوب الاجتناب فى الباقى بعد فرض وحدة الحرام المشتبه ومع هذا لو كان الامر على ذلك يلزم الاحتياط فى موارد الشّك فى التكليف وهو خلاف اتفاق المجتهدين فى شبهة الحرمة وخلاف اتفاق المجتهدين والاخباريين فى شبهة الوجوب فدعوى العلم الاجمالى بالتكليف على وجه يعمّ موارد الشكّ فى التكليف ينافى ما ذكر من الاتفاق كما انه لا مجال على ذلك للتمسّك لاصالة البراءة فى باب الشك فى التكليف بقبح العقاب ما لم يصل البيان لفرض وصول البيان الاجمالى وفيه الكفاية كيف لا والظنّ فى حكم الشكّ قضيّة عدم ثبوت اعتبار الظنّ فليس العمل
__________________
(١) انما هو العلم الاجمالى بالتكليف
(٢) والاصل الاولى
(٣) باباحتها والانواع الّتى ورد النصّ